فياض يؤكد الاستعداد لإعلان الدولة الفلسطينية.. ويختلف مع أيالون

بيريس يحذر من الوقوع تحت «سحر إيران».. وعباس يؤكد لقادة اليهود الأميركيين: سنعلن انهاء الصراع اذا توصلنا إلى اتفاق

TT

أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، العمل على إعلان دولة فلسطينية، وبناء المؤسسات الضرورية لإقامة هذه الدولة، في وقت اختلف فيه مع نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، حول تسمية إسرائيل دولة للشعب «اليهودي». وظهرت حدة الخلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على هامش اجتماعات الجمعية العامة في الأمم المتحدة في نيويورك، في وقت عبر فيه الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قريبا. وقال كلينتون: «لا نريد أن يستغرق الأمر عقدا جديدا» في إشارة إلى فشل محاولاته خلال رئاسته، لتحقيق السلام بين الطرفين قبل عشرة أعوام.

وفي جلسة خاصة عن السلام في الشرق الأوسط عقدت في «مبادرة كلينتون العالمية»، شارك فيها فياض والرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد، وأدارها كلينتون، شدد المشاركون على المصالح الاقتصادية والتعليمية التي يمكن تبادلها في حال تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين على سلام دائم. وأكد فياض خلال اللقاء أن «فلسطين مستعدة للأعمال» ودعا رجال الأعمال إلى الاستثمار فيها، موضحا: «نحن نستعجل إعلان الدولة، ونضمن بناء المؤسسات والبنى التحتية لهذه الدولة». وبينما كرر الرئيس الإسرائيلي التصريحات الإسرائيلية بالاستعداد للسلام، حذر بأنه في حال لم يتم تحقيق السلام ستقع المنطقة «تحت سحر إيران». وكرر بيريس انتقاداته لإيران، لكنه لم يوضح أي مواقف إسرائيلية لدفع عملية السلام، ومنها الموقف من تجميد الاستيطان. ومن جهته، قال ولي عهد البحرين إن «المنطقة مقيدة بسبب النزاع، وعالقة بين سيادة السلاح وسيادة القانون». وطالب العالم «بعدم فقدان الأمل في السلام والتمسك به». وبينما تم بحث فرص التعاون في حال تم الاتفاق على السلام في أروقة اجتماعات «مبادرة كلينتون العالمية»، ظهرت خلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في أروقة مقر الأمم المتحدة في نيويورك. وبعد أسابيع من استئناف المحادثات، بعدما توقفت 20 شهرا، تواجه المحادثات مأزقا بشأن قضية البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، إذ يهدد الفلسطينيون بالانسحاب من المفاوضات إذا لم تمدد إسرائيل تجميدا جزئيا على بناء مستوطنات جديدة. وحث مفاوضو رباعي الوساطة للسلام بالشرق الأوسط، إسرائيل على تمديد التجميد، الذي تبلغ مدته عشرة أشهر، تنتهي في 30 سبتمبر (أيلول) الحالي، عندما اجتمعوا أول من أمس، الثلاثاء، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي للصحافيين عقب اجتماع المانحين إن حل المأزق بشأن الاستيطان سيتطلب مرونة من الطرفين.

وغادر فياض اجتماع مجموعة المانحين المسماة (لجنة الاتصال الخاصة) في الأمم المتحدة، ولم يحضر مؤتمرا صحافيا كان مجدولا، بسبب احتجاجه على إصرار نائب وزير الخارجية الإسرائيلي على وضع عبارة «دولتين لشعبين» في بيان اللجنة.

وكانت مجموعة المانحين قد قالت أول من أمس، إنه يجب على إسرائيل عمل المزيد لرفع القيود التي تخنق النمو في الاقتصاد الفلسطيني، وحثت الدول العربية وغيرها من المانحين على تنفيذ وعودها بتعزيز الماليات الفلسطينية. وقال وزير الخارجية النرويجي، يوناس جار شتور، الذي يرأس المجموعة، التي تسعى لحشد الدعم للسلطة الفلسطينية في الوقت الذي يحاول فيه مفاوضو الشرق الأوسط التوصل إلى اتفاق سلام، إن الخطوات الرامية لتخليص الاقتصاد الفلسطيني من الاعتماد على المساعدات تؤتي ثمارها. وتأمل مجموعة المانحين أن تتمكن السلطة الفلسطينية - التي تواجه عجزا في التمويل يصل إلى 400 مليون دولار هذا العام - من الاعتماد على نفسها في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لدفع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى حل القضايا الرئيسية في الصراع خلال عام واحد. وقال شتور إن إسرائيل التي بدأت هذا الصيف السماح بدخول مزيد من السلع إلى قطاع غزة المحاصر، قد اتخذت بالفعل خطوات «ملموسة» لتخفيف القيود على الفلسطينيين، لكن هناك حاجة إلى المزيد. وأضاف «بات واضحا الآن بشكل أكبر أن حواجز الطرق وغيرها من العقبات الناجمة عن الاحتلال تعوق بشكل مباشر تعزيز التنمية الاقتصادية». ومن جهة أخرى، اجتمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) مع أكثر من 50 من قادة اليهود في الولايات المتحدة مساء أول من أمس، على مأدبة عشاء لتوضيح وجهة النظر الفلسطينية والجهود الفلسطينية لتحقيق السلام. ونقلت صحف إسرائيلية تصريحات من عدد من الحضور، لفتت إلى أن عباس «قد يبقى في المفاوضات» حتى وإن لم يتم التوصل إلى اتفاق على مواصلة تجميد الاستيطان.

وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقاء مع ممثلي الجالية اليهودية الأميركية أنه سيعلن «نهاية الصراع» مع إسرائيل في حال أسفرت المفاوضات الجارية حاليا عن اتفاق سلام. وكرر عباس، خلال اللقاء الذي جرى مساء الثلاثاء في نيويورك، أنه سيعرض أي اتفاق سلام يتم التوصل إليه لاستفتاء شعبي كي يحظى بموافقة الشعب الفلسطيني، ويسحب بذلك البساط من تحت أقدام الفصائل التي تعارض التسوية مع إسرائيل، لا سيما حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وقال «أنا أتكلم باسم الشعب الفلسطيني وأمثله، وأي اتفاق يتم التوصل إليه سيتم عرضه للاستفتاء، عندها الشعب يقول كلمته، ولا يكون من حق أي فصيل سواء حماس أو غيرها أن يعترض، وبعدها سنعلن نهاية الصراع التاريخي مع إسرائيل نهائيا». وأضاف عباس «نحن نحترم توقيعنا».

كما أكد أن القادة الفلسطينيين والإسرائيليين سيكونون «مجرمين بحق شعوبنا وأطفالنا وأجيالنا القادمة إذا لم نصنع السلام لهم وللأجيال القادمة، ونتوصل إلى اتفاق سلام بيننا ينهي الصراع التاريخي».

وعلى الرغم من التشاؤم المخيم، اعتبر الرئيس الفلسطيني أن المفاوضات «لها أمل في النجاح» بفضل الدعم الأميركي والدولي لها.

وتابع عباس «نريد التوصل إلى اتفاق إطار مع أننا نعرف أنه يوجد أعداء للسلام، وأن هناك صعوبات في الطريق، لكن من حق أطفال الشعبين أن يعيشوا في أمن وسلام، وأن يعيشوا مستقبلا أفضل». كما تطرق عباس أمام قادة الجالية اليهودية إلى مخاوف إسرائيل الأمنية، وسعى إلى طمأنتها مؤكدا «إننا جادون في صنع السلام وتوفير الأمن لنا ولهم». وأشار إلى أنه يعرف «حساسية الأمن بالنسبة لإسرائيل، وأنها تريد أن تعيش داخل دولة آمنة، وأقول لهم نستطيع أن نوفر ذلك من خلال اتفاق». وأكد الرئيس الفلسطيني أنه يعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «شريكا في السلام»، ودعاه إلى تمديد العمل بتجميد الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية الذي ينتهي الأسبوع القادم لإعطاء فرصة للمفاوضات. وقال عباس «إن العالم يعتبر أن الاستيطان غير شرعي لذلك يجب وقفه». وتابع «نحن نريد مفاوضات جادة خلال تجميد الاستيطان للتوصل إلى اتفاق حول الحدود. إن حدود الدولة على الأراضي الفلسطيني التي احتلت عام 1967 مع موافقتنا على تبادل أراضي بين دولتي فلسطين وإسرائيل يتم بالاتفاق بيننا». وأضاف «نحن لا نطلب سوى وقف الاستيطان ليعطونا فرصة، وإلا سيكون صعبا جدا استكمال المفاوضات من دون وقف الاستيطان». وكرر عباس خلال اللقاء رفضه مطلب نتنياهو الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، الأمر الذي ينطوي على تنازل ضمني عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. وقال بهذا الصدد «تم الاعتراف المتبادل بيننا (بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية) عام 1993، ووقعت إسرائيل ومصر اتفاق سلام ولم تطلب الاعتراف بها كدولة يهودية، ولم تطلب من الأردن ذلك أيضا، لماذا تطلب منا مع أنه من حق إسرائيل أن تسمي نفسها ما تشاء لأن ذلك شأن داخلي إسرائيلي لا يهمنا؟».

وأعرب عباس عن استعداده لقبول «طرف ثالث على الحدود في الجانب الفلسطيني.. سواء أميركا أو الناتو»، ضمن أي اتفاق سلام مستقبلي. لكنه جدد رفضه «لوجود جندي إسرائيلي في أراضي الدولة الفلسطينية». وأضاف «لكني لا أرفض وجود جنرال أميركي أو غيره حتى إن كان يهوديا. لا توجد مشكلة لدينا في عدد جنود الطرف الثالث أو دينه أو مكان وجوده أو مدة إقامته، ولا أضع أي شروط على ذلك، ونحن لسنا ضد اليهود بل ضد الاحتلال الإسرائيلي». وأعلن عباس خلال اللقاء أيضا قبوله «دولة فلسطينية محدودة التسلح» و«وجود قوة شرطية قوية قادرة على حفظ الأمن والنظام في الدولة الفلسطينية». وشدد عباس مجددا على ضرورة وقف الاستيطان «إذا أريد لمفاوضات السلام أن تستمر وأن تنجح»، وذلك لدى اجتماعه بوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في نيويورك الأربعاء على ما أفاد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة.