الرباعية الدولية تدعو إسرائيل لتمديد تجميد الاستيطان.. وتدعو لمشاركة سورية ولبنان في عملية السلام

ألغت مؤتمرا صحافيا قبل 10 دقائق من بدئه بسبب خلاف حول من يمثل واشنطن

اجتماع اللجنة الرباعية أمس (رويترز)
TT

ألغت الرباعية الدولية أمس بشكل مفاجئ مؤتمرا صحافيا موسعا كان من المفترض أن يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، في اللحظات الأخيرة، واكتفت بإصدار بيان لاحقا دعت فيه إسرائيل إلى تمديد فترة العمل بتجميد الاستيطان، والتي تنتهي يوم الأحد المقبل، وشددت على ضرورة إشراك اللبنانيين والسوريين في عملية السلام مع إسرائيل. كما دعت الدول العربية إلى «اتخاذ خطوات أكثر شجاعة، لتعزيز العلاقات الإيجابية في المنطقة ولمحاربة العنف والتطرف».

وقبل عشر دقائق من بدء المؤتمر الذي حظي باهتمام إعلامي كبير، خرج الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتن نيسيركي، ليعلن إلغاء المؤتمر «لأسباب تقنية». وكان من المفترض أن يتحدث ممثلو الرباعية الدولية، حسبما وضعت أسماؤهم على طاولة المتحدثين، وهم: الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، وممثلان عن الولايات المتحدة، هما وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل، إضافة إلى مبعوث الرباعية توني بلير.

وأصر مكتب بان كي مون وآخرون على نفي أي خلاف بين المندوبين، يكون قد تسبب في إلغاء المؤتمر. وقال نيسيركي إن «عطلا كهربائيا» هو السبب، وإنه بذلت جهود لإصلاح العطل في الوقت المناسب، من دون أن تنجح. وعزا أيضا إلغاء اللقاء إلى ضيق الوقت، وتأخر بدء اجتماع ممثلي الرباعية. إلا أن دبلوماسيا غربيا تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شكك أن يكون سبب إلغاء اللقاء، مجرد مشكلة تقنية.

وقال مسؤولون آخرون إن خلافا حول من يمثل الولايات المتحدة، كلينتون أم ميتشل، هو الذي أدى إلى إلغاء المؤتمر. ولم ينف فيليب كراولي، مساعد كلينتون في الشؤون العامة، حصول الإشكال. وقال في مؤتمر صحافي عقده لاحقا مع الصحافيين، ردا على سؤال حول سبب إصرار أشتون على أن تحضر كلينتون المؤتمر، مقابل إصرار الولايات المتحدة على أن يمثل ميتشل واشنطن «كانت هناك مشكلة في البرنامج، وكنا مستعدين أن يشارك جورج ميتشل في اللقاء، لو تم». لكنه أكد أيضا على وجود عطل تقني في مبنى الأمم المتحدة، وقال «يمكنني أن أشهد على العطل التقني، عندما وصلنا، لم يكن المصعد يعمل، فصعدنا 6 مجموعات للمشاركة في اجتماع الرباعية». لكنه أضاف «لكن إضافة إلى ذلك، كان الوقت يداهمهم.. فقرروا إلغاء المؤتمر الصحافي والاكتفاء بإصدار بيان صحافي». وردا على سؤال آخر حول وجود اتفاق كامل بين ممثلي الرباعية، لم يؤكد أيضا كراولي ذلك، وقال: «لا.. لكن لا يمكن القول إن هناك خلافات بينهم».

والتقت الرباعية بعد اجتماعها وفدا من الجامعة العربية برئاسة عمرو موسى، وبعد نحو ساعتين من إلغاء المؤتمر الصحافي، صدر بيان عن الرباعية شدد على دعم المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأبدت الرباعية إيمانها بأنه يمكن للطرفين أن يتوصلا إلى اتفاق «في غضون عام». وشددت على التزامها بسلام دائم وعادل في الشرق الأوسط «يتضمن اتفاقات بين إسرائيل وسورية، وبين إسرائيل ولبنان». ودعت الدول العربية إلى دعم مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين «انطلاقا من روح المبادرة العربية»، وإلى «دعم التقدم على السكتين عبر اتخاذ خطوات أكثر شجاعة لتعزيز العلاقات الإيجابية في المنطقة ولمحاربة العنف والتطرف».

ودعت الرباعية إسرائيل والفلسطينيين إلى تعزيز مناخ يساعد على إحراز تقدم، يشمل الكف عن الأعمال الاستفزازية. وأضافت «تجميد الاستيطان الذي بدأ في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، كان له تأثير إيجابي، ونحث على استمرار العمل به.. نشجع الأطراف على العمل معا والتأكد من استمرار المفاوضات بطريقة بناءة، ونحث المجتمع الدولي على دعم هذه الجهود».

وتنتهي فترة العمل بتجميد الاستيطان يوم الأحد المقبل، مما يهدد بإنهاء المفاوضات الجارية في حال لم يتم تمديد العمل بالمهلة، مع انسحاب الفلسطينيين من المشاورات. وتحدثت تقارير إسرائيلية في الأيام الأخيرة، عن سعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقناع الولايات المتحدة بإطلاق سراح جاسوس إسرائيلي لديها، مقابل تمديد العمل بوقف الاستيطان. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن مسؤولين إسرائيليين حاولوا حث الرئيس الأميركي باراك أوباما على إطلاق الجاسوس الإسرائيلي المحكوم عليه، جوناثان بولارد، مقابل تمديد العمل بتجميد الاستيطان لمدة 3 أشهر في الضفة الغربية.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي نقلا عن مصادر في مكتب نتنياهو إن فكرة استبدال الجاسوس بوقف المستوطنات تم طرحها بشكل غير رسمي إلى إدارة أوباما. وقالت المصادر للإذاعة إن هذه الفكرة واحدة من عدة أفكار مطروحة للالتفاف حول الجمود في تمديد وقف الاستيطان. إلا أن إسرائيل نفت رسميا أن تكون قد تقدمت بطلب مشابه إلى الولايات المتحدة. وقالت صحيفة «جيروزاليم بوست» إن يولي ايديلستاين، وزير العلاقات العامة وشؤون الاغتراب، نفى وجود أي طرح مشابه. أما واشنطن فقد رفضت التعليق على صحة الخبر. وقال مارك تونر، ناطق باسم الخارجية الأميركية «لا علم لي بهذا التقرير».

وكان حكم على بولارد بالسجن مدى الحياة في عام 1987، بعد أن تبين أنه جاسوس لإسرائيل، وكان يعمل في تحليل المعلومات مع البحرية الأميركية في واشنطن. وحاولت إسرائيل في السابق مرارا أن تستحصل على إطلاق سراحه، من دون أن تلقى تجاوبا أميركيا.

ودعت الرباعية أيضا إسرائيل إلى «اتخاذ خطوات إضافية لتسهيل بناء الدولة على الفلسطينيين والتشجيع على ازدهار الاقتصاد»، مشيرة إلى تقرير البنك الدولي الذي قال إنه «إذا استمرت السلطات الفلسطينية في أدائها الحالي ببناء المؤسسات والعمل على إيصال الخدمات العامة، فإنها في وقت جيد لتأسيس دولة في أي مرحلة من المستقبل القريب».

وتطرقت الرباعية في بيانها أيضا إلى الوضع في غزة، وقالت إن الوضع الحالي في القطاع ليس في مصلحة لا الإسرائيليين ولا الفلسطينيين. لكنها رحبت «بالتغيير المهم» في سياسة إسرائيل تجاه غزة منذ يونيو (حزيران) الماضي، ودعتها لبذل جهود إضافية للتأكد من أن المساعدات الإنسانية والبضائع تصل إلى القطاع.

وأشار البيان إلى دعم جهود إعادة توحيد الصف الفلسطيني، بناء على التزامات منظمة التحرير الفلسطينية. وأدانت «بأشد العبارات الممكنة» استخدام العنف ضد المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، خصوصا اعتداء حماس في 31 أغسطس (آب) في الخليل. كما جددت دعوتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط.