اليهود الروس يهاجمون الرئيس كلينتون ويتباهون باتهامهم بإفشال المفاوضات

بيريس يمدد زيارته للولايات المتحدة أربعة أيام ليحاول إنقاذ المفاوضات

TT

في الوقت الذي تجري فيه محاولات حثيثة في واشنطن لتجاوز مشكلة البناء الاستيطاني وإزالة العقبات في وجه الاستمرار في مفاوضات السلام، هاجمت قيادة اليهود الروس في إسرائيل الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، على تصريحات اتهمهم فيها بعرقلة جهود السلام ومحاولة إفشال المفاوضات. وطال هجومهم حتى زوجته هيلاري، وزيرة الخارجية، «التي تحاول ممارسة ضغوط شديدة على الحكومة». وراحوا يتباهون بالتهمة.

وكان كلينتون قد صرح، حسب الموقع الإلكتروني الأميركي «فورين بوليسي»، بأن اليهود الروس الذين يشكلون نسبة 16% من السكان في إسرائيل ويخدمون في الجيش ويعيش الكثيرون منهم في المستوطنات، هم الشريحة الإسرائيلية المعنية أقل من غيرها في عملية السلام. وفي حديث مع مجموعة من الصحافيين الذين حضروا مؤتمرا يديره في نيويورك هذه الأيام، أعرب عن قلقه من رفضهم إعادة تقسيم البلاد بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال: «فقط بالأمس، هاجروا لإسرائيل وأصبحوا يشعرون بأنهم يملكونها ويرفضون التنازل عن أي قطعة منها».

وما إن نشرت هذه الأقوال، حتى هب قادتهم يهاجمون كلينتون ويشتمونه. وأصدر حزب «إسرائيل بيتنا»، الذي يعتبر حزب اليهود الروس ويقوده وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، بيانا رسميا يقولون فيه إن كلينتون يبدي جهلا مطبقا لمساهمتهم الكبيرة في الاقتصاد والعلوم والرياضة في إسرائيل، ويستنكرون فيه أقواله. وجاء في البيان: «إن شعب إسرائيل موحد، والقادمون من روسيا شغوفون بالسلام مثل كل المواطنين في إسرائيل، شرط أن يكون ذلك سلاما حقيقيا مبنيا على حقنا كدولة للشعب اليهودي». وأعرب البيان عن الأسف لأن «كلينتون نسي، كما يبدو، أن رئيس السلطة الفلسطينية السابق، ياسر عرفات، هو الذي رفض مبادرة كلينتون للسلام في سنة 2000 التي فرض عليها تنازلات كبيرة على إسرائيل».

وقالت صوفا لاندفر، وهي وزيرة الاستيعاب من الحزب نفسه، إن أقوال كلينتون تعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية لإسرائيل ومحاولة لتفسيخ صفوف المجتمع. وقال رئيس كتل الائتلاف الحكومي، النائب زئيف ألكين، وهو من حزب الليكود وكان قد هاجر إلى إسرائيل قبل 20 سنة، «إننا نعتز لكوننا نقف مع المستوطنين سدا منيعا في وجه محاولات سلبنا أرضنا، ونشير بالافتخار إلى أن اليهود الروس يبرزون في كل جوانب الحياة الإسرائيلية، من إعلانات الوفاة خلال الحروب وحتى الإنجازات الرياضية والعلمية». وأضاف: «يؤسفنا أن الضغوط التي مارسها كلينتون عندما كان رئيسا كلفتنا ثمنا باهظا بالأرواح وأن الضغوط التي تمارسها اليوم زوجته هيلاري لا توفر لنا مزيدا من الأمن».

وكان الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس قد التقى كلينتون في واشنطن، أمس، وتحدث معه حول تصريحاته. وأعلن أن القضية الأهم تبقى الجهود المخلصة التي تبذلها الولايات المتحدة في سبيل إنقاذ مسيرة المفاوضات السلمية. وكشف أنه قرر تمديد زيارته إلى الولايات المتحدة بأربعة أيام أخرى، لينضم إلى هذه الجهود. وذكرت مصادر مقربة منه أنه سيجري عدة لقاءات مع مسؤولين فلسطينيين، إضافة إلى لقائه مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، خلال الفترة حتى يوم الأحد القادم.

وقال بيريس في مؤتمر صحافي بنيويورك، أمس، إن نتنياهو منح الفلسطينيين مهلة 10 أشهر، جمد خلالها الاستيطان، لكي يتقدموا في المفاوضات. ولكنهم راحوا يتمنعون طيلة هذه الفترة، وفقط في الشهر الأخير أبدوا وعيا لأهميتها. وكان ذلك متأخرا. ومع ذلك، فقد رأى أن بالإمكان التوصل إلى «صيغة خلاقة» لتسوية المعضلة. وأضاف أنه لا يتأثر من هذه الأزمة، ففي كل مفاوضات تتعثر الأمور «وعلينا أن لا نفقد صوابنا إزاء أية أزمة».

ومن جهة ثانية، نشرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أن أوساطا في الإدارة الأميركية، ذكرت خلال أحاديث جانبية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يتحمل المسؤولية عن الأزمة في المفاوضات، لأنه لا ينوي التراجع عن شرط استئناف البناء الاستيطاني. وأنه في حال فشل المفاوضات، فإن واشنطن ستعلن موقفها هذا على الملأ.

ونقلت الصحيفة على لسان أحد المسؤولين أن الرئيس باراك أوباما يشعر بخيبة أمل من نتنياهو، «الذي لا يدرك خطورة انفجار المفاوضات التي عملنا شهورا من أجل الوصول إليها». ولكنها أضافت أن الأمل لم يُفقَد بعد، وأن الإدارة الأميركية تنوي استغلال كل دقيقة حتى نهاية هذا الشهر من أجل التوصل إلى صيغة حول موضوع الاستيطان تتيح إنقاذ المفاوضات من الفشل.