الجزائر تتهم الرباط بسلوك طريق التصعيد.. والمغرب يعتبر ذلك هروبا إلى الأمام

اعتقال مفتش عام شرطة «البوليساريو» يزيد من توتر العلاقات الجزائرية ـ المغربية

TT

في حين اتهمت الحكومة الجزائرية المسؤولين المغاربة بـ«محاولة التنصل من مسؤولياتهم» بخصوص نزاع الصحراء، واعتبرت نفسها غير معنية بحادثة اعتقال مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، مفتش شرطة جبهة البوليساريو، التي يبدو أنها زادت من تسميم أجواء العلاقات بين الرباط والجزائر، وصف خالد الناصري، وزير الاتصال (الإعلام)، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية لـ«الشرق الأوسط» الموقف الجزائري بأنه هروب إلى الأمام ولا يسقط في فخه إلا المغفلون لأن الاعتقال وقع فوق التراب الجزائري.

وأصدرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية الليلة قبل الماضية، بيانا شديد اللهجة ضد السلطات المغربية بخصوص قضية مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، المفتش العام لشرطة البوليساريو، الذي تعرض للاعتقال بسبب تأييده مقترح الحكم الذاتي في الصحراء، الذي ترفضه قيادة «الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب» (بوليساريو) والجزائر معا.

وذكرت الوكالة، من دون الإشارة إلى أي مصدر لكن لغة خطابها تبين بوضوح أن الأمر يتعلق بموقف الحكومة الجزائرية، أن الحكومة المغربية «شنت حملة سياسية وإعلامية تستهدف الجزائر، متحججة باعتقال ولد سيدي مولود، المفتش العام للشرطة، في مخيم اللاجئين الصحراويين»، الذي يقع بمنطقة تندوف جنوب غربي الجزائر. وترمي هذه «الحملة»، حسب الموقف الجزائري، إلى «تشويه قضية الصحراء الغربية في نظر الرأي العام الدولي، التي تظل وفقا للشرعية الدولية مسألة تصفية استعمار».

وأعلن ولد سيدي مولود الشهر الماضي، أثناء وجوده في السمارة بالصحراء، أنه يؤمن بمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل لنزاع الصحراء. وقال إنه يعتزم الترويج له في أوساط اللاجئين الصحراويين بالمخيمات. وفي حين طلبت منه قيادة البوليساريو الاستقرار في المغرب على أساس أنه سيعتقل لو عاد إلى المخيمات، أصر ولد سيدي مولود على موقفه. وتعرض في النهاية للاعتقال عند رجوعه، وهو يوجد حاليا في السجن.

وقالت الحكومة الجزائرية، عبر وكالة الأنباء الرسمية، إن المغرب «اختار المسار المعاكس وسلك طريق التصعيد بدل اختيار التهدئة والمساعدة على استئناف مسار المفاوضات، في محاولة مفضوحة للتنصل مرة أخرى من مسؤولياته»، وذلك في إشارة إلى تصريحات مسؤولين مغاربة حملوا الجزائر مسؤولية ما قد يتعرض له ولد سيدي مولود، بدعوى أن اعتقاله تم في الأراضي الجزائرية.

واعتبرت الجزائر تعامل المغرب مع قضية مفتش عام شرطة البوليساريو «محاولة مبيتة لتوريط الجزائر في قضية تريد السلطات المغربية استغلالها في جهودها المستميتة لزرع الشك والتنصل من مسؤوليتها كقوة محتلة لإقليم مدرج في قائمة الأمم المتحدة للأقاليم غير المستقلة».

ونفت الجزائر أن تكون لها صلة بحادثة اعتقال ولد سيدي مولود، وقالت: «القضية تخص فقط المغرب وجبهة البوليساريو، فقد تم توقيف وسجن ولد سيدي مولود من طرف البوليساريو في الأراضي الصحراوية»، مشيرة إلى «تعنت المغرب في التنديد بانتهاكات مزعومة تكون الجزائر قد اقترفتها في مجال حرية التنقل».

وفي سياق ذلك، قال وزير الاتصال المغربي إن الجزائر لا يمكنها أن تتنصل من مسؤوليتها لأنها هي من يحتضن جبهة البوليساريو فوق ترابها، واصفا اعتقال ولد سيدي مولود بأنه عمل شنيع تتحمل الجزائر مسؤوليته الكاملة لأنه وقع فوق ترابها، قبل أن يضيف أن ما عدا ذلك «فهو لغو في لغو». واعتبر الوزير الناصري أن استحضار الجزائر للأطروحات المتجاوزة هو ذر للرماد في العيون، مشيرا إلى أن المفاوضات التي تجريها الرباط مع جبهة البوليساريو والجزائر، تروم الوصول إلى حل سياسي عادل ومتوافق عليه، وهو ما تسعى الجزائر وجبهة البوليساريو إلى نسفه.