الجزائر تستدعي السفير المغربي.. والبوليساريو تعتقل مفتش شرطتها

روايتان متضاربتان حول طريقة دخول صحافيين مغربيين إلى الجزائر

TT

أعلنت الجزائر أمس أنها استدعت السفير المغربي وأبلغته احتجاجها على «حملة مغربية ضد الجزائر تخفي محاولة التهرب من تطبيق قرارات الشرعية الدولية حول الصحراء الغربية»، فيما ذكرت وكالة الأنباء المغربية أن جبهة البوليساريو اعتقلت المفتش العام لشرطتها الليلة قبل الماضية بعد اجتيازه نقطة الحدود إلى مخيمات تندوف قادما إليها من موريتانيا.

وقال مصدر مسؤول بالخارجية الجزائرية لـ«الشرق الأوسط» إن الجزائر طردت صحافيين مغربيين أمس، بسبب دخولهما أراضيها «من دون رخصة تسمح لهما بالنشاط». وأضاف أن الخارجية استدعت السفير المغربي وأبلغته احتجاجها على «حملة مغربية ضد الجزائر تخفي محاولة التهرب من تطبيق قرارات الشرعية الدولية حول الصحراء الغربية».

وذكر المصدر أن الصحافيين ينتميان لجريدة «الصحراء الأسبوعية» المغربية، وقد تم طردهما أمس إلى مدينة الدار البيضاء. وأضاف المصدر «لقد استدعينا سفير المغرب أمس (الثلاثاء) وأبلغناه احتجاجنا بخصوص دخول صحافيين مغربيين إلى الجزائر بصفتهما كسائحين، ثم تبين أنهما دخلا في مهمة صحافية، لكنهما في الحقيقة ليسا صحافيين. وقد سافرا إلى تندوف (حيث توجد مخيمات الصحراويين) من دون طلب اعتماد يسمح للصحافة في مثل هذه الحالات بالقيام بأي عمل صحافي».

كذلك ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية نقلا عن «مصدر مطلع»، أنه «يكذب ادعاءات مدير صحيفة (الصحراء) الأسبوعية محمد رضا طوينجي، الذي صرح لمنظمة (مراسلون بلا حدود) بأنه تم إبلاغ مصالح السفارة الجزائرية بالرباط يوم 15 سبتمبر (أيلول) - حول طلب اعتماد صحافيين لإنجاز عمل صحافي بالجزائر - وأن ردا إيجابيا صدر عن وزارة الاتصال». وأضاف المصدر أن وزارة الاتصال «لم تتلق أي طلب، وتصريحات مدير الصحيفة المغربية ما هي إلا مناورة يشوبها كالعادة الغموض والكذب. وإذا كان السيد طوينجي يتوفر على دليل خطي حول هذا الاتفاق فلينشره».

وأفاد مصدر وزارة الخارجية بأن «ما قام به الصحافيان لا تقبله أي دولة، وقد كانا يهدفان إلى استفزاز السلطات الجزائرية»، في إشارة إلى معلومات عن توجه الصحافيين إلى مخيمات الصحراويين بجنوب البلاد للكتابة عن «أوضاع حقوق الإنسان بها»، وهو ما ترفضه السلطات الجزائرية. ويذكر المصدر أن الحديث عن دخول الصحافيين بعلم السلطات الجزائرية «قضية مفبركة الهدف منها الاستفزاز والخلفيات معروفة». وأضاف المصدر أن «الأمر يتعلق بحملة مغربية محضرة سلفا، فالرباط تحاول إخفاء انزعاجها من طلب رفعه السيد كريستوفر روس (مبعوث الأمين العام الأممي إلى الصحراء) إلى الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي للضغط على المغرب لحمله على التفاوض مع البوليساريو حول المقترحين: الحكم الذاتي الذي يريده المغاربة واستفتاء تقرير المصير الذي يريده الصحراويون، لكن المغرب كما هو معروف يريد أن يرتكز الحوار على خطة الحكم الذاتي فقط، بينما السيد روس يرغب في تطبيق الشرعية الدولية التي تفرض على طرفي النزاع التفاوض حول المقترحين». وتحدث مصدر الخارجية عن «محاولة المغاربة توظيف ملف حقوق الإنسان ضد الجزائر، لإخفاء انزعاجهم من ضغط محتمل سيمارسه عليهم كريستوفر روس في جولة المفاوضات الجديدة المرتقبة».

وفي المغرب، قال رضا طوينجي ناشر «الصحراء» الأسبوعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنهم حصلوا على اعتماد شفوي من وزارة الاتصال الجزائرية حول زيارة الصحافيين، مشيرا إلى أنهم أرسلوا رسالة مكتوبة إلى وزارة الاتصال الجزائرية يطلبون فيها اعتماد الصحافيين وتلقوا موافقة شفوية، مستدلا في هذا الصدد بأن الصحافيين لم يعتقلا في مطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية، بل احتجزا في فندقهما بعد وصولهما إلى تندوف، مرجحا أن يكون سبب حجز الصحافيين مرده إلى قرب وصول سيدي مولود إلى المخيمات.

وتقول الصحيفة المغربية إن صحافييها حسن تيكبادار، ومحمد السليماني، توجها إلى هناك لتغطية عودة ولد مولود إلى مقر قيادة البوليساريو، الذي سبق أن قام بزيارة مثيرة إلى المغرب أعلن خلالها تأييده لاقتراح الحكم الذاتي. وقال الصحافيان عقب وصولهما إلى مطار محمد الخامس بالدار البيضاء إنهما أخضعا للاستنطاق على مدى ثلاثة أيام من قبل الأجهزة الأمنية الجزائرية قبل ترحيلهما إلى المغرب، وإنهما تعرضا «للاحتقار والإرهاب النفسي».

في غضون ذلك، اعتقلت البوليساريو مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، المفتش العام لشرطة البوليساريو، بعد اجتيازه نقطة الحدود إلى مخيمات تندوف قادما إليها من موريتانيا. وكانت قيادة البوليساريو هددت سيدي مولود باعتقاله ومحاكمته بتهمة «الخيانة» إذا عاد إلى المخيمات، وذلك بعد أن أعلن من مدينة السمارة في الصحراء خلال لقاء صحافي في 9 أغسطس (آب) الماضي، أنه يؤيد مقترح الحكم الذاتي، وأنه سيعود إلى المخيمات لحشد التأييد لهذا المقترح، ولتفادي الاعتقال اقترحت عليه جبهة البوليساريو البقاء في المغرب والتحاق عائلته به. بيد أنه أصر على العودة إلى المخيمات حيث توجد أسرته وعائلته التي تنتمي إلى إحدى القبائل الصحراوية الكبيرة. وأفادت وكالة الأنباء المغربية بأن عناصر من البوليساريو كانوا على متن سيارتين عسكريتين، اعتقلوا سيدي مولود بمنطقة «امهيريز» واقتادوه إلى جهة مجهولة.

وقبل اعتقاله بمدة قصيرة وجه سيدي مولود نداء إلى الرأي العام الصحراوي والدولي أكد فيه إصراره «على الدفاع عن قناعاته رغم حالة الاستنفار والترهيب التي تسعى قيادة البوليساريو إلى فرضها بالمخيمات من أجل لجم الأصوات وتكميم أفواه الضمائر الحية عن البوح بالحقيقة». وناشد الأمم المتحدة وكل المنظمات الحقوقية الدولية بالإضافة إلى أفراد قبيلته الركيبات الوقوف إلى جانبه «دعما لحرية الرأي وحماية لحقه في الحياة».

من جانبه، قال المحجوب السالك، زعيم تيار «خط الشهيد» المعارض لجبهة البوليساريو، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مدينة بلباو بإسبانيا، إن قيادة البوليساريو ليس لديها الحق في اعتقال سيدي مولود لأنه عبر عن رأيه المساند لمشروع الحكم الذاتي كحل للنزاع في الصحراء، وهو خيار موجود ضمن الخيارات الثلاثة التي تطرحها جبهة البوليساريو للاستفتاء. وتساءل «الرجل عبر عن رأيه ولم يحمل سلاحا فلماذا يتم اعتقاله؟». وأوضح السالك أن اعتقال البوليساريو لسيدي مولود «يبرر»، حسب رأيه، للمغرب اعتقال الصحراويين الذي يزورون مخيمات تندوف ويعودون إلى المغرب.