وكالة الطاقة تصوت اليوم على مشروع قرار عربي لجعل «النووي» الإسرائيلي تحت المجهر

ديفيز لـ«الشرق الأوسط»: لم نقدم جزرا ولم نرفع عصيا أمام المشروع العربي * طهران تسحب ترشحها لعضوية مجلس الأمناء

TT

في جلسة ساخنة ستعقد اليوم في فيينا، تصوت الدول الأعضاء في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، على مشروع قرار تقدمت به المجموعة العربية، تطلب فيه من مدير عام الوكالة أن يرفع تقريرا عن القدرات النووية الإسرائيلية لكل من مجلس الأمناء والمؤتمر العام للوكالة في دورتهما القادمة.. كما يطالب أن تظل القدرات النووية الإسرائيلية بندا من بنود اجتماعات مجلس المحافظين للدورة ذاتها.

ورصدت «الشرق الأوسط» تحركات مشوبة بالحذر والترقب تطغى على الجو العام للمؤتمر بهذا الصدد، فيما لا تزال قيادات الوفود وأعضاء المجموعات الجغرافية المختلفة تتسارع خارج قاعة الاجتماع للغرف الجانبية بعيدا عن أعين المراقبين، بجانب اتصالات لم تنقطع بين العواصم للتأكيد على الثوابت عندما تتبلور مواقف وسياسات الدول وتنعكس في طريقة تصويتها.

ومعلوم أن لكل صوت أثره وأهميته، لا سيما في قرارات مصيرية كهذه، إذ تعني إجازة المشروع العربي أن تظل القدرات النووية الإسرائيلية رسميا تحت الأضواء، وأمام مجهر الوكالة الدولية للطاقة الذرية باعتبارها المحفل المسؤول عن الأنشطة النووية. وكانت الدول العربية قد رفعت مشروع قرار مشابها خلال الدورة الماضية لأعمال المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونجحت في تمريره بعد أن فاز بـ49 صوتا مقابل 45 صوتا، وبموجبه عادت القدرات النووية الإسرائيلية للأضواء، وقام مدير عام الوكالة برفع تقرير عن القدرات النووية الإسرائيلية لكل من مجلس الأمناء والمؤتمر العام للوكالة في الدورة الحالية. وتريد الدول العربية التأكيد على هذا القرار وتمريره هذا العام أيضا ليكون ساريا حتى أعمال الدورة المقبلة.

وثار غضب الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل فأعلنت معارضتها لمشروع القرار العربي، مؤكدة أنها ستصوت ضده اليوم.

وبدا واضحا موت مقترح فلبيني ظهر كمحاولة لإقناع الدول العربية بسحب مشروع قرارها وتأجيله للدورة القادمة، على أن يرفع مدير عام الوكالة تقريرا عن القدرات النووية الإسرائيلية. وكان واضحا فتور حماس المجموعتين العربية والغربية لتغيير مواقفهما، وبذلك واصل كل طرف حصد التأييد لموقفه حتى جلسة اليوم التي يتوقع أن تكون ساخنة، وتمتد لساعات طوال.

وفي حين نفى المندوب الأميركي لدى الوكالة الدولية، السفير غلين ديفيز، لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون بلاده قدمت «جزرا أو رفعت عصيا»، لإقناع الدول بمعارضة مشروع القرار العربي، مؤكدا أنهم سعوا لإقناع الدول بالمنطق والاحترام المتبادل، وأن سلاحهم كان ولا يزال هو «الكلمة» لا غير، شارحا أنهم استخدموا الكلمة للإقناع والإشارة والتأكيد على حقيقة أن مشروع القرار العربي يسعى لعزل إسرائيل وانتقائها دون سائر دول المنطقة، مضيفا أن فوز المشروع العربي سيعيد المجتمع الدولي للوراء بما سيبعثه من إشارات سالبة غرضها إدانة إسرائيل، وذلك بعد أن نجح المجتمع الدولي في الوصول لإجماع دولي غير مسبوق في مؤتمر نيويورك في مايو (أيار) الماضي بالموافقة على عقد مؤتمر 2012، لبحث مستقبل منطقة الشرق الأوسط كمنطقة خالية من السلاح النووي.. مكررا القول إن مشروع القرار العربي غير متوازن إذ يركز على إسرائيل وليس إيران.

من جانبه، أوضح السفير محمود حسن الأمين، مندوب السودان لدى الوكالة الدولية رئيس مجلس السفراء العرب لهذه الدورة، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن المجموعة العربية كانت قد رأت أن الأوفق أن ترد بالإيجاب على المقترح الفلبيني تجنبا للمواجهة وإبداء لحسن النوايا باعتبار أن الموافقة على بحث القدرات النووية الإسرائيلية الذي يتضمنه المقترح الفلبيني يمثل الحد الأدنى، لا سيما أن القرارات الخاصة بهذا الأمر تعرضت مرارا لكثير من التعديلات وفي كل مرة كانت المجموعة العربية تتجاوب مع مختلف المقترحات، مؤكدا أن ذلك ما حدث، وأنهم نقلوا موافقتهم للسفيرة الفلبينية ومختلف المجموعات.

