التصعيد بين «المستقبل» وحزب الله على حاله والأمم المتحدة قلقة على استقرار لبنان

فتفت لـ«الشرق الأوسط»: الحريري لن يتنازل عن المحكمة الدولية حتى لو ضحى بمنصبه

TT

بقي الوضع اللبناني موضع متابعة وترقب داخلي وإقليمي ودولي في ضوء حملة التصعيد المتبادلة والأولى من نوعها منذ أحداث السابع من مايو (أيار) 2008، بين حزب الله وبعض حلفائه من جهة وتيار المستقبل وحلفائه من جهة أخرى، وعلى الرغم من بعض المساعي الهادفة إلى تبديد أجواء التشنج بين الطرفين، لم يشهد الخطاب السياسي لكلا الطرفين تراجعا ملحوظا وحافظ على وتيرته التصعيدية وإن كان منسوب التصريحات أمس أقل من الأيام التي سبقته.

في هذا الوقت، عبر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل ويليامز، إثر زيارته لوزير الخارجية اللبناني علي الشامي عن قلقه حيال الاستقرار في لبنان، وقال «تطرقت خلال حديثي مع الوزير الشامي إلى التدهور الأخير والتوتر الحاصل في لبنان. وأبلغته أن هذا الأمر ولد الشعور بالقلق حيال الاستقرار في لبنان، وأن الأمم المتحدة لا تزال تصر على أن أي اختلاف يجب أن يحل عبر الحوار الهادئ والعقلاني بين كل الفرقاء وعبر عمل المؤسسات في لبنان». ورأى أن مشاركة الرئيس اللبناني ميشال سليمان في النقاش العام في الجمعية العامة «يمثل فرصة هامة جدا للبنان لا سيما في ظل العضوية الحالية للبنان في مجلس الأمن الدولي، وسوف تكون فرصة أيضا لبحث تطبيق القرار 1701».

أما على صعيد المواقف السياسية، فقد أوضح عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت، أن تيار المستقبل «لم يكن سببا للعاصفة السياسية التي شهدها لبنان، إنما كان في موقع الرد على الهجوم الذي يتعرض له»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لدى تيار المستقبل ثوابت لن يتنازل عنها إطلاقا، وأهمها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، وأوضح أن «الرئيس سعد الحريري قال خلال ترؤسه اجتماع الكتلة الأول من أمس لن أتنازل عن المحكمة الدولية، حتى لو كلفني الأمر رئاسة الحكومة، أو عرضني ذلك لمخاطر أمنية، ولدي في الوقت نفسه إصرار على العلاقات الجيدة مع سورية من دولة إلى دولة، وإصرار على مشروع الدولة في لبنان»، ورأى فتفت أن «التهدئة مرتبطة بالطرف الآخر الذي يأتي التصعيد من جهته». وردا على سؤال أين تقف سورية مما يجري في لبنان، سيما أن حلفاءها طرف في التصعيد، قال فتفت «لنكن واضحين إن النظام السوري يعمل ما فيه مصلحته ومصلحة بلده، في المقابل علينا كلبنانيين أن نعمل لمصلحة بلدنا، ومن المؤكد أن في لبنان من هو منزعج من فتح صفحة جديدة مع دمشق، لكن لن نمكنهم من تعكير هذه العلاقة». وذكر بأن «أطرافا لبنانية محسوبة على سورية غير مؤيدة لما يجري، وهناك صورة طبعت في الأذهان، إذ أن جميل السيد بدأ هجومه (على الحريري والمستقبل) بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، كما أن عون فتح النار بعد لقاء صهره الوزير جبران باسيل مع الرئيس الأسد أيضا، وفي النتيجة سورية هي التي تقرر ما تريده، ونحن لم نلمس أي شيء سلبي من سورية». ولفت فتفت إلى أن «الرسالة التي سيوجهها الرئيس سعد الحريري إلى اللبنانيين خلال الساعات المقبلة، ستتضمن عناوين عدة وهي التزامه بثوابته الأساسية وفي مقدمها المحكمة الدولية، والتزامه بحلفائه وبتحالفاته وبالدولة وبالعلاقات اللبنانية السورية من دولة إلى دولة».

