المعلم: مستعدون لاستئناف المفاوضات من حيث توقفت.. ونملك قرارنا

مقداد في واشنطن بعد مباحثات كلينتون ووزير الخارجية السوري.. وكراولي يؤكد اهتمام دمشق بتحريك المسار

وزير الخارجية السوري وليد المعلم يلقي خطابه في الجمعية العامة في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

مهد لقاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بوزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك، أول من أمس، لتنشيط المسار السوري - الإسرائيلي، حيث يواصل المسؤولون الأميركيون والسوريون مشاوراتهم حول إمكانية إطلاق المفاوضات المباشرة بين الطرفين.

وقال مساعد وزيرة الخارجية بي جي كراولي بعد انتهاء اجتماع كلينتون مع المعلم، مساء أول من أمس، إن «الوزيرة أكدت هدفنا في تحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط، الذي يشمل المسار السوري»، مضيفا أن «وزير الخارجية المعلم كان مهتما جدا في السعي إلى ذلك وكان هناك تعهد بتطويرنا بعض الأفكار حول كيف يمكن التقدم إلى الأمام».

ووصل نائب وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد إلى واشنطن، أمس، لمواصلة بحث الأفكار حول تقدم عملية السلام، بالإضافة إلى دفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى الأمام. وقال كراولي: «نحن نبحث مع السوريين أفضل الطرق لتطوير المسار السوري - الإسرائيلي»، مضيفا: «تركنا الاجتماع مع فهم أن السوريين مهتمون بتطوير هذا العنصر من عملية السلام». وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت سورية قد بحثت قضية تجميد الاستيطان الإسرائيلي وتأثير ذلك على المسار السوري، قال كراولي: «إنهم تطرقوا إلى المسار الفلسطيني - الإسرائيلي ولكن لم يكن الأمر جوهريا خلال اللقاء.. إنهم مروا مباشرة إلى مصالحهم المباشرة».

وأفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأن المعلم أبلغ كلينتون بأن «سورية تنتظر أن تلمس أفعالا لا أقوالا من جانب إسرائيل تؤكد فيها إرادتها في صنع السلام».

وحضر الاجتماع، وهو اللقاء الرسمي الأول بين الوزيرين، من الطرف الأميركي المبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط، جورج ميتشل ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط جيف فلتمان ووليم بيرنز نائب وزيرة الخارجية وفريدريك هوف مساعد المبعوث الأميركي لعملية السلام. وغادر ميتشل بعد الاجتماع نيويورك، متوجها إلى الشرق الأوسط لمواصلة مساعي إنقاذ المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحضر المباحثات من الجانب السوري نائب وزير الخارجية فيصل مقداد وسفير سورية في واشنطن عماد مصطفى وبشرى كنفاني مديرة إدارة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية.

وأفاد كراولي بأنه بالإضافة إلى عملية السلام، كان لبنان «أهم جزء من نقاش وزيرة الخارجية مع المعلم». وأضاف: «لدينا قلق من نشاطات سورية داخل لبنان وعلاقتها مع حزب الله»، رافضا الخوض في المزيد من التفاصيل. وأبلغت كلينتون المعلم مصادر قلق واشنطن من نشاطات سورية في لبنان، لكن في الوقت نفسه، يؤكد المسؤولون الأميركيون أهمية الحوار مع سورية لمعالجة هذا القلق. وأكدت كلينتون للمعلم عزم الولايات المتحدة على مواصلة الحوار مع سورية، من خلال إرسال سفير لها إلى دمشق، بعد مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي على ترشيح روبرت فورد لهذا المنصب.

وردا على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن قلقة من ضغوط سورية على لبنان فيما يخص المحكمة الدولية، أجاب كراولي: «لا، الوزيرة أعادت تأكيد دعمنا للمحكمة وأنه يجب ألا يتم التدخل فيها أو تسييسها بأي طريقة». وأضاف: «علاقة سورية مع لبنان معروفة جدا، والوزيرة كانت مباشرة جدا في التوضيح بأننا لا نشجع أي جهود لإضعاف استقرار لبنان والعراق». وأوضح أنها «شددت على أننا ملتزمون بسيادة لبنان والعمل مع حكومة لبنان في دعم المؤسسات اللبنانية».

