وزير الخارجية الكويتي «الشرق الأوسط»: الاهتمام العالمي باليمن سوء طالع للإرهابيين

مؤتمر «أصدقاء اليمن» في نيويورك بمشاركة دولية واسعة تحضيرا لمؤتمر الرياض «حيث ستتم المحاسبة» * القربي: الفساد لم يعد مشكلة في اليمن

الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء الكويتي يلقي كلمة بلاده في الدورة الـ 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة أمس (أ.ف.ب)
TT

نفى وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، وجود مشكلة فساد في الحكومة اليمنية تعوق صرف الأموال التي تعهد بها «أصدقاء اليمن» في الاجتماع الوزاري الذي عقد في لندن مطلع العام الحالي. وقال القربي في لقاء وزاري لـ«أصدقاء اليمن» عقد في نيويورك أمس على هامش أعمال الجمعية العامة «كان موضوع الفساد يطرح كقضية قبل 5 أو 6 سنوات، لكن اليوم هناك هيئة لمكافحة الفساد، وقد تمت الإشادة بهذه الجهود خلال الاجتماع.. ليست هناك مشكلة في قضية الفساد اليوم».

إلا أن الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت قال لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع الموسع الذي حضره ممثلون عن 24 دولة عربية وأجنبية، إضافة إلى ممثلين عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بحث «هذا الموضوع بشكل واضح». وأضاف «هناك مشكلة فساد، لكن ليست المشكلة الوحيدة متعلقة بصرف الأموال. فهناك عامل آخر وهو قدرة الحكومة ومختلف الوزارات على العمل معا للتأكد من أن المال يصرف بطريقة مناسبة».

والاجتماع الذي عقد في نيويورك، أمس، لم يتم خلاله تقديم أي تعهدات مالية إضافية مختلفة عن تلك التي قدمت في يناير (كانون الثاني) الماضي، بل إنه بحث ورقتين تم تحضيرهما من قبل لجنتين في اللقاء، الأولى عن الاقتصاد والحوكمة والثانية حول العدل والأمن.

وقال وزير الخارجية الكويتي محمد الصباح، الذي شارك في اللقاء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الاجتماع كان تحضيريا للاجتماع التالي الذي سيعقد في الرياض، وهناك ستتم المحاسبة». وتستضيف السعودية مؤتمر اليمن في فبراير (شباط) من العام المقبل. وكان مؤتمر لندن قد تعهد بتقديم 5.5 مليار دولار مساعدات لليمن، لم يتم صرف إلا نحو 15 في المائة منها. وقال الصباح تعليقا على سبب التأخر في صرف الأموال «هناك 5.5 مليار دولار من تبرعات تم الإعلان عنها في مؤتمر لندن، 70 في المائة منها من دول مجلس التعاون الخليجي. ودول المجلس أوفت بهذه الالتزامات، ورصدت مبلغ 3.7 مليار دولار لليمن، لكن لم يتم صرف إلا 1.8 مليار دولار، والسبب أن هناك قدرة محدودة على الاستيعاب في الاقتصاد اليمني، وهذه مشكلة أساسية». وأضاف «لا يمكننا أن نبني 15 مستشفى أو مدرسة في الوقت نفسه، كذلك نحتاج إلى توسيع طرق ومحطات كهرباء..». وشدد على أن القضية ليست سياسية بل «فنية»، وقال «لقد اتخذنا قرارا في دول مجلس التعاون لتجاوز القضية السياسية».

وشرح الوزير البريطاني لـ«الشرق الأوسط» أن الأموال التي تم رصدها لليمن، سيتم صرفها، لكن في الوقت والمكان المناسب، وقال «الأمر لا يتعلق فقط بصرف المال لصرفه، فتحديد أين يجب صرف الأموال يأخذ وقتا». وأضاف «سيتم تقديم عدد من الأفكار التفصيلية قبل مؤتمر الرياض الوزاري، لذا الآن لدينا قاعدة لعدم صرف المال إلا عندما نتأكد أنه يصرف في المكان المناسب».

