إحسان أوغلي: علينا مواجهة تصاعد العداء للإسلام بتحرك سياسي

ثمن جهود أوباما وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أزمة محاولة حرق نسخ من المصحف انتهت بطريقة مرضية

إحسان أوغلي
TT

تجد منظمة المؤتمر الإسلامي نفسها في موقف يتطلب مزيدا من العمل الجماعي الهادف إلى الحد من ظاهرة «العداء للإسلام» أو ما يعرف بـ«إسلاموفوبيا». وكانت هذه القضية على رأس جدول أعمال أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وخرج اجتماع وزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي ترأسه إحسان أوغلي يؤكد على أهمية العمل السياسي الجماعي للدول الإسلامية الـ57 لمواجهة هذه الظاهرة. وفي الوقت نفسه، تنشط المنظمة من أعمالها في مواجهة الأزمات السياسية التي تؤرق دولا إسلامية عدة، من بينها العمل على مبادرة في جنوب السودان. وفي مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» في مقر إقامته بنيويورك خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد إحسان أوغلي أن هناك حاجة لتنسيق سياسي أكبر لمعالجة هذه القضايا، بالإضافة إلى اعتماد مبدأ «الاحترام المتبادل» مع الطرف الآخر لحماية مصالح الجميع. وفي ما يلي نص الحوار:

* لنبدأ بمشاركتكم في الجمعية العامة، ماذا كانت أهداف منظمة المؤتمر الإسلامي من الجمعية العامة لهذا العام؟

- كانت لدينا مشاركة قوية والأمين العام بان كي مون في خطابه في المؤتمر الوزاري عندنا أشار إلى أن منظمة المؤتمر الإسلامي شريك استراتيجي وضروري للأمم المتحدة، وأنه لا بد من توسيع التعاون القائم، فنحن نتعاون معهم في برامج عدة، في دارفور والصومال والسودان وموريتانيا وغينيا. نحن نوسع تعاوننا معهم وفي بعض الحالات نحن نلعب دورا أساسيا. وهذه مسألة يعترف بها بان كي مون ويقدرها.

* من بين المناطق التي تدعمون فيها مساعي السلم، الجميع مهتم بقضية السودان والاستفتاء القادم في الجنوب. ماذا تفعلون لتهدئة الأوضاع هناك؟

- كانت لدينا عدة مبادرات، والآن نحن نعمل على مبادرة معينة بالتوافق مع الحكومة السودانية والرئيس السنغالي لأن الرئيس السنغالي عبد الله واد هو رئيس القمة وهو شخصية لها ثقلها في أفريقيا ومحترمة جدا. ونحن نعمل مع رئيس القمة من أجل هذا.

* وما تفاصيل هذه المبادرة؟

- عندما نصل إلى مرحلة متقدمة، سنبلغكم.

* أجج الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مشاعر الأميركيين وغيرهم عندما تحدث عن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في كلمته أمام الجمعية العامة وأثار الغضب. كيف يمكن لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تهدئ المشاعر وتقلل من حدة هذه المواقف؟

- علاقتنا مع الغرب يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل وعلى زيادة التفاهم بيننا وبينهم. المواجهة لن تكون في خدمة المصالح الطويلة الأمد مع العالم.

* بناء على الاحترام المتبادل، شهدنا في رمضان توترا هنا في الولايات المتحدة، من تهديد بحرق نسخ من المصحف الشريف والاعتراض على بناء مركز إسلامي في مانهاتن. على الرغم من الجهود الرسمية منكم ومن منظمات أخرى للحد من توتير العلاقات بين المسلمين والبعض في الغرب، إلا أن هناك تحركات شعبية تثير المخاوف. ماذا تفعلون لمواجهة هذه الأعمال؟

- أولا، يجب أن نفرق بين محاولة حرق نسخ من المصحف وقضايا أخرى. محاولة حرق نسخ من المصحف انتهت بالشكل الذي نحن كنا نأمل ونتطلع إليه وانتهت بسلام. ونحن نثمن عاليا موقف الإدارة الأميركية والرئيس (الأميركي باراك) أوباما. بالنسبة إلى (المركز الإسلامي في موقع هجمات 11 سبتمبر/ أيلول) «غراوند زيرو»، فهذه مسألة داخلية بين من يريد ومن لا يريد. لكن المهم أن يجمع الجميع على أن هناك حرية دين وحرية إنشاء معابد دينية وأن للمسلمين حقا في إنشاء معابدهم وجوامعهم. ليس لي، كأمين عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي تمثل 57 دولة، أن أدخل في هذه النقاشات لأنها نقاشات بين جماعات داخلية، وقد استمعت إليهم، وسوف أستمع إليهم في شيكاغو حيث يوجد لدينا مؤتمر هناك. ولكن أرى أن هذا أمر يجب أن يتم التوصل فيه من خلال التفاهم إلى موقف مشترك.

* بالطبع هناك عدد من الحوادث داخلية ولكن تأثيرها يتسع بسبب الإعلام وسرعة المعلومات وغير ذلك. إلى أية درجة تتصورون أن ما نراه أو نسمعه عن توتر بين الإسلام والغرب وغير ذلك حوادث متفرقة أم تخشون من انتشار العداء للإسلام كظاهرة؟

- هذه الحوادث المتفرقة وراءها نمو في العداء للإسلام، والعداء للإسلام يأتي بناء على عدة عوامل: أولا، الجهل بالإسلام. وثانيا، الخوف من بعض مظاهر المسلمين أو تصرفات المسلمين في المجتمعات الغربية وهي نتيجة اختلاف حضاري أو اجتماعي بين هؤلاء الوافدين وأغلبهم يأتي من مناطق ريفية.. لا يأتون من عواصم بلادهم، يأتون من مجتمعات متأخرة اقتصاديا واجتماعيا. النقطة الثالثة في مصادر هذا العداء أن هناك مجموعات نشيطة من اليمين المتطرف ومن العنصريين يشوهون صورة الإسلام. هذه العناصر الثلاثة تمتزج. والمشكلة الآن هو أن هذا العداء أصبح يتحول إلى مادة سياسية أو إلى أجندة سياسية. فمثلا ما حصل في سويسرا من حظر المآذن، هذا كان قرارا سياسيا، اتخذ عبر آلية ديمقراطية هي الاستفتاء، وتحول إلى نظام دستوري. الانتخابات التي تمت في هولندا ونمو حزب اليمين المتطرف المعادي للإسلام وحصوله على عدد كبير من المقاعد من أجل هذا العداء، نموذج أيضا. هناك عدة عوامل تجعلنا نشعر بالقليل من هذه القضية. وأنا في كلمتي أمام المجلس الوزاري قلت إنه علينا التحرك مع الدول على المستوى السياسي وإلا فسوف يزداد العداء الرسمي للحكومات. هناك في السويد في الانتخابات الأخيرة أيضا ازداد العداء ضد الأجانب والمسلمين. فهناك تحرك كبير في هذا الصدد. وهنا في الولايات المتحدة هناك تحرك لجماعات متطرفة تستخدم عداء الإسلام كنوع من تحقيق أهدافها السياسية أو أهدافها الاجتماعية. فالظاهرة أصبحت الآن ظاهرة مقلقة وتحتاج إلى تحرك كبير.

* ما شكل هذا التحرك؟

- نحن في المنظمة أقمنا مرصدا لـ«إسلاموفوبيا» (العداء للإسلام) وأقمنا عدة نشاطات وقد كتبنا حولها وعقدنا عدة ندوات علمية بالتعاون مع الجامعات ومعاهد البحوث والمؤسسات الفكرية. هناك كتاب خاص عن «إسلاموفوبيا» سيصدر عن دار نشر جامعة أكسفورد أعدته منظمة المؤتمر الإسلامي وكتب فيه عدد كبير من العلماء المسلمين والأميركيين والأوروبيين حول هذا الموضوع. هناك عدة نشاطات ولكن أعتقد أنه لا بد من العمل السياسي المشترك.

* هل لمستم لدى وزراء خارجية الدول الإسلامية استعدادا لهذا العمل خلال اجتماعكم يوم الجمعة الماضي خلال أعمال الجمعية العامة؟

- نعم، وهناك بيان خاص حول هذا الموضوع وبنود البيان الختامي قوية جدا.

* في ما يخص العمل السياسي، الجميع يتطلع الآن إلى قضية السلام في الشرق الأوسط. ما دوركم في دعم السلام وإنهاء النزاع في المنطقة؟

- نحن نتمنى أن تتم هذه العملية بنجاح، مع اهتمام الرئيس أوباما وخطابه في الجمعية العمومية والزخم الذي نعيشه الآن. نتمنى أن تفي الحكومة الإسرائيلية بوعودها وأن لا تكون التضحية من جانب واحد. وأنا أعتقد أن موقف الرئيس (الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن في هذه الظروف هو موقف سليم ونحن نؤيد هذا التوجه.

* الإدارة الأميركية تريد من الدول العربية والإسلامية أن تبدي إشارات أو تحركات في اتجاه إسرائيل لدعم السلام..

- الدول الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي موقفها هو موقف مبدئي، فهي تدعم المبادرة العربية التي هي مبنية على الأرض مقابل السلام، والطرف الفلسطيني والعربي والإسلامي أظهر نوايا طيبة وأعطى تنازلات كبيرة. الآن على إسرائيل أن تفي بتعهداتها التي قطعتها على مدار العملية السياسية بداية بمدريد إلى أوسلو ثم أنابوليس إلى يومنا هذا.