لبنان: تهدئة سياسية تنتظر تكريسها عربيا.. وحزب الله يزور السفارة السعودية

عسيري لـ«الشرق الأوسط»: المملكة حريصة على استقرار البلاد والحوار الهادئ البناء

الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الوزراء سعد الحريري يترأسان أمس جلسة لمجلس الوزراء في قصر بعبدا الرئاسي شرق العاصمة بيروت (أ.ف.ب)
TT

دخل لبنان أمس مرحلة جديدة من التهدئة السياسية «المؤقتة» التي تنتظر استكمال الاتصالات العربية والمحلية الدائرة على أكثر من صعيد للجم التوتير السياسي الكبير الذي تلا الحديث الذي أدلى به رئيس الحكومة سعد الحريري لـ«الشرق الأوسط» وكلامه عن «شهود الزور»، والتراشق الإعلامي الكبير بين تيار المستقبل وحزب الله الذي انعكس توترا على الأرض.

وقال مصدر بارز في تيار المستقبل لـ«الشرق الأوسط» إن التيار غير معني بالكلام عن التهدئة لأنه لم يكن الطرف الذي بادر إلى الهجوم الإعلامي والسياسي المنسق ضد التيار ورئيس الحكومة على الرغم من اليد التي مدها الرئيس الحريري من خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط». مشيرا إلى أن ما حصل هو أن الطرف الذي بادر (حزب الله) قرر أن يتوقف ونحن لا مانع لدينا. وأشار المصدر إلى أن الثوابت التي أكدها رئيس الحكومة خلال اجتماع كتلته النيابية منذ أيام والتي كررها في جلسة مجلس الوزراء ليل أول من أمس لا تزال قائمة، جازما بأن «المحكمة الدولية (التي تنظر في اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري) من الخطوط الحمر التي لن يتراجع عنها الرئيس الحريري وتياره»، مشيرا في المقابل إلى «مخاوف حقيقية» من نية الحزب العمل ما استطاع لإسقاط هذه المحكمة ونيته الهجوم عليها في كل فرصة ممكنة، بعدما فشلت حملته الأخيرة لأسباب لها علاقة بـ«السقوف الإقليمية» الموضوعة له. وشدد المصدر على أن التيار لن يتعرض لأي كان إلا إذا بادر الطرف الآخر إلى ذلك.

وكان لافتا أمس قيام وفد من حزب الله برئاسة مسؤول العلاقات العربية في الحزب الشيخ حسن عز الدين إلى السفارة السعودية في بيروت وفق ما أكده السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن سياسة المملكة هي التواصل الدائم مع جميع الفرقاء في لبنان»، مشددا على أن السفارة مفتوحة وقلبها مفتوح لجميع اللبنانيين»، قائلا: «نحن نمشي على الخطى المباركة التي تركها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أثناء زيارته الأخيرة للبنان ونحاول أن نستمر في تواصلنا مع الجميع، وهذه هي سياسة المملكة منذ تأسيسها وهي سياسة مستمرة في عهد الملك عبد الله الذي سخر كل جهده لوحدة الصف العربي ووحدة الإخوة في لبنان، ونحن نسير على النهج نفسه الذي تعلمناه من قائدنا وقائد الأمة وقلوبنا مفتوحة وسفارتنا كذلك، وهذه توجيهات جلالته الذي يؤكد أن المملكة على مسافة واحدة من الجميع». وردا على سؤال عن أجواء اللقاء، قال عسيري إنها «إيجابية»، مشددا على «حرص المملكة على استقرار لبنان والحوار الهادئ البناء، ونعمل لنرى هذا البلد مستقرا وبعيدا عن التجاذبات السياسية».

وكانت جلسة مجلس الوزراء التي عقدت ليل أول من أمس قد وضعت إطارا للتهدئة بعد نقاشات ساخنة داخل الجلسة بين وزراء كتلة الحريري و«14 آذار» من جهة وحزب الله وحليفه تيار العماد ميشال عون. وبعد سجالات كثيرة انتهى الوزراء إلى إرساء نوع من التهدئة. وأكد وزير الدولة عدنان السيد حسين المقرب من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أن أجواء مجلس الوزراء كانت هادئة، قائلا: «إن دور رئيس الجمهورية هو الضابط لعمل المؤسسات والانتظام العام في لبنان»، مؤكدا أن هذا ينسجم مع مضمون الدستور فيما يخص صلاحيات رئيس الجمهورية. وكشف السيد حسين أنه حصل تمهيد للجلسة عبر اتصالات داخلية برعاية سليمان، شارك فيها رئيس الحكومة سعد الحريري، كما كان هناك دور لرئيس مجلس النواب نبيه بري. وتابع: «أما بالنسبة للدور الإقليمي، فلا شك أن المظلة السورية - السعودية لا تزال قائمة»، مشيرا إلى أن الطرفين مصران على استقرار لبنان ومنع التوتر والفتن.

واعتبر وزير الصحة محمد جواد خليفة المقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري أن جلسة الحكومة كانت جلسة تهدئة، معتبرا أنه من الأفضل نقل النقاشات إلى المؤسسات، مشددا على أن لا أحد لديه نوايا للتخريب والكل حريص على التهدئة ووحدة البلد. فيما أشار ممثل حزب الله في الحكومة وزير التنمية الإدارية محمد فنيش إلى أن «ما تم النقاش به وضع الأمور بنصابها، وكان هناك تأكيد على وجوب عدم توظيف المؤسسات لأغراض شخصية وأن كل فرد مهما علا شأنه يجب أن يخضع للقانون، وتم الاتفاق على إيقاف السجالات، واعتماد نقاش سياسي عقلاني واحترام كل فريق للفريق الآخر». وأكد أن حزب الله لم يطلب ولم يدع إلى تغيير الحكومة.

وفي المقابل رأى عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أنه «يبدو أن هناك عناوين تهدئة في هذه الأيام ولكن التهدئة السياسية يلزمها قرار سياسي من الفريق الذي أشعل الوضع»، لافتا إلى أننا «في تيار المستقبل وقوى 14 آذار وكل أصدقائنا كنا في موقع ردة الفعل تجاه الحملة التي تعرضت لها المحكمة ذات الطابع الدولي والمؤسسات»، مشيرا إلى أنه «يبدو بعد مجلس الوزراء أن هناك إمكانية للسعي للتهدئة، ربما عاد البعض إلى عقله بأنه لا يمكن جر البلد إلى فتنة، ولا يمكن لأحد أن يتخلى عن ثوابت الدولة وثوابت المحكمة ذات الطابع الدولي لأنها حقيقة واقعة، وحقيقة تحقيق الاستقرار في لبنان والتأكيد على النظام السياسي اللبناني».