من جهته رحب عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري بـ«العودة إلى الخطاب الهادئ»، وقال «نحن دعاة هدوء وتنظيم الخلاف مع الآخر ونحن دعاة حوار ديمقراطي، وكنا نأمل أن نسمع من حزب الله تعليقا واحدا عما قاله اللواء جميل السيد عن الرئيس سعد الحريري، كما أن الفريق الآخر تهرب من نقاش الصورة التي رأيناها في المطار لدى استقبال السيد». وإذ أشار إلى أن «تيار المستقبل لم يتراجع في أي لحظة عن الالتزام بالبيان الوزاري»، أكد أن «البيان الوزاري يجب أن يكون بعيدا عن أي تجاذب سياسي، ونحن ملتزمون بكامل بنود هذا البيان من المحكمة الدولية إلى العيش المشترك والسلم الأهلي والتهدئة». مشيرا إلى أن «الرئيس الحريري شدد في جلسة الكتلة على أن لا تراجع عن المحكمة الدولية، ولا تراجع عن الانفتاح في العلاقة مع سورية وما قاله لصحيفة (الشرق الأوسط)، كما أكد التمسك بكل الحلفاء خصوصا في (14 آذار)، والانحياز الكامل لمنطق الشرعية والجيش».

وأسف رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون «لعدم وجود الدولة في المطار التي تسمح بحصول هكذا استقبال لشخص مطلوب إلى العدالة، (جميل السيد) ولا أفهم ما حصل». وقال بعد لقائه البطريرك الماروني نصر الله صفير «كنا نأمل من الأشخاص الذين استقبلوا جميل السيد أن يكونوا قد توصلوا إلى درجة من الفهم والإدراك بأن عملا من هذا النوع سيعطي نتيجة سلبية كليا على البلد، وإذا كانوا يظنون أنفسهم أنهم يعيشون في غابة، فليعيشوا في مكان آخر، وليتخلوا عن الوظائف والمسؤوليات التي يشغلونها في الدولة». أضاف «أنا لست متخوفا من موضوع السلاح، لأنهم استعملوه في الماضي وفهموا أن لا أحد راض عن استعماله في الداخل، وكلما استعملوا قوتهم وعضلاتهم مختبئين وراء سلاحهم ستنكشف المقاومة».

وأكد عضو كتلة المستقبل النائب كاظم الخير أنه «ليس من مصلحة أحد محليا وإقليميا أن تندلع فتنة في لبنان»، وحذر من أنه «في اليوم الذي تقع فيه الفتنة سيكون التطرف سيد الموقف»، مشددا على أن «الاحتكام إلى السلاح واستخدامه سيضر بالمقاومة قبل غيرها». ورأى أن «اللقاءات بين اللبنانيين ضرورية (في إشارة إلى احتمال لقاء الرئيس سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله) لا سيما من أجل كسر الجليد جراء التصريحات». ودعا إلى «عدم وضع شروط لعقد مثل هذه اللقاءات»، وطالب بضرورة «توثيقها لإطلاع اللبنانيين عليها، والعودة إليها عند الضرورة في حال أخل أحد بمضامين هذه اللقاءات وعكر جو التهدئة الذي كان سائدا».

في المقابل اعتبر عضو كتلة حزب الله النائب علي فياض أن «أخطر ما يواجه منطق الدولة هو المنطق الطائفي، وأن الطرف الآخر هو من يستخدم هذا المنطق»، داعيا الجميع إلى «العودة إلى منطق الدولة والمؤسسات». وأشار إلى أن «كل ما حصل في مطار بيروت كان بالتنسيق مع الأجهزة الرسمية، وقال «نحن نلاقي الهدوء بالهدوء ولكن لا يمكن أن نسمي هذه المرحلة بمرحلة هدوء بل هي مرحلة انتقالية»، مؤكدا أن «كل محاولة لإثارة الفتنة هي استهداف للمقاومة». وسأل: «لماذا لا يفتح ملف شهود الزور قضائيا وما الذي يؤخره؟»، معتبرا أن «شهود الزور والمحكمة الدولية موضوعان ملتصقان ببعضهما البعض، وأن القضاء الدولي قضاء منحاز».