وكانت عملية السلام محور خطاب المعلم أمام الجمعية العامة، أمس، مؤكدا استعداد سورية لاستئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل، إذا كانت إسرائيل مستعدة لذلك. وقال: «نحن نملك إرادة صنع السلام ونملك قرارنا»، مضيفا في خطابه أمس، أن دمشق مستعدة للتفاوض ولكن من منطلقات ثابتة: «الجولان السوري المحتل ليس موضع تفاوض أو مقايضة، واستعادته كاملا هو ما يبنى عليها. نحن مستعدون لاستئناف مفاوضات السلام من حيث توقفت مع الوسيط التركي، في حال وجدنا شريكا مستعدا للسلام»، وتابع «نحن نرى أن العلاقات الدولية الحضارية هي التي تقوم على الانفتاح والحوار لا على الانغلاق والعزل والتصادم والعدوان، هذا ما ننتهجه، وما ننشده السلام العادل والشامل، على أساس مبادرة السلام العربية». ولم يتطرق المعلم في كلمته إلى لبنان، ولا إلى المحكمة الخاصة بلبنان التابعة للأمم المتحدة، كما لم يبد موقفا مباشرا من ضرورة استمرار مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أو دعوة لانسحاب الفلسطينيين، لكنه قال: «في إسرائيل يتحدثون عن السلام ويقومون في الوقت نفسه بقرع طبول الحرب، وابتلاع الأرض في الاستيطان. أوشكت مشاريعهم الاستيطانية أن تجعل من حل الدولتين مجرد كلام يقال». وأضاف: «السلام يكون بصدق إرادة صنعه، أما المناورات السياسية التفاوضية فإنها تزيد الأمور تعقيدا وتوترا وقد تدفعها للتفجر». ودعا إلى ممارسة ضغط على إسرائيل للانضمام لمعاهدة حظر الأسلحة النووية، منتقدا «سياسة الكيل بمكيالين» التي يتبعها المجتمع الدولي فيما يخص إسرائيل. وقال: «نتساءل لماذا يشجعون إسرائيل على مواصلة برنامجها الحربي؟ الكيل بمكيالين في هذا الشأن لا يتفق مع مقتضيات منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط والعالم». وأضاف متحدثا عن برنامج إيران النووي من دون أن يذكره «ندعو لحل كافة المشكلات ذات الصلة من خلال الحوار وبالوسائل السلمية».

واعتبر المعلم أن مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا تفضي إلى نتيجة بسبب استئناف الاستيطان الإسرائيلي.

وقال في خطاب في الجمعية العامة للأمم المتحدة «في إسرائيل يدور الحديث عن السلام، لكن طبول الحرب ما زالت تقرع. مصادرة الأراضي لبناء المستوطنات مستمرة».

وأضاف «يقال لنا إن مفاوضات السلام تجري على أساس حل الدولتين (إسرائيلية وفلسطينية)، لكن الأنشطة الاستيطانية المستمرة ستجعل من هذا الحل حبرا على ورق من دون أي فرصة لتطبيقه».

والتقى المعلم أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون في نيويورك لبحث عملية السلام. وأفاد ناطق باسم الأمين العام بأن بان «شدد على دعم الرباعية في مساعدة الأطراف لتحقيق اتفاق نهائي خلال عام والحاجة لبيئة إقليمية تساعد على تحقيق هذا الهدف». وأضاف الناطق باسم بان، أنه تحدث أيضا مع ميتشل قبل مغادرة الأخير إلى الشرق الأوسط، بعد أن كان الأمين العام قد التقى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان وعبر له عن «خيبته بأن حكومة إسرائيل لم تقرر بعد تمديد سياستها للتقيد في النشاط الاستيطاني وأنها قلقه من التصرفات الاستفزازية على واقع الأرض».

وقالت مصادر مطلعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف دمشق من استئناف عملية السلام لم يتغير وقد دأبت على مطالبة زوارها من المسؤولين الأميركيين بضمانات لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه»، ولفتت المصادر إلى أن إسرائيل سبق وتنصلت من وديعة رابين، وأيضا مما توصلت إليه المفاوضات غير المباشرة برعاية تركية. وقالت المصادر: «ما تطالب به سورية من أجل تحقيق السلام ليس تنازلات تقدمها إسرائيل بل حق يجب أن يعود ولا يمكن أن تستقيم المفاوضات بدون ذلك». وقالت المصادر: «ما تطالب به سورية من أجل تحقيق السلام ليس تنازلات تقدمها إسرائيل بل حق يجب أن يعود ولا يمكن أن تستقيم المفاوضات بدون ذلك» وحسب البيان الصادر في دمشق فإنه إضافة إلى ملف السلام بحث اللقاء الوضع الإقليمي في لبنان والعراق وأكد الجانبان حرصهما على «رؤية لبنان آمنا مستقرا ومتمتعا بعلاقات متميزة مع سورية». وفيما يتعلق بالوضع في العراق أكدا «الحرص المشترك على الأمن والاستقرار فيه وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة جميع الكتل النيابية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة». والحرص أيضا على «وحدة العراق وعروبته واستقلاله وسيادته بعيدا عن التدخلات الخارجية وأن تكون للعراق علاقات طيبة مع جميع جيرانه».

كما جرى بحث العلاقات الثنائية في «مختلف جوانبها وسبل تطويرها لما فيه مصلحة البلدين والأمن والاستقرار في المنطقة». وتم الاتفاق على «ضرورة استمرار الحوار البناء بينهما لإزالة العقبات التي تحول دون تطبيع العلاقات الثنائية».