قبائل المسؤول الأمني اليمني الذي اختطفته «القاعدة» تهدد بالثأر له

السلطات تتهم «القاعدة» باستخدام المواطنين كدروع بشرية ونزوح 12 ألفا بسبب المعارك

جنود يمنيون يحرسون مبنى حكوميا في صنعاء أمس (إ. ب. أ)
TT

تتواصل العملية العسكرية في مدينة الحوطة بمديرية ميفعه في محافظة شبوة لملاحقة عناصر من تنظيم القاعدة، والتي تجري منذ عدة أيام وتشارك قوات من الأمن والجيش مدعمة بوحدات خاصة لمكافحة الإرهاب، حيث تؤكد السلطات أن لا مخرج أمام المسلحين في المدينة سوى الاستسلام. في الوقت الذي تنتهي، اليوم، مهلة تنظيم القاعدة بقتل أحد المسؤولين الأمنيين الذي تبنى التنظيم اختطافه في شمال البلاد.

وتفيد المعلومات الواردة، من هناك، بمقتل 5 مسلحين من «القاعدة» ومدني وجنديين، إضافة إلى عدد غير محدد من الجرحى من مختلف الأطراف. وقال شهود عيان ومصادر محلية إن عدد المواطنين الذين نزحوا عن المدينة، حتى اللحظة، بلغ خلال الأيام الماضية، أكثر من 12 ألف مواطن. وأكدت المصادر أن العديد من الأهالي في المدينة عالقون في منازلهم ولا يستطيعون مغادرتها بعد انتشار العديد من المسلحين في أحياء المدينة واستيلائهم على بعض المنازل.

وتتهم السلطات اليمنية مسلحي «القاعدة» باستخدام المدنيين كدروع بشرية، وأكدت رفضهم الوساطة لمغادرة المدينة. وأعلنت السلطات المحلية في شبوة عن خطة أمنية جديدة لملاحقة عناصر «القاعدة» في الحوطة تقوم على ضربهم في المواقع التي يتحصنون بها، غير أن تأجيل تنفيذ هذه الخطة، ربما يرجع إلى وجود المدنيين. وتقول السلطات إن بين الأشخاص الذين تتم ملاحقتهم عنصرين قياديين في «القاعدة»، على الأقل، ولا يستبعد أن يكون أحد هذين القياديين، المتشدد الأميركي من أصل يمني، أنور العولقي، المطلوب للولايات المتحدة بتهم الإرهاب.

وقالت الأجهزة الأمنية بمحافظة شبوة إن «العناصر الإرهابية تتعمد إطلاق النار على المواطنين من أبناء المنطقة الذين ينتقلون من مكان إلى آخر بهدف ممارسة الضغط على الحملة الأمنية التي تطوقهم بإحكام من جميع الجهات وتمنع محاولة هروبهم إلى خارج الحوطة»، وأضاف مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن تلك العناصر «أصابت 7 مواطنين برصاصها بينهم طفلة، في محاولة يائسة منها لإجبار الحملة الأمنية على فك الحصار المفروض عليهم»، وأكدت أن الحملة الأمنية «تضع على رأس أولوياتها سلامة المواطنين من أبناء الحوطة وأنها تتعامل بمسؤولية كبيرة مع هذا الأمر حرصا منها على حياتهم»، وأن الحملة «تفرض طوقا من الحصار على العناصر الإرهابية التي لا مخرج أمامها من الحوطة سوى الاستسلام وهو أفضل الحلول للخروج من مقاومتهم العبثية المعروف نتيجتها سلفا».

وأكدت مصادر محلية أن سكان المدينة يواجهون أزمة إنسانية، فهم بحاجة إلى الغذاء والدواء. وكشفت رسالة من فرع جمعية الهلال الأحمر في شبوة موجهة إلى ممثلة الصليب الأحمر الدولي في عدن، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن ما بين 8000 إلى 12000 نازح من سكان المدينة انتقلوا إلى مناطق: «عزان، ميفعه، حبان، حضرموت وعدن»، بحاجة إلى مساعدات عاجلة، وبالأخص الذين لم ينزحوا إلى أهاليهم في المناطق آنفة الذكر، وأبرز احتياجاتهم: «الأغذية، أدوات الطبخ، الفرش، الأغطية ومعدات طبية لخدمات الإسعافات الأولية والطوارئ والتوليد»، إضافة إلى وسائل لنقل المتطوعين والمتطوعات.

على صعيد آخر تنقضي، اليوم، المهلة التي وضعها تنظيم القاعدة للسلطات اليمنية من أجل الإفراج عن عنصرين من التنظيم هما حسن التيس ومشهور الأهدل، قبل أن ينفذ تهديده بقتل نائب مدير الأمن السياسي (المخابرات) في محافظة صعدة بشمال البلاد، العقيد علي محمد صلاح الحسام.

وأعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أول من أمس، أنه يختطف الحسام منذ 26 أغسطس (آب) الماضي. واتهم التنظيم العقيد الحسام بأنه كان «يدير شبكات تجسس على المسلمين». وأضاف في بيان نشر على شبكة الإنترنت، اتهامه للحكومة اليمنية بأنها «حكومة ردة»، واعتبر إعلان السلطات تحقيق انتصارات على «القاعدة» بأنها «انتصارات وهمية»، يقوم النظام اليمني، من خلالها، بـ «ستر عوراته وضعفه واهتزازه»، حسب تعبير البيان.

وفي حين التزمت السلطات اليمنية الصمت إزاء إعلان «القاعدة» اختطاف المسؤول الأمني اليمني، فقد ردت قبائله بالتهديد للثأر له في حال قتل. وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من بيان ممن سموا أنفسهم بـ «أسرة العقيد الحسام وإخوته في الدين والقبيلة»، موجه إلى «خاطفيه من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالتحديد: من آل التيس ، آل عبادة من قبائل وائلة».

وبدأ البيان بالتالي: الحمد لله القائل «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعا ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعا» (المائدة 32)، والصلاة والسلام على رسوله الأمين القائل: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة»..

وأضاف البيان: «إن قبائل بلاد كوكبان بجل أخماسها والطويلة وأهله ومحبيه تؤكد بأن العقيد علي محمد صلاح الحسام، والذي تم اختطافه من المسجد بعد صلاة العصر هو أحد أبنائها والمنتسبين إليها، وأنه معصوم الدم يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله ومؤدٍ للأركان الأربعة الأخرى من صلاة ، وزكاةٍ ، وصيامٍ وحج، وأنه يؤمن بالله وبرسوله وكتبه وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر خيره وشره».

واحتوى بيان قبائل كوكبان على عدد من النقاط هي:

أولا: أننا نحمل آل التيس كل آل التيس، وآل عبادة كل آل عبادة، وكل منتسبي آل أبو جباره... كامل المسؤولية في الحفاظ على حياة العقيد: علي محمد صلاح الحسام، وأن أي مساس بحياته سيجعل ثأرنا في المقام الأول على آل التيس وآل عبادة من قبائل وائله وادي آل أبو جبارة.

ثانيا: إن ثأرنا في حال المساس بحياة المختطف الأسير قد يمتد إلى كل أفخاذ وعشائر قبيلة وائله والنظر إليهم كالظالمين لأنفسهم عندما رأوا منكرا من بعض الحمقى من أفراد قبيلتهم وأصحابهم ولم يردعوه ويحولوا بينه وبين ما اقترف البعض منهم من فعلٍ أثيم هو أكبر عند الله وأعظم من هدم بيته الحرام حجرا حجرا.

ثالثا: إن ثأرنا ومعنا كل أهله ومحبيه سيمتد في المقام الثاني إلى كل أفراد ما بات يعرف تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، في أي مكان كانوا وإلى أي جهة رحلوا وحلوا ، وفي موصوع آخر، تواصلت، أمس، المحاكمات التي تجري، هذه الأيام، لعناصر متهمين بالانتماء لتنظيم القاعدة، فقد عقدت محكمة أمن الدولة والإرهاب الجزائية المتخصصة في صنعاء، أمس، جلسة لمحاكمة أحد المتهمين ويدعى صالح الشاووش الذي يحمل اسما حركيا هو سالم الحضرمي، والذي تصفه السلطات بأنه من «أخطر العناصر الإرهابية».

وتتهم السلطات الشاووش بقتل عدد من الجنود والمشاركة في تفجير عدد من المنشآت المهمة، وأشار قرار الاتهام، إلى أن المتهم «اشترك خلال الفترة من (2007/2010) في عصابة مسلحة ومنظمة للقيام بأعمال إجرامية مع آخرين، سبق إصدار أحكام في حقهم، بهدف مهاجمة المنشآت الحيوية النفطية ذات النفع العام، والمعسكرات والنقاط الأمنية والمصالح الحكومية والأجنبية، والقيادات العسكرية والأمنية، والأفراد والسياح، وتعريض سلامة وأمن المجتمع للخطر».

كما تضمن القرار، بحسب وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، قيام المذكور، أيضا، بمهاجمة وتفجير نقاط أمنية في منطقة الجعيمة قرب شبام حضرموت على الخط الرئيسي ومنطقة العقاد مفرق وادي سر على الخط الرئيسي بمواد متفجرة (تي إن تي) نتج عنها إصابة عدد من الجنود، وإلحاق إضرار مادية بتلك النقاط، فضلا عن إحداث انفجار في أنبوب النفط الرئيسي التابع لشركة «توتال» الذي يضخ النفط من حقول الشركة في قطاع عشرة حزير، مما أدى إلى تسرب كميات كبيرة من النفط، وكذا قيامه بإحداث انفجارات في معسكرات قيادة أمن الوادي والصحراء بحضرموت، باستخدام سيارة نقل نوع دينه مفخخة، نتج عن ذلك استشهاد جندي حراسة بوابة المعسكر، وإصابة عدد آخر من الجنود والمدنيين وإلحاق إضرار مادية بالمعسكر، بالإضافة إلى تنفيذه عمليات إرهابية في مصاف لتكرير النفط بصافر محافظة مأرب، ثم القيام كذلك بمحاولة تفجير خزانات النفط في الشحر حضرموت باستخدام صواريخ كاتيوشا ، واستهداف مدير الأمن السياسي في حضرموت عبد الله الجريزع بعبوة ناسفة عن بعد ومحاولته ثلاث مرات تفجير نقطة أمنية حدودية مع السعودية باستخدام عبوة ناسفة مؤقتة وفشلت العمليات الثلاث لانتباه ويقظة أفراد النقطة.

واعترف المتهم الشاووش أمام هيئة المحكمة بارتكاب جميع تلك الجرائم والأعمال، وذلك عند سؤاله من قبل رئيس المحكمة، وعلى أثر ذلك رفعت المحكمة جلساتها حتى الثاني من الشهر المقبل، للاستماع بشكل تفصيلي لاعترافات المتهم. وجاءت هذه الجلسة لمحاكمة الشاووش التي تعد الأولى، بعد يومين متتاليين لجلستين عقدتهما المحكمة نفسها في عدن وحضرموت لمحاكمة عناصر من تنظيم القاعدة.

إلى ذلك، جددت السلطات اليمنية اتهامها للحوثيين في مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران في شمال صنعاء، بالاستمرار في ارتكاب الخروقات لـ«النقاط الست» وآلياتها التنفيذية المتعلقة بوقف الحرب، في وقت انفجر أحد الألغام في مران، مما أدى إصابة راعية غنم.

وقالت الأجهزة الأمنية بمحافظة عمران إن «الخروقات الحوثية في مديرية حرف سفيان تجري مصحوبة بحركات استعراضية واستفزازية للمواطنين»، ونقل «مركز الإعلام الأمني» التابع لوزارة الداخلية عن تلك الأجهزة تأكيدها استمرار الحوثيين في «تكثيف وجودهم في المناطق والقرى المجاورة للمديرية، وكذا في مدينة حرف سفيان وفي الخط العام الذي يربط بين سفيان صعدة وسفيان برط»، إضافة إلى قيامهم بأعمال التحصينات في المواقع التي يوجدون فيها، وأعمال الاستطلاع على المواقع العسكرية والأمنية.