مسؤول استخباراتي بريطاني: نجمع معلومات لمكافحة الإرهاب من الصومال واليمن وباكستان

قال إن عدد موظفي «إم آي 6» 2500.. 10% منهم من أصول عرقية.. واهتمام متزايد بالناطقين بالعربية

TT

كشف دبلوماسي بريطاني رفيع المستوى أن بلاده ما زالت تواجه بشكل كبير خطر التعرض لهجمات إرهابية مع تحول مصدر التهديد إلى المجموعات ذات الصلة في اليمن والصومال، وقال الدبلوماسي الذي وصف نفسه في لقاء محدود مع ممثلي الصحافة العربية بوسط العاصمة لندن أمس بأنه مسؤول التنسيق بين الخارجية وأجهزة المخابرات البريطانية، إن جهاز المخابرات (إم آي 6) يساعد الحكومة البريطانية بوسائل سرية على حماية مصالح المملكة المتحدة الأمنية والاقتصادية على المستوى العالمي. وطلب عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع. وقال إن جهاز المخابرات يقوم بجمع المعلومات السرية من كل أنحاء العالم من أجل دعم سياسات الحكومة البريطانية وأهدافها. وقال إن هدف الأجهزة الاستخباراتية هو تحذير الساسة من ما سيحدث غدا أو في المستقبل القريب في الغرب لمواجهة التهديدات. وأوضح أن «أهم التحديات التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين تشتمل على عدم الاستقرار في بعض مناطق العالم، والإرهاب، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وتهريب المخدرات».

وقال إن جهاز الاستخبارات الخارجية «إم آي 6» يساعد الحكومة البريطانية على التصدي لمثل هذه التحديات. ولكي يتمكن الجهاز من القيام بمهماته، فلا بد له من حماية تفاصيل مصادره ووسائله السرية. وقال إن مركز المراقبة والتنصت البريطاني الحكومي على مستوى العالم في تشلتنهام غرب إنجلترا تابع لجهاز «إم آي 6»، مشيرا إلى أن أنشطته موجهة إلى خارج بريطانيا وليس داخلها. وقال إن العاملين في الجهاز يدعمون السياسة الخارجية البريطانية بالمعلومات، وهناك تنسيق مباشر مع أروقة الخارجية البريطانية. وقال إن عدد العاملين في جهاز «أم آي 6» يبلغ نحو 2500 موظف نحو 10 منهم من أصول عرقية، وقال: «ليست لدينا مشكلة في توظيف أبناء الأقليات العرقية باعتبارهم جزءا من نسيج المجتمع البريطاني»، مشيرا إلى اهتمام متزايد بتوظيف الناطقين باللغة العربية. وتحدث عن أنشطة «إم آي 6» في مكافحة الإرهاب في اليمن والصومال وباكستان وأفغانستان من خلال عمليات جمع المعلومات.

وقال: «منذ عهد رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر بات معروفا أسماء رؤساء الاستخبارات البريطانية». وتحدث الدبلوماسي البريطاني في مناسبة مرور 100 عام على تأسيس الاستخبارات البريطانية الخارجية (إم آي 6) وعن صدور كتاب ضخم في لندن منذ أيام يروي للمرة الأولى، التاريخ الرسمي لهذا الجهاز بنجاحاته وإخفاقاته اعتمادا على أرشيف سري فُتحت خزائنه أمام المحاضر في جامعة كوينز في بلفاست البروفسور كيث جيفري الذي أكد أن الاستخبارات أتاحت له حرية الوصول إلى كل وثائقها. ويكشف الكتاب الذي أُطلق رسميا منذ أيام في وزارة الخارجية البريطانية بحضور الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية السير جون سكارليت، أسرارا عدة متعلقة بمهمات الاستخبارات البريطانية منذ إنشائها عام 1909 وحتى عام 1949، أي الفترة التي سبقت مباشرة بدء الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي. وفي حين تحفل صفحات الكتاب (810) بإنجازات البريطانيين في مجال كشف شبكات العملاء الألمان بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، خاصة كشف الشفرة السرية للألمان (أنيغما) في الحرب العالمية الثانية، إلا أنه يتوقف قبل سرد الإخفاقات التي مُني بها البريطانيون على أيدي السوفيات في حقبة الخمسينات والستينات عندما تبيّن أن أشهر الجواسيس البريطانيين المكلفين مكافحة التجسس الروسي مثل كيم فيلبي هم في الحقيقة عملاء لموسكو اخترقوا أعلى مؤسسات الأمن في بريطانيا.