وأكد القربي من جهته أن الحكومة اليمنية «ستقدم خطتها الخمسية للتنمية التي ستعالج فيها البطالة والفقر والتحديات الاقتصادية، إلى اجتماع أولا على مستوى كبار الموظفين، ومن ثم إلى وزارة الخارجية في الاجتماع القادم في الرياض، الذي ستحدد فيه احتياجات اليمن وكل بلد يختار أين يمكنه أن يساعد». وشدد القربي على أن بلدان «أصدقاء اليمن» أكدت أنها لن تتدخل بالشأن الداخلي للبلاد، وقال «الحوار قضية يمنية، ودورهم أن يشجعوا ويدعموا الحوار، لكن لن يتدخلوا في الموضوع اليمني. قطر تشرف على الاتفاقية التي وقعت مع الحوثيين في صعدة..».

وبعكس اللقاء الأول الذي عقد في لندن، وضم مجموعة محددة من الدول، شهد لقاء أمس اهتماما عالميا موسعا، في وقت يعتقد فيه الكثير من الخبراء أن خطر «القاعدة» في اليمن تعاظم في الأشهر الأخيرة. وقال الوزير البريطاني أليستر بيرت تعليقا على المشاركة الواسعة «الاجتماع الأول تم تحضيره بشكل سريع، لكن المهم اليوم مدى الاهتمام الدولي باليمن، وهذا يظهر مستوى التحدي. لا أدري إذا كان يمكننا القول إن (القاعدة) أصبحت أقوى، لكن هناك شعورا بأن هناك حاجة لسياسة لمواجهة الإرهاب». وأضاف «التهديد الإرهابي لا تتم معالجته فقط عبر الجيش والسلاح، بل عبر التأكد أيضا من أن (القاعدة) لا تربح قوة من الشعب عبر اللعب على الخلافات الداخلية».

ورأى الصباح من جهته في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الاجتماع بالطبع سيساعد على تخفيف خطر (القاعدة) لأنه سيظهر الدعم الدولي لجهود اليمن في محاربة الإرهاب». وأضاف «بالنسبة إلينا، اليمن جزء من شبه الجزيرة العربية، وعلينا واجب مساعدة أشقائنا، لذلك لا يمكن إلا أن يرى الإرهابيون أن هذا الاهتمام العالمي باليمن سوء طالع لهم. هذا الاجتماع ليس نصرة للحكومة اليمنية، بل للشعب اليمني». وأكد الصباح أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تتدخل في شؤون اليمن الداخلية، وقال «عندما نقول أصدقاء اليمن نقصد كل اليمن، ولا يمكن أن نقف في خندق ضد آخر، لا أحد يستطيع أن يحل قضايا اليمن السياسية إلا أهل اليمن نفسه، نحن نستطيع أن نبني الجسر، لكن عليهم هم أن يعبروه».

وفي البيان الختامي الذي صدر أمس بعد الاجتماع، أثنى المجتمعون على «التقدم الذي تم إحرازه» في اليمن منذ اجتماع يناير في عدد من المرافق، منها الاتفاق بين الحكومة اليمنية وصندوق النقد الدولي الذي «أدخل انضباطا لإدارة الدين العام المرتفع في اليمن». وأثنى الاجتماع أيضا على «إطلاق الحوار الوطني، وإعلان وقف إطلاق النار في صعدة».

وشدد البيان على دعمه وتشجيعه الحوار الوطني، وقال «الحوار الوطني يشكل الأساس لبناء الأمن والاستقرار. لقد اتفقنا على أن الحوار يجب أن يتم استكماله بصورة سريعة للانتقال إلى حوار جدي بين الفرقاء السياسيين الأساسيين وغيرهم الذين كانوا مصدرا لصراعات مختلفة في البلاد».

وعن الفساد، قال المجتمعون في بيانهم «(أصدقاء اليمن) قدم دعمه للحكومة اليمنية في جهودها لمكافحة الفساد، وحثهم على محاكمة المتهمين بالفساد بسرعة.

الفساد قوض من التنمية والاستثمار، وأسهم في عدم الاستقرار الأمني والسياسي». وذكر البيان أيضا أن برنامج التنمية لليمن بين عامي 2011 و2015، إلى جانب الإصلاحات الوطنية «كان عاملا أساسيا لتشجيع المانحين والتأكد من أنه سيتم توصيل المساعدات خلال السنوات الخمس المقبلة».