لجنة مجلس حقوق الإنسان تصف الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية بالوحشية وانتهاك القانون الدولي

في تقريرها حول الهجوم الذي استقبل بترحيب تركي وفلسطيني وإدانة ورفض من تل أبيب

TT

استقبل تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق بشأن الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية الذي أسفر في 31 مايو (أيار) الماضي، عن مقتل 9 من المتضامنين مع الشعب الفلسطيني جميعهم من الأتراك وجرح نحو 50 آخرين، بترحيب من الجانبين التركي والفلسطيني، وإدانة من جانب إسرائيل التي اعتبرته منحازا وأحادي الجانب، مصرة على موقفها من الاعتداء مؤكدة أن جنودها كانوا في حالة دفاع عن النفس عندما قتلوا الأتراك التسعة.

ويتهم التقرير، الذي شارك في إعداده ثلاثة خبراء دوليين في حقوق الإنسان اثنان منهم قاضيان، من بريطانيا وترينداد، والثالث ناشط ماليزي في حقوق الإنسان، إسرائيل بانتهاك حقوق الإنسان وخرق القانون الدولي في اعتدائها على أسطول الحرية في المياه الدولية. ووصف الغارة العسكرية على سفن الأسطول لا سيما السفينة القائدة «مرمرة» بالوحشي. ورغم تأكيده على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها واعتبارهم إطلاق الصواريخ على بلداتها من قطاع غزة انتهاكا لحقوق الإنسان، قال التقرير إن العملية العسكرية الإسرائيلية شكلت «مستوى غير مقبول من الوحشية. وإن مثل هذا التصرف لا يمكن تبريره أو القبول به على أسس أمنية أو أي أرضية أخرى». ودعت اللجنة إسرائيل إلى معاقبة المسؤولين عن هذا العنف.

واعتبرت اللجنة التي رفضت إسرائيل التعاون معها بل حتى السماح لها بدخول أراضيها كجزء من عملية التحقيق، أن هذا الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على الأراضي الفلسطينية (قطاع غزة) يشكل عقابا جماعيا للمدنيين لذلك فهو أيضا غير قانوني، بسبب الأزمة الإنسانية الناجمة عنه في هذه الأراضي.

وقال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو لوكالة الأنباء التركية (اناتوليا) «نتوقع أن يصدر المجلس (حقوق الإنسان الدولي) انطلاقا من هذا التقرير الذي ينسجم مع توقعاتنا، بيانا شديد اللهجة». وأضاف أوغلو: «نأمل أن تتعلم إسرائيل كيف تستخدم لغة القانون الدولي والتصرف على أساسه».

واعتبرت حركة حماس التقرير «دليلا إضافيا وتأكيدا على ممارسة حكومة الاحتلال الصهيوني إرهاب الدولة وانتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية». وقال فوزي برهوم، المتحدث باسمها إن «ذلك يضع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية أمام اختبار جديد، إما أن يكونوا مع تطبيق العدالة الدولية ومحاكمة قيادات الاحتلال كمجرمي حرب واتخاذ قرارات رادعة بحقهم، أو يستمروا في سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الصهيوني». وشدد على أن «هذا التقرير يتطلب خطوات سريعة وعملية لمحاكمة قيادات العدو الصهيوني وحكومة الاحتلال على جرائمهم في محاكم الجنايات الدولية، وضرورة اتخاذ قرارات حازمة ورادعة لهذه الحكومة ولجم عدوانها وإرهابها».

أكد محمد زيدان، رئيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان في إسرائيل الذي كان على متن سفينة مرمرة، أن نتائج التحقيق صحيحة، وستفتح الباب أمام معاقبة إسرائيل على سياستها العدوانية. وأضاف: «اثنان وستون عاما، والحكومات الإسرائيلية تدير سياسة قمع إجرامية بحق الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، من دون رادع دولي. واليوم يأتي مجلس حقوق الإنسان العالمي ليضع حدا لهذا الهدر لحقوق الإنسان الفلسطيني ويبدأ مسيرة معاقبة المجرمين».

واعتبر أن التقرير يشكل قاعدة قانونية لمحاكمة ليس فقط منفذي الاعتداء بل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، أيهود باراك، اللذين أصدرا الأوامر وكل من ساهم في اتخاذ القرار العدواني.

من جانبه، قال اندي ديفيد أحد المتحدثين باسم وزارة الخارجية إن مجلس حقوق الإنسان الدولي ومقره جنيف، ألقى باللائمة على إسرائيل قبل انطلاق لجنة التحقيق في عملها، لذا فإنه ليس مفاجئا أن تدين إسرائيل لاحقا. ويشير الناطق بذلك إلى قرار الإدانة الذي اتخذه المجلس بأعضائه الـ47، في مطلع يونيو (حزيران) الماضي.

وجاء رد إسرائيل الرسمي على موقعها الالكتروني إذ قالت: «كما هو متوقع من أي دولة ديمقراطية، قامت إسرائيل ولا تزال تقوم بالتحقيق في أحداث قافلة السفن إلى غزة. وقد أنهت لجنة تقصي الحقائق برئاسة الميجر جنرال الاحتياط غيورا آيلند عملها، فيما لا تزال لجنة تيركل التي تضم بين أعضائها مراقبين دوليين اثنين تقوم بعملها. ووافقت إسرائيل بشكل غير مسبوق على المشاركة أيضا في لجنة تحقيق معينة من قبل السكرتير العام للأمم المتحدة تقوم هي الأخرى بالنظر في الموضوع. إن التقرير الذي تم نشره اليوم (أمس) هو تقرير منحاز وأحادي الجانب تماما مثل الجهة التي تمخضت عنه. وفي ضوء ذلك كله، فإن إسرائيل ترى أن أحداث قافلة السفن بات محققا فيها بما فيه الكفاية وأن أي نوع آخر من أنواع معالجة الموضوع زائد عن الحاجة تماما وغير مثمر».

يذكر أن إسرائيل شكلت لجنتين إحداهما عسكرية أنهت تحقيقاتها بالتأكيد على فشل الهجوم على الباخرة «مرمرة»، وكشف عن عدم وجود تنسيق بين الأجهزة المشاركة في العملية العسكرية. بين البحرية وقوة الكوماندوز المنفذة، مما أظهر نقصا كبيرا في المعلومات أدى لنتائج فضائحية.

وأما اللجنة الثانية باسم لجنة تيركل نسبة إلى رئيسها القاضي المتقاعد جيكوب تيركل، فهي تقترب من الانتهاء من تحقيقها وأنها جمعت معظم الشهادات المطلوبة.

يذكر أن عضو اللجنة القاضي المتقاعد شبتاي روسين، توفي مساء يوم الثلاثاء الماضي عن عمر يناهز الـ93 عاما، جراء نوبة قلبية.