قادة آسيا الوسطى في مواجهة تنامي التشدد الإسلامي

الإسلاميون الجدد يستمدون النشاط من حركات التمرد في باكستان وأفغانستان

TT

تقول شويرا شاتمانوفا إن ابنها البالغ من العمر 21 عاما يشعر بالحرج عندما يظهر برفقتها في العلن لأنها لا ترتدي الحجاب. وولدت شويرا ونشأت في طاجيكستان عندما كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق، لكنها تشعر بشكل متزايد بأنها غريبة في وطنها. ومبعث خوف شويرا، مثلها مثل الكثيرين في طاجيكستان، هو أن يصبح تفسير «أكثر تشددا» للإسلام في الجمهورية الواقعة في آسيا الوسطى، التي يصل عدد سكانها إلى 7.5 مليون نسمة، تربة خصبة للمتشددين الذين يعبرون الحدود من أفغانستان. وقالت شويرا، وهي ممرضة تبلغ من العمر 53 عاما: «لا أعارض على الإطلاق ارتداء النساء للحجاب، أعارضه فقط عندما يرفض من يرتدين الحجاب وأزواجهن أمثالي، وهذا هو ما يحدث». ويزيد الفقر المزمن وقمع الدين، على غرار ما كان يحدث أيام الاتحاد السوفياتي، من نمو الإسلام الأصولي في أجزاء من آسيا الوسطى وهي منطقة علمانية تقطنها أغلبية من المسلمين وتقع بين روسيا وإيران وأفغانستان والصين. ويقول محللون أمنيون، إن «متشددي آسيا الوسطى الذين حاربوا مع حركة طالبان في أفغانستان قد يحاولون استغلال الاضطراب السياسي والانقسامات العرقية حتى يكون لهم موطئ قدم في وادي فرغانة الذي تتشابك به حدود ثلاث جمهوريات سوفياتية سابقة». وفي قرغيزستان تكافح الحكومة المؤقتة للسيطرة على المنطقة المضطربة جنوب البلاد منذ وصولها إلى السلطة في أبريل (نيسان) بعد الإطاحة بالرئيس السابق كرمان بك باقييف. وقتل قرابة 400 شخص في اشتباكات ضارية في يونيو (حزيران). وتتأهب السلطات في طاجيكستان أيضا، حيث يبلغ متوسط الأجر الشهري 80 دولارا فقط بعدما أعقب أول تفجير انتحاري تشهده البلاد منذ خمس سنوات كمين يوم الأحد أسفر عن مقتل 23 جنديا على الأقل كانوا في طريقهم لحراسة الحدود التي يسهل اختراقها. وقال بول كوين جادج، مدير مشروع آسيا الوسطى في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات ومقره بشكك عاصمة قرغيزستان: «ستنجذب أي حركة تخريبية لاختبار مدى ضعف النظام». وكان رد طاجيكستان هذا العام على تهديد متصاعد للتمرد هو سجن أكثر من مائة عضو في جماعات محظورة لاتهامات بالتآمر للإطاحة بالحكومة. وانتقد إمام علي رحمانوف رئيس طاجيكستان في الآونة الأخيرة اتجاها متناميا في موضة الملابس بين النساء اللاتي أصبحن ينبذن الزي الوطني ويرتدين الحجاب وحث الآباء والأمهات على سحب أولادهم من المدارس الدينية في الخارج، وقال إنهم «سيصبحون إرهابيين». وقالت حكومة طاجيكستان إن إسلاميين متشددين أجانب بينهم مرتزقة من باكستان وأفغانستان والشيشان يقفون وراء الكمين الذي وقع في منطقة وادي راشت، كما ألقت باللوم أيضا على ميليشيات قاتلتهم في حرب أهلية في التسعينات من القرن الماضي. وقال كريستوفر لانجتون، وهو متخصص مستقل في شؤون المنطقة، إن «تركيز رحمانوف انتباهه على معارضيه السابقين أيام الحرب الأهلية يعني تجاهله لجذور تشدد إسلامي جديد». وقال لانجتون: «رحمانوف وبتشجيع من مستشاريه الروس، راض عن اتباع نهج سوفياتي يضرب بيد من حديد، ومن غير المرجح أن يعالج الأسباب الحقيقية للتشدد المتنامي».

وأضاف «زرعت البذور في الشباب العاطل الذي كبر في السن منذ الحرب الأهلية في طاجيكستان، والذي يرى الطريقة التي يجري بها قمع آبائه وأمهاته، ويستمد هؤلاء الشباب النشاط من حركات التمرد في باكستان وأفغانستان». وقال أورخان جمال، وهو أستاذ في العلوم السياسية يعيش في موسكو وكتب عن المنطقة، إن «طاجيكستان تواجه معضلة فهي إما أن تتحالف مع روسيا التي ساعدت رحمانوف على الانتصار في الحرب الأهلية، وإما أن تتجاوب مع مخاوف أميركية وبريطانية من انتشار تمرد إسلامي». وأضاف في إشارة إلى تردد الكرملين في إرسال قوات إلى قرغيزستان «لدي شعور بأن روسيا لن تتورط في مساعدة طاجيكستان مثلما فعلت في التسعينات. وعلى الجانب الآخر هناك الولايات المتحدة وائتلافها الذي يحارب في أفغانستان، والذي يشعر بقلق كبير بسبب الأسلمة السريعة لدولة أخرى في المنطقة. ومن التهديدات التي تواجه المنطقة عودة الحركة الإسلامية في أوزبكستان وهي جماعة متشددة تربطها صلات بتنظيم القاعدة وحارب أعضاؤها المنفيون لسنوات في أفغانستان».

وأعلنت الحركة الشهر الماضي تولي زعيم جديد يدعى عثمان عادل قيادتها بدلا من طاهر يولداشيف الذي قتل في أغسطس (آب) 2009 في هجوم صاروخي لطائرة أميركية من دون طيار بالقرب من الحدود بين باكستان وأفغانستان. وقال كوين جادج: «طالما لم تعلن الحركة الإسلامية في أوزبكستان تغيير خططها للتركيز على آسيا الوسطى فإن طاجيكستان وقرغيزستان ستظلان بعيدتين عن بؤرة اهتمامها. لكن إذا غيرت الحركة استراتيجيتها، وأعلنت حربا شاملة في آسيا الوسطى فسنكون أمام وضع جديد تماما». ولا يعتقد خوجي أكبر توراجونزودا الذي كان نائبا لزعيم المعارضة الطاجيكية الموحدة التي حاربت الحكومة، أن طاجيكستان ستشهد حربا أهلية أخرى لكن المفتي الأعلى السابق يقول إن «الكثير من المسلمين غاضبون». وأضاف «بغض النظر عن المشكلة يلقى اللوم على الإسلاميين. وهذا يجعل ممن لا يفعلون شيئا جيدا أبطالا». وقال توراجونزودا لـ«رويترز»: «إنه يؤيد أن تكون الدولة علمانية على غرار ماليزيا أو إندونيسيا أو الهند». وقال «لا أؤيد الأسلمة. أؤيد طاجيكستان علمانية على ألا تكون ضد الدين. وللأسف يرى الناس هنا العلمانية على أنها ضد الدين».