النيابة الإدارية بمصر تخصص خطا ساخنا لتلقي شكاوى مكافحة الفساد

قانونيون وحقوقيون استهجنوا الفكرة وطالبوا بإصلاح المنظومة برمتها

TT

تباينت الرؤى حول قدرة الخط الساخن الجديد الذي أطلقته النيابة الإدارية في مصر على حل مشكلات الفساد داخل الأجهزة الحكومية، حال وجود أي مخالفة مالية أو إدارية. ففي الوقت الذي رحب فيه البعض بقرار رئيس هيئة النيابة الإدارية الدكتور تيمور مصطفى كامل، باعتبار الخط تطورا سيحد من الفساد بشكل كبير، رأى آخرون أن حل مشكلة الفساد يكون بإصلاح المنظومة الإدارية ككل، وأن الخط الهاتفي سوف يزيد من نسبة الشكاوى الكيدية، وأن وجوده مرتبط بالانتخابات البرلمانية التي تشهدها مصر في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وشهدت مصر إطلاق خط ساخن (رقم ‏19468) لتلقي شكاوى المواطنين ضمن بوابة الحكومة المصرية منذ عدة أيام، بغرض تدعيم الشفافية وتحديد مواقع الفساد المالي والإداري والقضاء عليه. وتزامن إنشاء الخط الجديد مع صدور تقارير كثيرة من مجلس الوزراء المصري تؤكد انتشار الفساد الإداري في أجهزة الحكومة، وأن 70% من المواطنين يتعرضون لوقائع فساد في أغلب قطاعات الحكومة بصفة يومية.

فمن جانبه، قال أحمد عبد النبي، مسؤول الخط الساخن، في اتصال تليفوني لـ«الشرق الأوسط»، إن «خط النيابة الإدارية يدخل ضمن بوابة الحكومة المصرية، التي تجيب عن استفسارات وشكاوى المواطنين، ويتضمن وزارة القوى العاملة التي تختص بشكاوى المواطنين عن الفساد الإداري في أجهزة الدولة، ووزارة التضامن الاجتماعي التي تختص بشكاوى فساد التجار، ووزارة الصحة التي تختص بشكاوى العلاج على نفقة الدولة».

وأضاف المسؤول أن الخط يتلقى أيضا شكاوى العاملين في الشركات غير المصرية، التي لها مكاتب على أرض مصر لكنها لا تتبع قانون العمل المصري. وأوضح أن الخط تلقى الكثير من البلاغات بشأن تقاعس بعض المسؤولين في الوزارات، بالإضافة إلى شكاوى ضد هيئة المساحة وبعض شكاوى فساد المحليات، وأنه يتم التحقق من شخص مقدم الشكوى عن طريق إدلائه ببياناته الشخصية كالاسم‏،‏ والجهة المشكو في حقها‏،‏ والشخص المشكو في حقه‏. وأشار إلى أنه تم الإعلان عن الخط الجديد في وسائل الإعلام الأرضية.

وعلى الجانب الآخر، قال رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار محمد حامد الجمل «إن تلقي الشكاوى تليفونيا أثبت عدم جديته في مصر، وإنه رغم شكرنا لهذه المحاولة من الحكومة، التي لن تتعدى بأي حال من الأحوال مجرد استخدام لأجهزة التليفون، فإنها لن تقضي على الفساد سواء الكبير الذي يتورط فيه مسؤولون كبار، أو الصغير على مستوى الموظفين».

وأضاف الجمل «على الرغم من أن الخط الجديد طريقة سهلة وتختلف عن الطريقة التقليدية المتبعة في تقديم الشكاوى، فإن حجم الفساد الذي ينشر يوميا في وسائل الإعلام يؤكد فشل الخط، خاصة مع حكومة مصر التي تشجع احتكار رجال الأعمال للحالة الاقتصادية، ولا تراقب ما يجري من وسائل غير قانونية في بعض القطاعات».

وأشار المحامي نبيه الوحش إلى أنه «يحسب للنيابة الإدارية، باعتبارها هيئة قضائية، أن تطلق مثل هذا الخط. لكن إنهاء الفساد في مصر لا يتوقف على خط تليفوني، بل يتوقف على اختيار القيادات الصالحة، التي تؤمن بالمصلحة العامة وليس الخاصة، وتتسم في أدائها بالشفافية والنزاهة والانتماء لمصر». وأضاف أن «الفساد موجود في أغلب الدول، لكن كيفية الإقلال منه هي الأمر المهم».

وكشف الوحش أن هذا الخط يمكن أن يكون عبارة عن رشوة مقنعة للشعب المصري قبل الانتخابات البرلمانية، قائلا «اعتدنا في كل انتخابات برلمانية على حزم من القرارات والتحركات لتجميل وجه الحزب الحاكم، وعقب الانتخابات تنتهي كل هذه القرارات إلى لا شيء».

فيما حذر الدكتور محمد ميرغني، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس، من المغالاة في أن يكون لهذا الخط أي دور في القضاء على الفساد، قائلا «من السذاجة الاعتقاد أن هذا الخط سوف يقضي على الفساد الإداري في مصر»، معتبرا الخط إحدى وسائل مكافحة الفساد وليس كلها، وأن مكافحة الفساد تحتاج إلى «هزة» قوية في الأخلاق والمستوى الاجتماعي والاقتصادي للمواطن المصري.