إسرائيل تتهم مصر بـ«ازدواجية المعايير» في وكالة الطاقة الذرية

نائب وزير الخارجية المصري لـ«الشرق الأوسط»: هم متوترون فقط بسبب زيادة الضغط عليهم

TT

شنت إسرائيل هجوما شديدا ضد مصر، متهمة إياها بازدواجية المعايير، مؤكدة أن مصر لا تمتثل شخصيا للمعايير التي تنادي بتطبيقها، مضيفة أن مصر أصبحت تتعامل بمبدأ «زيد يرث وعمر لا يرث».

جاء ذلك في بيان تلاه باسم الحكومة الإسرائيلية شاؤول شوريد، مدير هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية، صباح أمس، أمام المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في دورته الـ54 المنعقدة هذا الأسبوع بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا.

وجاء في كلمة المندوب الإسرائيلي أن مصر تخلت عن مواقفها التي ضمنت ولمدة 14 عاما إجازة قرار بالإجماع ودون خلاف، دأبت مصر على عرضه أمام المؤتمر العام للوكالة، تحت عنوان «تحقيق اتفاقات الضمان النووي في منطقة الشرق الأوسط» إلا أنها وللأسف، أي مصر، عملت على فقدان ذلك التوافق عندما فقدت اهتمامها بتحويل المنطقة لغير نووية، مضيفا أن المغزى والأهمية أصبحت عند مصر هي انتقاد إسرائيل، مواصلا أن مصر نفسها ورغم أنها راعية لذلك القرار الخاص بتطبيق الضمانات بمنطقة الشرق الأوسط (مشروع قرار تقدمه مصر للمؤتمر العام منذ الثمانينات ولا يذكر إسرائيل بالاسم، مما جعله يحظى بالإجازة إجماعا، ثم مؤخرا بدأ يعرض على التصويت ويفوز مع تصويت إسرائيل ضده وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت)، لا تمتثل شخصيا لقرارات الوكالة وتحجم عن التصديق لتصبح أفريقيا منطقة خالية من السلاح النووي، داعيا مصر إذا رغبت حقا في تحويل منطقة الشرق الوسط إلى منطقة خالية من السلاح النووي إلى الحوار بدلا من هذه الحملة السياسية المثارة ضد إسرائيل، شاكيا من تمييز سياسي حقيقي ضد إسرائيل سيقلل من فرص تحقيق منطقة شرق أوسطية غير نووية.

في سياق موازٍ، أكد المندوب الإسرائيلي حق بلاده السيادي في أن توقع أو لا توقع اتفاقات الضمان النووي، منكرا أن يكون لهذا الشأن بالذات علاقة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية يمنحها حقا في التدخل فيه، لكونه شأنا لا يدخل ضمن صلاحياتها، مسترسلا في ذكر مواقف تؤكد ضبط إسرائيل لنفسها نوويا، مثمنا المناسبات التي استضافتها وتلك التي شاركت فيها لمكافحة الإرهاب النووي عالميا وكيف أنها تسعى لتطوير الوكالة الدولية ومقدراتها وما تقدمه من بحوث لمختلف استخدامات الطاقة الذرية سلميا.

ولم يغفل المندوب الإسرائيلي أن يحث المؤتمر العام على الوقوف ضد الدول التي تتحدى النظام العالمي والتي تهدد الأمن إقليميا ودوليا، داعيا إلى منعها من إلحاق ضرر لن يعوض بدلا عن التركيز على إسرائيل التي أكد أنها ترفض انتهاك اتفاقات الضمان في الشرق الأوسط.

من جانبه، برر السفير خالد شمعان، نائب وزير الخارجية المصري، في تعليق خاص لـ«الشرق الأوسط»، الهجوم الإسرائيلي بالتوتر، مشيرا إلى إجماع المجتمع الدولي خلال مؤتمر نيويورك مايو (أيار) الماضي لمراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي على ضرورة انضمام إسرائيل إلى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، موضحا أن هذا الإجماع أصبح يمثل عنصر ضغط على إسرائيل، مما يفسر التوتر الذي بدا واضحا في بيانها، مشيرا إلى أن أي تحرك للإمام يتطلب التزاما إسرائيليا بالتوقيع على اتفاقية حظر الانتشار وتنفيذ نتائج مؤتمر نيويورك لإنشاء منطقة شرق أوسطية خالية من السلاح النووي.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن كان الهجوم الإسرائيلي على مصر تحديدا، إذ لم تذكر إسرائيل إيران أو سورية، يعني قطعا لشعرة معاوية الممدودة بين مصر وإسرائيل؟ أجاب السفير شمعان بقوله: «لا.. هم متوترون فقط في إطار زيادة الضغط عليهم».

