فيينا: انتخاب باكستاني رئيسا لمجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة بالإجماع

قال لـ «الشرق الأوسط»: أنا أمثل الوكالة وليس إسلام آباد

TT

بالإجماع.. انتخب مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صباح أمس، أنصار بريفيز، مدير عام هيئة الطاقة النووية الباكستانية، رئيسا لدورته المقبلة، وذلك في جلسة عقدها المجلس بمقر الوكالة بالعاصمة النمساوية فيينا، حضرها مندوبو دول الـ35.

إجماع المجموعات الجغرافية على مرشحها هو السبب الذي بررت به الوكالة اختيار مرشح باكستاني، على الرغم من أن باكستان دولة غير موقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. والوكالة لا تزال تطلب من باكستان التصريح لها بالتحقيق مع العالم الباكستاني، عبد القادر أيوب خان، الذي فشلت الوكالة في الوصول إليه، بسبب رفض باكستاني رسمي للتعاون في هذا الغرض، وذلك على الرغم مما قدمته الوكالة من تأكيدات على أن الشبكة النووية السوداء، التي أنشأها عبد القادر خان، ساعدت في نشر كثير من المواد والتقنية النووية الممنوعة.

وكان خان نفسه قد اعترف صراحة عام 2004 في حديث تلفزيوني بأن شبكته قدمت معلومات لكل من إيران وليبيا وكوريا الشمالية.

سبق لباكستان أن تمتعت برئاسة مجلس أمناء الوكالة من قبل في دورتين؛ الأولى (1962 – 1963)، والثانية (1986 – 1987)، وتعتبر دورتها الثالثة هذه (2010 - 2011) الأولى منذ 1998، بعدما نجحت باكستان في امتلاك قنابل نووية.

من جانبه، وبعد اعتماد انتخابه بدقائق، سعى أنصار بريفيز للفصل بين كونه مواطنا باكستانيا وكونه أصبح رئيسا لمجلس الأمناء. موضحا في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «بالطبع أنا باكستاني، لكنني، ومنذ اللحظة، أصبحت رئيسا للمجلس، وبالتالي فإنني أصبحت أمثل الوكالة»، مؤكدا أنه سيجيب على كل الأسئلة المتعلقة بدور العالم عبد القادر أيوب خان بعد عام من الآن، أي بعد أن تنتهي فترة رئاسته لمجلس الأمناء.

ووجه أنصار بريفيز جموع الصحافيين ممن التفوا حوله، ما إن برز خارج قاعة الاجتماعات لتوجيه الأسئلة التي تدور حول باكستان، إلى مندوب باكستان وسفيرها بالمجلس. مذكرا بأن باكستان دولة عضو بالوكالة الدولية منذ إنشائها، كما أنها عضو دائم العضوية بمجلس المحافظين.

مضيفا أن باكستان دولة ملتزمة بقوانين الوكالة، وأن ذلك لا ينفي أن لكل دولة مصالح ترعاها وتحافظ عليها. مضيفا أن باكستان بإمكانها التوسط لحل قضايا تبحثها الوكالة.

وفي سياق مواز نبه أنصار بريفيز لأهمية استيعاب حقيقة أن ترشيح باكستان للمنصب لا يتعارض والقواعد المعمول بها لاختيار رؤساء المجلس، وأن ترشيحه تم داخل المجموعة الجغرافية التي تمثل دول الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا (دول ميسا)، دون أي معارضة، على الرغم مما أشارت إليه بعض الدول من حقيقة أن باكستان دولة غير موقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. مضيفا أن العالم لا يمكن أن يتغير في يوم أو عشر سنوات، لكنه سيتغير دون شك، وأنه سيساعد في أحداث ذلك التغيير.

من جانب آخر أكد أنصار بريفيز على أهمية أن تشجع الوكالة دولها الأعضاء على عقد اتفاقات ثنائية لمزيد من التعاون بين الدول، لا سيما مع انتشار الاهتمام العالمي باستخدام الطاقة النووية استخداما آمنا، خاصة أن الدول الناشئة تحتاج لسواعد مدربة من خبراء وتقنيين.