ويروي كتاب «إم آي 6» تاريخ جهاز الاستخبارات السري وتفاصيل مثيرة عن نشأة الجهاز على يد الكابتن مانسفيلد كامينغ عام 1909 ويقدم «القصة الحقيقية» لقيام كامينغ «بقطع ساقه» بيده لتحرير نفسه من ركام سيارته المتحطمة وليتمكن من الجلوس بقرب ابنه الذي يلفظ أنفاسه.

ويكشف الكتاب أيضا كيف كان البريطانيون يتجسسون على حليفتهم الولايات المتحدة الأميركية لكن جهاز «إم آي 6» اضطر إلى وقف ذلك النشاط عام 1938 بناء على طلب الاستخبارات الداخلية البريطانية (إم آي 5) التي كانت تريد بناء علاقات تنسيق وثيقة مع المباحث الأميركية (أف بي آي). وكشف الكتاب أيضا عن أن عددا من مشاهير الأدباء البريطانيين مثل غراهام غرين وآرثر رانسوم وسومرسيت موم وكومبتون ماكنزي ومالكوم موغيريدج والفيلسوف أ ج فريدي آيار وغيرهم الذين حظوا بشهرة عالمية وترجمت أعمالهم إلى لغات كثيرة أو جرى تصويرها في أفلام من جانب هوليوود أو صناعة السينما البريطانية، كانوا جواسيس للجهاز.

ويأتي هذا الكشف ليثير مجددا الجدل الذي أثير على الساحة الأدبية في بريطانيا وفي العالم بعد الكشف في عقد التسعينات الماضي عن أن الروائي الإنجليزي الشهير جورج أوريل كان هو الآخر عميلا لجهاز الاستخبارات البريطاني الداخلي «إم آي 5» واستخدمت روايته «مزرعة الحيوانات» وما زالت كأداة لمحاربة الشيوعية، حيث ترجمت خلال الحرب الباردة إلى عدد كبير من لغات العالم وأنتجت لها مسرحيات ومسلسلات إذاعية بثت بلغات مختلفة للتحريض ضد الاتحاد السوفياتي. لكن الكتاب الجديد عن تاريخ «إم آي 6» وضع حدا لهذه الشكوك وقدّم للنقاد والمهتمين بالأعمال الأدبية والفكرية لأولئك الكتاب تفسيرا واضحا لما كتبوه.

وأكد البروفسور جيفري في الكتاب أن المهمات التي كلف بها أولئك الأدباء كانت خطيرة لدرجة جعلت حياتهم مهددة، الأمر الذي اقتضى تدريبهم تدريبا جيدا وتزويدهم بأسلحة للدفاع عن النفس، مؤكدا أن أوامر واضحة مشددة وجهت لهم في الوقت ذاته بأنهم «ليسوا مخولين بالقتل»، على عكس شخصية الجاسوس الإنجليزي جيمس بوند التي خلدها إيان فليمنغ في سلسلة الأفلام التي تحمل اسم «العميل 007». وكشف البروفسور جيفري في الكتاب الجديد أن فليمنغ ذاته قد استقى معلوماته حول عمل الجواسيس من صديقه الشخصي ويلفريد داندرديل الملقب باسم «بيفي» الذي عمل لفترة طويلة في باريس جاسوسا لـ«إم آي 6» واشتهر بحبه للسيارات السريعة ومقدرته على إغواء النساء الجميلات إلى أبعد الحدود.