من جانبه، وصف السفير بالجامعة العربية، وائل نصر الدين الأسد، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، حديث المندوب الإسرائيلي بأنه مجموعة مغالطات، مشيرا إلى أن إسرائيل وكالعادة تطلب التطبيع وأن تكون عضوا في منظمات دولية كمنظمة مجموعة «ميسا» (شمال أفريقيا والشرق الأوسط)، قبل أن تلتزم بأي شيء، مبررة عدم انضمامها إلى اتفاقية حظر الانتشار النووي بضرورات أمنية، مطالبة بقية دول المنطقة في الوقت ذاته بالالتزام «في حياتي، لم أر مغالطات كهذه وعكسا للحقائق... ولكن، ما الجديد؟! فهذا هو نهجهم المعتاد، فهم يستثنون أنفسهم ويطالبون الآخرين».

وردا على سؤال حول ما لمسته «الشرق الأوسط» من تعارض في بيانات أدلت بها بعض الدول العربية داخل اجتماعات مجلس المحافظين الأسبوع الماضي، مع البيان الذي قدمه رئيس المجموعة، مطالبا فيه وللمرة الثانية بأن يقدم مدير عام الوكالة تقريرا عن القدرات النووية الإسرائيلية وأن تتم إضافتها كبند من بنود مجلس المحافظين..؟

ونفى السفير الأسد، الذي وصل فيينا ضمن وفد من الجامعة العربية لمتابعة هذا الأمر وتوفير زخم عربي وجهد موسع للاتصال بالمجموعات الجغرافية المختلفة لدعم مشروع القرار العربي - أن يكون هناك أي اهتزاز في الموقف العربي. مشيرا إلى أن الدول العربية درست كل البدائل المقترحة في إطار قرارات مجلس الجامعة العربية، ولذلك فإن مواقف الدول كانت تطرح سيناريوهات مختلفة، لكن في النهاية أصبح هناك موقف عربي موحد هو الذي تم تقديمه باسم المجموعة ويقضي بالاستمرار في طرح مشروع القرار وعدم سحبه تحت أي ظرف، مع الاستمرار في التشاور مع المجموعات الجغرافية خاصة المجموعتين الأفريقية ومجموعة دول عدم الانحياز.

وردا على سؤال عن احتمالات الفشل والنجاح لمشروع القرار العربي، لا سيما في ظل معارضة شرسة تقودها الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية، مستخدمتين سلاحي التهديد والترغيب، بما في ذلك تقديم عروض بمساعدات ومنح وعضوية للاتحاد الأوروبي، قال السفير الأسد إن المجموعة العربية على علم أن مشروع قرارها الذي تم توزيعه وستتم مناقشته يوم الجمعة كغيره - معرض للفشل كما هو معرض للنجاح.

وأكد أن هذه الحقيقة لا تمنعهم كأصحاب حق من تقديمه لدعم قضيتهم. «هناك معركة شرسة تقودها الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية بهدف معارضة نقاش قضية القدرات النووية الإسرائيلية في محفل مهم كالوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة أن النجاح العربي في الدورة الماضية بإجازة قرار كهذا كان صدمة للمجموعة الغربية وسبب لهم انزعاجا شديدا، إذ اعتادوا التحكم في قرارات المؤسسات الدولية وقد فاجأهم العرب بنجاحهم في حشد تأييد غير مسبوق.

وردا على سؤال إن كان تأجيل مناقشة مشروع القرار العربي حتى يوم الجمعة آخر أيام المؤتمر، الذي بدأ جلساته منذ صبيحة الاثنين، مقصودا، قال السفير وائل الأسد: «بالطبع مقصود، وذلك حتى تكون وفود كثيرة قد غادرت ووفود قد سئمت فتتغيب عن الجلسة، بينما قد تسعى وفود للامتناع عن التصويت، وعلى كل فإننا سوف نحرص أن يكون التصويت بنداء أسماء الدول لنعرف من معنا ومن تخلى عنا ومن وقف ضدنا. ونتمنى ألا تتغير مواقف الدول وإن خسرنا ألا نخسر بفارق كبير. وفي الحالتين، لن يكون الفرق في الأصوات كبيرا (العام الماضي فاز القرار بـ49 صوتا مقابل 45 صوتا).

في المقابل، سألت «الشرق الأوسط» السفير الأسد إن كان يرى في الموقف الأميركي داخل الوكالة ما يتناقض وسياسة التغيير التي نادى بها الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال معركته الانتخابية.

وفي هذا الصدد، جاء رد السفير الأسد: «بالطبع، هناك تناقض كبير ومعايير مزدوجة وإفساد لما عرضته أميركا بصدد القضايا النووية، ومن ذلك مطالبتهم حاليا بأن نسحب مشروع القرار العربي حتى نعطي الإدارة الأميركية فرصة لإنجاح مؤتمر 2012 ولإنجاح مفاوضات السلام. من جانبنا، لا توجد علاقة بين مفاوضات السلام وما نحن بصدد تقديمه، وحتى لو حدث السلام فإننا سنظل نطالب إسرائيل حتى توقع ثانيا، من الغريب حقا أن يكون إنجاح مؤتمر 2012 بعد مطالبتنا لإسرائيل بالالتزام وليس بمطالبة إسرائيل بوقف سياساتها العدوانية ووقف تجاهلها للاتفاقات الدولي».