العراق: 1429 حادثة اغتيال بمسدسات كاتمة للصوت خلال 3 سنوات

686 منها سجلت منذ مطلع يناير وحتى 17 الحالي

TT

يثير انتشار أسلحة «كاتم الصوت» في الشارع العراقي وتمكن مصنعين بسطاء يستخدمون قطع غيار مولدات لا يتجاوز سعرها الـ10 دولارات لتصنيعها محليا، الرعب بين المواطنين وأيضا حول ساعات الخدمة لأفراد الجيش والشرطة إلى ساعات إنذار وتأهب، تحسبا لظهور شخص من نافذة سيارة تمر من أمامهم أو أحد المارة ليبرز مسددا بكاتم للصوت ويرديهم قتلى كما حدث مؤخرا في الكثير من نقاط التفتيش.

ومما زاد من حدة هذه المخاوف تقرير أصدره مرصد الحقوق والحريات الدستورية (من منظمات المجتمع المدني) يظهر أن 1429 شخصا راحوا ضحايا لاغتيالات نفذت بمسدسات كاتمة للصوت. وأضاف المرصد في تقرير، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن بين الضحايا موظفين وشخصيات اجتماعية ومرشحين في الانتخابات وكذلك ناشطون سياسيون ورجال أعمال. وحسب التقرير، فإنه خلال الفترة الممتدة من مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي حتى 17 سبتمبر (أيلول)، قتل نحو 686 عراقيا بالمسدسات الكاتمة للصوت.

«أم عمار»، ربة منزل، ما زالت تتذكر طريقة اغتيال أحد جيرانها في عام 2006 وكان ضابطا متقاعدا. وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنها لم تتوقع أن يكون هذا الرجل مستهدفا، فقد فكان كبير السن وليس له عداوات مع أحد وكان طيبا مع جيرانه، وأتذكر أنني ذهبت لجلب بعض الخبز للبيت لتحضير وجبة الغداء وعند اقترابي من منزلي وجدت سيارة صالون بالقرب مني ترجل منها اثنان وكان الضحية يسير بجانب بيتي فأخرجوا مسدسات غريبة الشكل ولم أسمع سوى أصوات تشبه أزيز الكهرباء سقط على أثرها الرجل، وعاد الشخصان الملثمان لمركبتهما ولاذا بالفرار، مؤكدة أن العملية لم تستغرق سوى أقل من نصف دقيقة.

وبين أحد خبراء الأسلحة في وزارة الداخلية والمعني بملف أسلحة الكاتم ومتابعتها، أن أغلب قطع الكاتم التي تركب على مسدسات هي محلية الصنع إلا ما ندر، لكنني وجدت أغلب الأسلحة المضبوطة صنعت أجهزتها الكاتمة داخل العراق، مؤكدا أن تصنيعها يمر على حرفيين وتحديدا أصحاب ورش الخراطة، كما أنها لا تستخدم مع جميع أنواع المسدسات، بل هناك نوعيات حصرية وهي القديمة والمعروفة في العراق، مثل المسدس العراقي (طارق 9 ملم) وكان يصنع في معامل التصنيع العسكري، وأيضا مسدس (برتا) الإيطالي الصنع و(ستار 8.5 ملم) الهنغاري الصنع وأغلبها أنواع كانت متداولة ضمن الجيش العراقي ويجهز بها المنتسبون، لكن عام 2003 تم نهب أغلبها من وحدات الجيش وأصبحت بيد الناس تباع وتشترى، وسبب ملائمتها لأجهزة الكاتم، وجود فراغ ما بين بدن المسدس والماسورة من الأمام وهنا تحور عبر خراط ليركب عليها الكاتم.

وأكد الخبير أن أغلب من تم ضبطهم وبعد التحقيق معهم، تبين أن عملهم ليس منفردا، بل على شكل مجاميع منظمة بعضهم يعمل على اغتيال أفراد الأجهزة الأمنية والبعض الآخر متخصص بالتمويل، أي القيام بعمليات ضد صياغ الذهب وتجاره بهدف سلب أموالهم وتمويل عمليات إرهابية وبعض المجاميع تبين أنهم من عامرية الفلوجة وضبطنا شرطي مرور من الرصافة بحوزته مسدس كاتم، لكن لم تثبت إدانته بجرم، كما ضبطنا مصنعا لأجهزة الكاتم في منطقة العامرية. ولفت إلى أن أغلب أفراد هذه المجاميع نادرا ما يسلمون أنفسهم خلال المواجهة أو مداهمة الأجهزة الأمنية، ويعمدون عادة إما للانتحار قبل الإمساك بهم أو الاستمرار في المواجهة حتى الموت ولهذا تكون عملية التحقيق والمعلومات محدودة جدا عن هذه المجاميع.