حزب الله لن يقف مكتوفا أمام القرار الظني.. وتيار المستقبل يسأله عن سبب ذعره

مصدر في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: المحكمة خط أحمر

TT

لم يسبق للخطاب السياسي والإعلامي بين تيار المستقبل من جهة وحزب الله من جهة أخرى أن بلغ الحدة التي يشهدها اليوم على صعيدي التصعيد وتقاذف الاتهامات، مما أثار قلق المراقبين، في ظل التهديدات الصريحة والواضحة التي يلوح حزب الله بها للرد على أي قرار ظني ستصدره المحكمة الدولية، وتسمي فيه المتورطين في اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري.

وهذا ما جدد التأكيد عليه بوضوح عضو كتلة حزب الله نواف الموسوي الذي قال أمس: «لن نقف مكتوفي الأيدي في وجه اتهام بشع، ونحن لدينا قدرات سياسية ومنطقية وعلى الصعد كافة للوقوف ضد هذا القرار»، فيما رد عليه نواب في كتلة المستقبل وسألوا عن «سبب ذعر حزب الله»، و«ما الذي فعله ليكون مذعورا إلى هذه الدرجة؟».

وفي حين سخرت مصادر رئاسة الحكومة اللبنانية مما نشرته إحدى الصحف أمس من أن «دمشق طلبت من الرئيس سعد الحريري شخصيا وبلسانه سحب الشرعية عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، شددت على أنَّ «الموقف من هذه المسألة واضح تماما وقد عبر عنه الرئيس الحريري في أكثر من مناسبة بأنَّ لا مساومة على المحكمة الدولية».

وفي هذا السياق أكد مصدر بارز في تيار المستقبل لـ«الشرق الأوسط» أن «المحكمة الدولية خط أحمر لا نقبل المس به، أيا كان الثمن الذي قد ندفعه»، وقال إن «التنازل عن المحكمة هو انتحار، وخيانة عظمى لدماء رفيق الحريري وسائر الشهداء، وخيانة عظمى أيضا لأكثرية الشعب اللبناني التي آمنت بسلوك درب العدالة وناضلت ودفعت أثمانا كبيرة في سبيل الحقيقة، ومعرفة من اغتال شهداءها»، ودعا المصدر «الساعين للمساومة على المحكمة بالتهديد والترهيب وتبشير اللبنانيين بالخراب، أن يكفّوا عن هذا الأمر الذي لا يمكن القبول به أو الموافقة عليه، أو التسليم به تحت أي ظرف ومهما غلت التضحيات».

أما على صعيد المواقف التي حافظت على وتيرتها التصعيدية، فقد استكمل نواب حزب الله هجومهم المركز على المحكمة والقرار الظني المنتظر، ولم تخل تصريحاتهم من تهديدات واضحة، فرأى النائب نواف الموسوي أن «القرار الظنّي وطريقة عمل المحكمة يدلان على أمر خطير يدعو إلى الذعر وليس إلى الخوف فقط»، مشيرا إلى أن «هناك شعورا متزايدا بأن الفريق الآخر لا يريدنا طرفا في الحكم، لكن الوطن لا يبنى إلا على أساس الشراكة التي نريدها كاملة وشاملة». وقال الموسوي «نحن لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي في وجه اتهام بشع، ونحن لدينا قدرات سياسية ومنطقية وعلى الصعد كافة للوقوف ضد هذا القرار». ولفت إلى أن «الوضع مقلق وخطير، ونقولها، ولكن لنأت ونعالجها» معتبرا أن «أصل أو مفتاح تفكيك العبوة التي توضع للبنان، يبدأ أولا بمتابعة موضوع شهود الزور، وملاحقتهم وملاحقة من فبركهم، والمفتاح الثاني هو الشروع في التحقيق في تورط إسرائيل في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري».

بدوره عضو كتلة حزب الله النائب نوار الساحلي، اعتبر أن «اتهام المقاومة باغتيال الرئيس رفيق الحريري ممنوع، لأنه اتهام سياسي وباطل»، داعيا فريق «14 آذار» إلى «التخلي عن قرار الفتنة والبحث عن الحقيقة في مكان آخر أصبح معروفا، من خلال الأخذ بالدلائل والقرائن والوقائع، لا سيما أن هناك عملاء في السجون اعترفوا بأمور ومعطيات قد يكون لها علاقة باغتيال الرئيس الحريري». معتبرا أن «القرار الظني مسيس ويريد القضاء على المقاومة، ولن يقبل به أي شريف في لبنان، لأنه سيكون لمصلحة العدو الصهيوني».