ويمضي رئيس المجموعة العربية موضحا «لكن وبما أن تقديم المقترح الفلبيني يحتاج لموافقة المجموعات الأخرى خاصة المجموعة الغربية التي تعمدت وقصدت أن تتلكأ وتتباطأ في الرد بل لجأت لتكتيك هو في رأينا بقصد تشتيت جهد المجموعة العربية.. لكل ذلك قررت المجموعة العربية أنها قد انتظرت بما فيه الكفاية، وأنها لا بد أن تتخذ موقفا قاطعا وحاسما، فأعلنت مضيها قدما في مشروع قرارها، مؤكدة موقفها هذا لكل المجموعات، مصرة على إرسال رسالة عالمية قوية بأنها تخوض معركة قضية مصيرية لتكسبها».

من جانبها، أكدت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط» أن المجموعة العربية عملت بنزاهة لكسب التأييد لهذه المعركة مواصلة لمسيرة «الفوز العربي» الهادف لفضح النووي الإسرائيلي، والتي تحققت 18 سبتمبر (أيلول) 2009، عندما أجاز المؤتمر العام للوكالة بفيينا مشروع القرار العربي، ثم تواصل النصر في مؤتمر مراجعة اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية الذي انعقد في مايو هذا العام بنيويورك، حيث نجح العرب في تضمين مواثيق المؤتمر الكثير من البنود التي كانت مرفوضة من قبل الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل ليتحقق نصر أكبر بالاتفاق على قرار بالإجماع لعقد مؤتمر دولي بالقاهرة في مايو 2012 لبحث مستقبل منطقة الشرق الأوسط كمنطقة خالية من السلاح النووي. مؤملين ألا تنقطع هذه المسيرة المشرفة اليوم، مبدين استياءهم واستهجانهم لسعي دول كبرى تدعي أنها ديمقراطية لإخضاع دول صغيرة، وأن تهددها وترهبها وقد تجبرها على التغيب عن التصويت.

إلى ذلك، سحبت إيران أمس ترشحها لمقعد في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة الذي يقرر سياسات الوكالة بعد أن فشلت في الحصول على الدعم الكامل لمجموعة دول الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وتخضع إيران منذ ثماني سنوات لتحقيقات الأمم المتحدة في برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يسعى لصنع أسلحة نووية، بينما تقول الجمهورية الإسلامية إنه يستهدف توليد الكهرباء فقط. وقال دبلوماسي عربي إن إيران والأردن والإمارات العربية المتحدة تنافست على المقعدين المخصصين للمجموعة في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يلتقي دوريا في مقر الوكالة في فيينا. وقال المبعوث العربي إنه قبل وقت قصير من الاجتماع لاتخاذ قرار في هذا الشأن أعلنت إيران أنها ستسحب ترشحها من أجل «تضامن المجموعة». ولم يعط الدبلوماسي العربي تفاصيل أكثر. وانتخبت الأردن والإمارات في وقت لاحق أمس لعضوية مجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 دولة.

وكانت محاولة إيران الحصول على مقعد في مجلس محافظي الوكالة ستواجه معارضة غربية إذا ما وصلت إلى مرحلة التصويت أمام الجمعية العامة للوكالة التي تضم 151 دولة والمنعقدة لمدة أسبوع في فيينا. ويملك مجلس محافظي الوكالة تحويل الدول إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إذا اعتقد أنها تخرق قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحدث ذلك مع إيران عام 2006 بسبب عدم إعلانها عن أنشطة حساسة تتعلق بتخصيب اليورانيوم وعدم تعاونها بشكل كامل مع مفتشي الوكالة.

وتقضي قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية باللجوء إلى تصويت الجمعية العامة للوكالة في حالة عدم تمكن أي مجموعة من مجموعاتها الإقليمية الست من التوصل إلى اتفاق بشأن مرشحها. وقال دبلوماسي غربي لـ«رويترز»: «أعتقد أن إيران قررت أنه من الأفضل لها أن تسحب طلبها عن المخاطرة بخسارة التصويت في الجمعية العامة».

في سياق آخر.. فازت تونس بالتصويت في ساعة متأخرة من جلسة أمس بمقعد يؤهلها لتمثيل أفريقيا في مجلس المحافظين لدورته القادمة، وبذلك تنضم لكل من الأردن ودولة الإمارات العربية اللتين فازتا بالإجماع لتمثيل منطقة «ميسا» (الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا).