تركيا والبرازيل تذكران بـ«مبادرتهما السلمية» مع إيران وتدعوان لعدم تجاهلها.. وقطر تنتقد ربط الإرهاب بالإسلام

افتتاح مناقشات الجمعية العامة.. وعملية السلام في الشرق الأوسط والملف الإيراني محور الخطابات

أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في طريقه الى المنصة ليلقي كلمته في الدورة 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة أمس (إ ب أ)
TT

طغت قضية السلام في الشرق الأوسط، والملف النووي الإيراني، على مناقشات اليوم الأول للجمعية العامة التي افتتحت أعمالها السنوية أمس في نيويورك. وألقى مجموعة من ممثلي الدول أمس كلمات لم تغب هاتان القضيتان عن أي منها تقريبا. وشهدت مناقشات يوم أمس إلقاء تركيا والبرازيل كلمتين، حرصتا فيها على التذكير بـ«مبادرتهما السلمية» تجاه المجتمع الدولي، والتي تم رفضها، وهي «إعلان طهران» الذي تم التوصل إليه مع إيران، وتجاهله مجلس الأمن الذي مضى وفرض عقوبات إضافية على النظام في الجمهورية الإسلامية. كما تحدث أمير قطر الذي أيضا بنى خطابه على الدعوة إلى اعتماد الدبلوماسية، بدلا من الحرب، لحل الأزمات.

وتحدث الرئيس التركي عبد الله غل الذي جدد دعوته لإسرائيل لتقديم اعتذار رسمي لبلاده، عن حادثة باخرة «مرمرة» التي قتل فيها 9 ناشطين أتراك، كما طالب بتعويض لعائلات القتلى والجرحى الذين وقعوا في الحادثة. وعلى الرغم من أنه أبدى تأييده لجهود أوباما في إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال غل إنه «من الصعب أن نرى تقدما نحو سلام دائم إلا إذا وضعنا حدا للكارثة الإنسانية في غزة».

وعن إيران، جدد دعوته إلى التوصل لحل سلمي حول برنامج إيران النووي، داعيا إلى احترام حق إيران في الحصول على طاقة نووية سلمية، و«حل الجدل القائم» عبر المنظمة الدولية للطاقة الذرية. وقال إن تركيا حاولت إيجاد حل سلمي للقضية النووية الإيرانية، مشيرا إلى «إعلان طهران» الذي تم توقيعه في اسطنبول مع البرازيل وإيران. وقال: «إعلان طهران يؤمن نافذة لفرصة يجب الانقضاض عليها. نعتقد أنه ليس هناك بديل للدبلوماسية».

وأشار إلى أنه لا يمكن مقاومة خطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، إلا إذا اعتمدت كل البلدان الأعضاء، من بينها النووية، «مقاربة عادلة» في سياساتها. وأضاف وهو يشير إلى إسرائيل من دون أن يسميها: «تأسيس نظام عالمي خال من أسلحة الدمار الشامل، لن يكون ممكنا في وقت ننكر فيه واقع وجود أسلحة نووية لدى بعض البلدان التي هي في قلب أكثر المناطق هشاشة». ودعا الدول الأعضاء في المنظمة الأممية إلى تكثيف الجهود لخلق «منطقة شرق أوسط خالية من السلاح النووي».

وتطرق أيضا بشكل موجز إلى الوضع في العراق، وقال إن على الحكومة الجديدة أن تكون «شاملة وفعالة وديمقراطية». ودعا أيضا «جيران العراق»، من دون أن يسمي أحدا، إلى التصرف بمسؤولية واحترام سيادة العراق ووحدته السياسية. ومن بين القضايا التي ذكرها في خطابه، تحدث غل عن أفغانستان، وقال: «إن فشلنا في أفغانستان سيكون له بالتأكيد عواقب على المجتمع الدولي، لا يمكن التنبؤ بها، ولذلك فإن أفغانستان تستحق اهتمامنا الكبير والتزامنا الحقيقي». وأضاف أن التزام تركيا في أفغانستان مفتوح، وأن بلاده ستستمر بتقديم الدعم لأفغانستان «ما دام هناك حاجة إليها».

ومثل تركيا، لم تتردد البرازيل في تذكير الجمعية العامة بأنها حاولت أن تلعب دورا مهما على صعيد السلام العالمي، عبر التوصل إلى «إعلان طهران» مع إيران وتركيا، الذي رفضته الدول الكبرى.

وقال وزير الخارجية البرازيلي سيلزو أموريم، الذي ألقى كلمة بلاده، إن البرازيل تسعى للترويج للسلام في العالم، وإنها في هذا الإطار تدخلت مع إيران وتوصلت إلى «إعلان طهران» الذي قال إنه مثل «فرصة فريدة» لبناء الثقة بين الأطراف. وأضاف: «إعلان طهران الذي وقعته البرازيل وتركيا وإيران، أزال عقبات كانت منعت اتفاقا في السابق. إعلان طهران لا يستهلك القضية، ولم تكن النية قط أن نفعل ذلك. نحن مقتنعون أنه متى ما عادت الأطراف إلى طاولة الحوار، فإنهم سيجدون وسيلة لحل مسائلهم».

وأشار إلى أنه على الرغم من فرض العقوبات على إيران، «فإننا ما زلنا نأمل بأن يطغى منطق الحوار والتفاهم». وأضاف: «العالم لا يمكنه أن يخاطر بأن يعيش صراعا ثانيا مثل صراع العراق. نحن نصر، على أن تحافظ الحكومة الإيرانية على مبدأ الانفتاح في المفاوضات. ولكن من الضروري أن كل المعنيين أيضا يظهرون الإرادة ذاتها».

وتحدث بشكل مسهب عن عملية السلام في الشرق الأوسط، والوضع الإيراني. وقال من دون ذكر إيران: «نتمنى أن يكون العالم قد تعلم من حقبة الحرب على العراق. الثقة العمياء بتقارير الاستخبارات التي تفصل لتبرير أهداف سياسية، يجب رفضها». وأضاف: «يجب أن نمنع لمرة نهائية، استعمال القوة خارج القانون الدولي. وحتى إنه من قيمنا أن نقدر ونسوق للحوار وللحلول السلمية للخلافات».

وعن الشرق الأوسط، أبدى دعمه لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقال إنه يأمل بأن يتم التوصل إلى اتفاق لتأسيس دولة فلسطين، ولكنه أضاف أنه ليس «شكل الحوار الذي سيحدد النتائج، ما يهم هو استعداد الأفرقاء للتوصل إلى سلام عادل ودائم». ودعا إسرائيل إلى تمديد العمل بتجميد الاستيطان، ورفع الحصار عن غزة، ووقف الاعتداء على المدنيين. وأضاف: «البرازيل التي لديها 10 ملايين شخص من أصول عربية، ومجموعة كبيرة من اليهود، يعيشون جنبا إلى جنب في انسجام، لن تترد في المشاركة في عملية السلام».

وتطرق أيضا إلى إصلاحات الحكم الدولي، وقال إن الدول الكبرى توصلت إلى أن تفهم بأنه لا يمكنها أن تعمل من دون شراكة الدول النامية، «ولكن عندما يأتي الأمر للحرب والسلام، فإن القوى التقليدية لا تزال مترددة في تقاسم السلطة». ودعا إلى إدخال إصلاحات على مجلس الأمن، وتوسيعه للسماح للقوى النامية بالدخول حتى كأعضاء دائمين.

أما أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، فقد دعا الولايات المتحدة إلى بدء حوار مباشر مع إيران، وقال: «من وجهة نظرنا، نعتقد أن الحوار المباشر بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن تساهم في حل هذه الأزمة».

وبدا أمير قطر مصرا على توجيه رسالة واضحة: الحروب لا تحل مشكلة الإرهاب، وهو الموضوع الذي ركز معظم خطابه عليه. وقال: «نواجه في هذا العقد تحديات كبيرة جدا. علينا أن نتأكد أن الحرب ليست الطريقة التي يجب اعتمادها لحل هذه المشكلات». وأضاف: «نؤمن بأن الحوار هو الأكثر فعالية لحل الأزمات، ونحن نعمل على إيجاد حلول لعدد من الأزمات السياسية في المنطقة، عبر الترويج للحوار بين الأطراف، سواء في لبنان أو اليمن والقرن الأفريقي أو السودان».

وجدد دعوته المجتمع الدولي لرفع الحصار عن غزة، والذي وصفه بأنه «غير عادل وغير إنساني». وقال: «نحن اليوم أمام مفترق طرق تاريخي في مسيرة المستوطنات.. على الكل أن يدرك أن الدول العربية لن تقبل السلام الذي تريد إسرائيل فرضه كما يحلو لها، وخارج الشرعية الدولية».

وانتقد أيضا أمير قطر ربط الإرهاب اليوم بالدين الإسلامي، وقال: «لا نتفق مع نسبة ما يدعى بالإرهاب، إلى الدين الإسلامي، لأن ذلك، بالإضافة إلى كونه خطأ، هو ظلم تاريخي». وأضاف: «في القرن العشرين، من بينها النصف الثاني، حصلت أعمال عنف في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، ولم يقل أحد إن هذا الإرهاب كان أميركيا أو أوروبيا أو آسيويا. بل تم نسبتها إلى أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى إيديولوجية، من دون ربطها بديانة محددة، بلد أو فكر».

وشدد على أنه رغم وجود الإرهاب في العالم، فإنه لا يجب ربطه بالتهديد بالحروب. وقال: «هذه المعالجة، لم تؤدي إلى تحقيق الأمن أو الاستقرار أو السلام والازدهار. بل العكس، فقد نشرت الدمار في كل مكان.. نشرت الخوف وتسببت بقتل وتشريد الملايين..».

وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد افتتح أمس المناقشة العامة في الأمم المتحدة التي تستمر حتى يوم الأربعاء المقبل. وتحدث في كلمته الافتتاحية عن جملة مواضيع، وتطرق إلى القضية النووية الإيرانية، وقال: «نستمر في حث الحكومة الإيرانية على أن تبدأ حوارا بناء مع المجتمع الدولي، وتمتثل بشكل كلي لقرارات مجلس الأمن». وعن الشرق الأوسط، قال: «نرى تحركا مشجعا نحو السلام، ومن خلال عملنا مع الرباعية الدولية، سنبذل ما بوسعنا لكي تتوصل المفاوضات إلى نتائج ناجحة». وأضاف: «أنا أدعو الطرفين إلى تجنب أي تصرف قد يوقف عملية السلام».