واعتبر النائب في كتلة حزب الله حسن فضل الله أن «الوقت لا يزال متاحا والفرصة لا تزال قائمة لمعالجة الأزمة الناشئة في لبنان، ولكن ليس إلى ما لا نهاية، لأن المتآمرين يستعدون لمحاولة جديدة للنفاذ بمؤامرتهم إلى بلدنا»، مشيرا إلى أنه «على المسؤولين والمعنيين في المواقع الرسميّة الحكوميّة أو السياسية الأخرى أن يتداركوا الأمر قبل وصول لبنان إلى حد المنزلق الخطير الذي عندما ننزلق فيه سنجد صعوبة في أن نتدارك الأمر في اللحظة التي لا يعد فيها بالإمكان أن نواجه متحدين هذه المؤامرة الخطرة على بلدنا».

وقوبلت تصريحات نواب حزب الله بردود من نواب في كتلة تيار المستقبل، فاستغرب النائب أحمد فتفت أن يعمد نائب يتحمّل المسؤوليّة إلى «توجيه التهديد والتهويل إلى اللبنانيين». وتوجه إلى النائب نواف الموسوي بالسؤال: «مم هو مذعور إلى هذه الدرجة، وما الذي فعله ليكون مذعورا؟» وقال «فليطمئن حزب الله ونواف الموسوي أننا لسنا مرعوبين ومتخوفين مما سيحصل، ونذكرهم بما حصل بعد 14 مارس (آذار) 2005 من تهديدات ولا سيما بحق الرئيس فؤاد السنيورة، ولكن لم يؤثر علينا بشيء، فهم يريدون تهديدنا بالقتل، لأن دماءنا ليست أغلى من دماء الرئيس رفيق الحريري». وأكد في هذا السياق أن حزب الله لن يحصل منا ولا من الرئيس الحريري على أي تنازل بهذه الطريقة.

ورأى عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري أن «الانقلابيين يستمرون في توجيه رشقات كلامية تعتمد الإرهاب اللفظي أسلوبا وخرق التهدئة مسارا، مؤكدين مرة جديدة كفرهم بمنطق الدولة، وعداءهم للاستقرار بكل أنواعه، ورفضهم للحقيقة والعدالة، وقال: «إن درجة التوتر عالية جدا لدى الفريق الآخر، فهم يتناوبون على ذلك ويصعدون ويطلقون سهام كلامهم في كل اتجاه، يخونون يتوعدون ويريدون أخذ البلد إلى المجهول، وهم يصرون على رفض الحقيقة والعدالة. ويريدون بشكل أو بآخر إلغاء المحكمة والحقيقة والعدالة لنسمح للمجرم بالاستمرار في جرائمه». أضاف: «لقد ظهر في الساعات الأخيرة استمرار لهذا النهج سواء من بعض نواب حزب الله أو من النائب ميشال عون الذي ذهب بعيدا في اتجاه غير مفهوم فقط ربما تناغما مع مرجعيته في الحزب»، أكد حوري أن «هذا المنطق الانقلابي لدى الفريق الآخر قد ينجح جزئيا في مكان ما في وقت ما، لكن قدر لبنان أن ينجح في النهاية أي منطق الجمع لا التفريق، ومنطق العيش المشترك والتفاعل بين كل مكونات المجتمع السياسي في لبنان، لا منطق الاستعلاء والاستكبار».

بدوره شدد رئيس حزب الكتائب الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، على أن «المحكمة الدولية هي الملاذ الأول للبنان في الوقت الحاضر، فهي التي ستحقق الأمل بمستقبل لبنان ليكون هذا المستقبل مستقرا، ولتكون العدالة أساس كل شيء»، وقال: «إذا سقطت العدالة سقطت المؤسسات، وهذا ما يؤثر على الكيان، فلذلك نعتبر أن سقوط المحكمة الدولية في لبنان هو عودة لشريعة الغاب».