حل وسط أميركي لإنقاذ المفاوضات: بناء استيطاني بشكل محدود

المستوطنون يتهمون أوباما بالعنصرية ضد اليهود والرضوخ لابتزاز أبو مازن

TT

كشفت مصادر سياسية مطلعة في إسرائيل أن الإدارة الأميركية تبذل حملة ضغوط غير مسبوقة على كل من السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى صيغة تنهي الخلاف حول موضوع البناء الاستيطاني، بحيث يستأنف كما قررت تل أبيب ولكن بشكل محدود جدا حتى لا يستفز الفلسطينيون. وفي المقابل، خرج قادة المستوطنين بحملة تحريض حادة ضد الرئيس الأميركي باراك أوباما، معتبرين اقتراحه «رضوخا لعملية الابتزاز التي يقودها (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن». ووصفه أحدهم بالعنصري ضد اليهود.

وقالت المصادر السياسية إن الإدارة الأميركية كانت قد أبلغت إسرائيل أنها تطلب تمديد فترة تجميد البناء الاستيطاني، التي كانت قد قررتها الحكومة، لثلاثة أشهر أخرى على أمل انهاء موضوع الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية. وعندها تسقط قضية الاستيطان، باعتبار أنه سيكون من حق كل طرف أن يبني في الجزء الجغرافي المخصص له. لكن إزاء إصرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على أن الاستمرار في التجميد مستحيل بالنسبة له لأنه سيؤدي إلى سقوط حكومته، فتح الأميركيون الباب أمام التراجع وراحوا يبحثون عن صيغة أخرى. فتوصلوا إلى فكرة «تحديد عدد الوحدات السكنية التي سيسمح ببنائها والإبطاء في وتيرة بنائها».

ورفضت الرئاسة الفلسطينية على لسان المتحدث باسمها نبيل ابو ردينة اي حل لا يضمن وقف الاستيطان الاسرائيلي بشكل كامل.

وجاء تصريح ابو ردينة ردا على اعلان اسرائيل عن امكانية التوصل الى «تسوية» متفق عليها مع الولايات المتحدة والفلسطينيين بشأن مسألة الاستيطان على ألا تشمل تمديد العمل بقرار تجميد الاستيطان الذي ينتهي بعد غد.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ابو ردينة القول «لا بد من استمرار تجميد الاستيطان بشكل كامل في الاراضي الفلسطينية والقدس الشرقية، واي حلول جزئية مرفوضة من اجل استمرار المفاوضات». وأضاف «ان الحلول الجزئية لا تخلق المناخ المناسب لاستمرار هذه المفاوضات».

وأكدت هذه المصادر أن الإدارة الأميركية تمارس الضغوط على الرئيس الفلسطيني وطاقم مساعديه ليقبل بهذه الصيغة، طالبين، كما يقول المثل، «ملاحقة العيار لباب الدار.. لفحص مدى جدية نتنياهو في القضايا الكبرى المطروحة على طاولة المفاوضات (القدس واللاجئون والحدود والأمن والمياه وغيرها..)». ولكن هذه المصادر لم تقل شيئا عن الرد الفلسطيني، ولكن أوساطا من القيادات اليهودية الأميركية التي التقت الرئيس الفلسطيني في نيويورك، هذا الأسبوع، قالت إنه لمح إلى إمكانية التجاوب مع الأميركيين وعدم تفجير المفاوضات بسبب موضوع الاستيطان. مع أن أوساطا من الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة، قالت إنها سمعت من أبو مازن تصريحات شديدة اللهجة في رفض أية صيغة لاستئناف الاستيطان.

وحاول نتنياهو، في اليومين الماضيين، تجنيد دعم لموقفه من قبل عدد كبير من زعماء العالم وأعضاء الكونغرس والمسؤولين الأميركيين، بينهم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركيل، ونائب الرئيس الأميركي، جو بايدن. فاتصل بهم هاتفيا وقال لهم إنه جاد في التوجه إلى العملية السلمية وإنه عندما قرر قبل عشرة شهور تجميد البناء الاستيطاني، غنما أقدم على خطوة لم يسبق أن أقدم عليها رئيس حكومة في إسرائيل ولا حتى إسحق رابين، صاحب اتفاقيات أوسلو. واتهم الفلسطينيين بعدم الجدية، لأنهم لم يستغلوا هذه الفترة لمباشرة المفاوضات وأضاعوا الوقت سدى. وقال لهم إن هذه ليست المرة الأولى التي يهدر فيها الفلسطينيون الوقت هباء. ولكنه لا يستطيع أن يقنع رفاقه في معسكر اليمين بجدوى تمديد التجميد لمزيد من الوقت.

وكرر نتنياهو، حسب تلك المصادر، الجملة التي يرددها وزملاؤه كثيرا في الأسابيع الأخيرة: «ليجربوني في القضايا الكبيرة في المفاوضات». ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير طلب عدم كشف اسمه أن «إسرائيل على استعداد للتوصل إلى تسوية متفق عليها بين الأطراف كافة بشأن تمديد قرار تجميد الاستيطان»، مؤكدا في الوقت نفسه أن «هذا التجميد لا يمكن أن يكون كاملا». من جهة ثانية، قوبل اقتراح الحل الوسط الأميركي بهجوم شرس على الرئيس أوباما في أوساط المستوطنين في الضفة الغربية. فقال رئيس مجلسهم، داني ديان، إن الرئيس حسين أوباما يرضخ بشكل فاضح لعملية الابتزاز التي يديرها أبو مازن منذ عدة شهور ويحاول أن يفرض على إسرائيل موقفا نابعا فقط من ضعفه أمام العرب والمسلمين. وقال جرشون ميسيكا، رئيس المستوطنات القائمة في منطقة نابلس، إن «أوباما إنسان عنصري ضد اليهود وسياسي وقح. من خلال جهله، يعتقد بكل جد أن إسرائيل هي دولة دكتاتورية أخرى في الشرق الأوسط، يستطيع فيها القادة إبرام صفقات ضد إرادة الشعب. ولكن الشعب في إسرائيل قال كلمته بشكل صريح عندما اعتبر تجميد البناء الاستيطاني خطوة خاطئة قام بها واهمون بأن السلطة الفلسطينية تنشد السلام حقا، ولكنهم اكتشفوا خطأهم ويحاولون التراجع عنه». وأكد ميسيكا وديان أن الجرافات ستعود إلى العمل في مشاريع الاستيطان و«لا توجد قوة في الأرض قادرة على منعنا من ذلك».