وفي حين بادر المندوب الأميركي بالوكالة للتعبير عن استعداد بلاده للتعاون مع الرئيس الجديد للمجلس، كان دبلوماسيون غربيون قد سعوا في حديث مع «الشرق الأوسط» لنفي وجود شبهة أي صفقة سياسية مقابل سكوتهم وتأييدهم لرئاسة باكستاني لمجلس الأمناء، مرجعين الأمر لكونه مجرد إجراء روتيني، بمقتضاه تم قبولهم لمرشح مجموعة «ميسا».

وردا على سؤال إن كانوا سيقبلون لو رشحت المجموعة ذاتها إيران أو سورية. جاءت الإجابة بالنفي إجماعا، مع التأكيد على أن باكستان تعتبر دولة ملتزمة، ومواقفها جيدة، وتحترم قرارات الوكالة.

مشيرين إلى أن الحكم على الرئيس الجديد سيتم بعد اختبار حياديته ومقدراته.

الجدير بالذكر أن إيران كانت قد أعلنت، الأسبوع الماضي، عند مناقشة مؤتمر عام الوكالة في دورته الـ54 للبند الخاص بتكملة عضوية مجلس الأمناء، عن انسحابها عن الترشيح لمقعد من مقعدين كانا خاليين بمجموعة «ميسا»، معلنة أنها تفضل إجماع المجموعة على الأردن ودولة الإمارات.

وردا على سؤال آخر من «الشرق الأوسط» إن كان أنصار بريفيز، من واقع منصبه كرئيس لمجلس الأمناء، سيطلب من باكستان أن تسارع بالتوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي. أوضح أن هذا الأمر بالذات ليس من اختصاصات رئيس المجلس، وأن التوقيع أو عدمه يعود لسياسات الدول الأعضاء، وفقا لما تقرره، بما يتماشى ومصالحها.

من جانبه، أشار دبلوماسي عربي إلى أن باكستان ما كان يتسنى لها الحصول على هذا المنصب لولا التأييد الغربي، مؤكدا أنهم كمجموعة عربية لا اعتراض لهم على باكستان التي دعمت مشروع القرار العربي الذي نادى بعالمية اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. نافيا نفيا قاطعا إحساسهم بالانزعاج أو القلق من أن تحاول إسرائيل (وهي دولة مثل باكستان غير موقعة على اتفاقية حظر الانتشار النووي) أن تصبح رئيسا لمجلس الأمناء، وذلك لكون إسرائيل لا تتبع أي مجموعة جغرافية يمكن أن تترشح باسمها.

ومعلوم أن إسرائيل حاولت مرارا الانضمام لمجموعة «ميسا» إلا أن المجموعة رفضت قبولها رفضا باتا، مما يزيد من شكوى إسرائيل بالعزلة، ويقوي شعورها بعدم الانتماء.

مما يجدر ذكره أن مجلس أمناء الوكالة يعتبر من أهم الأجهزة القرارية للوكالة المسؤولة عالميا عن كل الأنشطة النووية لـ152 دولة، ويجتمع المجلس 5 مرات سنويا، ويتكون المجلس بصورة دائمة من الدول النووية، بالإضافة لدول تمثل المجموعات الجغرافية كافة، تتغير عضويتها كل عامين. ومن أهم الأجندات التي يبحثها ملفات تخص أنشطة نووية إيرانية وسورية وكورية شمالية. هذا في حين لم يجز مؤتمر عام الوكالة، الجمعة الماضي, مشروع قرار عربي كان يسعى لإلزام مدير عام الوكالة بإضافة بند لأجندة المجلس، يبحث القدرات النووية الإسرائيلية، ويرفع عنها تقريرا مفصلا للمؤتمر وللمجلس.