تركيا وفنلندا تطلقان آلية جديدة للوساطة السلمية من نيويورك

داود أغلو: العالم بحاجة إلى ثقافة وساطة جديدة.. ويجب التحاور مع الجميع

TT

تعمل أنقرة وهلسنكي على فتح صفحة جديدة في ثقافة الوساطة وتقريب وجهات النظر في حل النزاعات حول العالم، مع نظرية تعتمد على ضرورة الحديث مع أي طرف في صراع ما من أجل حله. وأطلقت تركيا وفنلندا آلية جديدة للوساطة السلمية في نيويورك أمس، حيث قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أغلو إن «تركيا وفنلندا بدأتا عملية من أجل الوساطة السلمية». وشرح أحمد أغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية ألكساندر ستوب أن العالم بحاجة إلى «ثقافة وساطة جديدة، ليس فقط ردا على أزمة، بل من أجل رؤية للسلام». ويذكر أن تركيا عضو غير دائم العضوية في مجلس الأمن حاليا.

وتنوي تركيا العمل مع فنلندا على ترؤس «مجموعة أصدقاء»، تعمل على الوساطة في أزمات سياسية حول العالم من أجل السلام. ومن المرتقب أن تتقدم أنقرة وهلسنكي بطرح قرار في الأمم المتحدة لدعم «السلام من خلال الوساطة» الربيع المقبل. وترأس داود أغلو مع ستوب والرئيس الفنلندي السابق ماري اهتيساري اجتماعا على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، لإطلاق «السلام من خلال الوساطة» بحضور 8 وزراء خارجية لـ12 دولة، هي قطر والسويد والنرويج وبلجيكا والبرازيل وآيرلندا وتنزانيا وإسبانيا وأفريقيا الجنوبية وإندونيسيا وسويسرا. وشارك رئيس الاتحاد الأفريقي جان بينغ وأمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أُغلي في الاجتماع، على أن تكون هذه المنظمات الإقليمية محورية في الوساطة. كما حضر مسؤولون من الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول إمكانية التوسط والتعامل مع مجموعات يصنفها المجتمع الدولي بـ«الإرهابية»، قال داود أغلو: «من أجل أن تكون الوساطة ناجحة، يجب أن تشمل الجميع». وأضاف: «أحيانا تكون هناك أطراف نافذة وتحتاج جهود السلام لهم»، موضحا: «الأمر المهم هو الإطار الذي تكون فيه المحادثات، وإذا كانت تلك الأطراف مؤمنة بالسلام». ومن جهته قال ستوب: «يجب أن لا يوصف امرؤ بأنه إرهابي لأنه يجب أن تكون لدينا فرصة أن نجلس ونتحاور، نحن بحاجة إلى الجميع من أجل السلام».

ولفت داود أغلو إلى أن العالم أصبح لديه «عواصم مرتبطة بثقافة الوساطة»، وباتت إسطنبول واحدة منها. وقال: «هناك أسماء وثقافات مرتبطة بالوساطة والسلام، هيلسكني من بينها، فهي لعبت دورا أساسيا للسلام في أوروبا واسمها أصبح رمزا مهمّا». وأضاف: «خلال السنوات الماضية أصبحت إسطنبول تحصل على مثل هذه السمعة الجيدة، مثل أوسلو وغيرها». وشدد على أن «لا توجد أجندة خفية لعملنا ولا نريد التباهي، فقط نريد مساعدة العملية العالمية للسلام».

ومن جهته قال ستوب إن «تركيا أصبحت من أكثر الدول نفوذا في العالم، وهي ربما أكثر نفوذا من غالبية الدول الأوروبية». وأضاف: «لها دور في قضية سورية وإسرائيل والأوضاع في الخليج والقرن الأفريقي والبلقان، بالإضافة إلى شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة». وأضاف: «تركيا هي الرابط بين الشرق والغرب، ويجب أن تكون لدي روابط قوية مع بلد مثل هذا».

ويذكر أن هناك علاقة صداقة بين الوزيرين التركي والفنلندي، إذ كان ستوب أول من زار داود أغلو بعد أن أصبح وزيرا للخارجية. وأكدا في المؤتمر الصحافي أنهما على تواصل مستمر ويتباحثان في حول الأزمات حول العالم، كما سيعينان مسؤولا من كل بلد لمتابعة هذه المبادرة والتنسيق مع دول «مجموعة أصدقاء» من المرتقب أن يزداد عددهم خلال الفترة المقبلة. ومن المرتقب أن تعقد «مجموعة الأصدقاء» لقاء خلال 6 أشهر لبحث تفاصيل الآلية وكيفية عملها، بالإضافة إلى الاجتماع بشكل دوري مستقبلا.

وكانت تركيا قد ساهمت بترؤس اجتماع للجمعية العامة حول السلام والأمن أول من أمس، تركزت على آلية دعم السلام. وتشدد تركيا على أهمية تقوية آليات الأمم المتحدة للعب دور الوسيط أو دعم الوساطة من أجل السلام. وهذا ما سيتضمنه القرار الذي من المرتقب أن تدرجه تركيا وفنلندا، بالإضافة إلى مقترح بجعل السلام والوساطة ضمن القضايا المدرجة للنقاش في الجمعية العامة وتقوية دول المنظمات الإقليمية في الوساطة.

ومن جهة أخرى شارك داود أغلو أمس بترؤس الاجتماع الوزاري لـ«تحالف الحضارات» التي أطلقته تركيا مع إسبانيا عام 2004. وقال داود في الاجتماع إن «التطورات السلبية التي نشهدها تثبت الحاجة إلى مثل هذا التحالف»، منددا بتهديد حرق نسخ من المصحف الشريف. كما أنه قال إن «اعتبار مجموعة مدنية تساعد شعب غزة هدفا عسكريا هو تطور سلبي جدا»، في إشارة إلى إطلاق إسرائيل النار على «أسطول الحرية» التركي في مايو (أيار) الماضي على شواطئ غزة. وبحث الاجتماع الوزاري المغلق الذي حضره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سبل مواجهة التطرف والنزعات المعادية خاصة للدين الإسلامي.