حروب أوباما: بايدن حذر أوباما أثناء مراجعة الحرب الأفغانية من السقوط في فيتنام جديدة

بعث بـ 6 مذكرات مكتوبة بخط اليد لرئيسه مفادها: ليس هناك خيار جيد (2)

نسخ من كتاب بوب ودوورد الجديد «حروب أوباما» في إحدى المكتبات بمدينة نيويورك استعدادا لطرحها للبيع (إ.ب.أ)
TT

يواصل الكاتب الأميركي بوب وودورد سرده لتفاصيل دقيقة عن ما يمكن تسميته «مأزق الرئيس الأميركي باراك أوباما في أفغانستان»، ما بين رغبة في الخروج التدريجي للقوات الأميركية، وما بين تأكيد القادة العسكريين بأن مثل هذا الخروج سيكون غير متاح، على الأقل خلال الفترة القريبة المقبلة.

في حلقة اليوم لم يأت التحذير من القادة العسكريين، الذين لم يضعوا أمام قائدهم الأعلى للقوات المسلحة سوى خيار واحد فقط، بل أتى التحذير الشديد من قبل نائب الرئيس، جو بايدن، الذي حذر رئيسه من الدخول في معمعة فيتنام جديدة.

في حلقة اليوم من كتاب بوب وودورد «حروب أوباما»، يستمر الكاتب في الكشف عن تفاصيل دقيقة وسرية عن مناقشات أوباما مع كبار أركان إدارته بشأن الحرب في أفغانستان، ولعل اللافت هنا أن أحد الكولونيلات في المؤسسة العسكرية الأميركية يخاطب أوباما مباشرة: «سيدي الرئيس، لا أفهم كيف تخالف رأي سلسلة القيادة العسكرية التابعة لك هنا؟! إننا نرغب في تفهم حقيقة وضعنا»، ولعل مثل هذه المواقف من قبل قادة الجيش، والمناهضة لاستراتيجية الرئيس أوباما، توضح بشكل أكثر كيف كيان التباين في وضع القوات الأميركية في أفغانستان، ما بين رغبة عارمة من قبل الرئيس بالخروج، وتحفظ مبالغ فيه من قبل القادة العسكريين في ذلك.

في عطلة نهاية الأسبوع الذي شهد عيد الشكر عام 2009، وبينما عكف الرئيس أوباما على وضع اللمسات النهائية على استراتيجيته تجاه حرب أفغانستان، بعث نائبه بايدن بـ6 مذكرات مكتوبة بخط اليد عبر جهاز فاكس آمن من نانتكيت آيلاند في ماساتشوستس، حيث اعتادت أسرة بايدن التجمع للاحتفال بعيد الشكر في نوفمبر (تشرين الثاني).

ومثلما فعل بايدن لشهور، فإنه عمد إلى الإبقاء على ضغوط على عاتق أوباما حيث كان يحثه على تجنب تصعيد دراماتيكي في الحرب.

وخلال محادثة هاتفية عبر هاتف آمن، أخبر الرئيس، الذي كان لا يزال يشارك في مناقشات مكثفة داخل البيت الأبيض حول الأمر، بايدن، بأنه «ليس هناك خيار جيد».

وأجاب بايدن بأن الأمر لن يكون بالغ السوء إذا ما سقطت حكومة حميد كرزاي في أفغانستان.

ورد أوباما بالنفي، مؤكد أن عواقب ذلك ستكون وخيمة. وأضاف أنه سيرسل 30 ألف جندي إضافي، في إطار تصعيد كبير، لكن ستبقى الزيادة في أعداد الجنود أقل من الـ40 ألفا التي ظلت تطالب بها المؤسسة العسكرية لفترة طويلة.

وعليه، أرسل بايدن عبر الفاكس مذكرة أخرى للرئيس، ذكر فيها أن «الأمر لا يتعلق بالعدد، وإنما بالاستراتيجية».

كانت تلك اللحظة حاسمة أمام أوباما في عامه الأول في الرئاسة وكان يتعين عليه اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، في الوقت الذي كان بايدن في منزل مؤجر في نانتكيت، بعيدا عن المناقشات الدائرة في واشنطن.

وأخيرا، أخبر أوباما بايدن قائلا: «أرغب في عقد اجتماع الأحد». وأبدى الرئيس رغبته في دعوة فريق العمل المعني بالأمن القومي إلى المكتب البيضاوي وتوزيع وثيقة مؤلفة من 6 صفحات أطلق عليها «نشرة الشروط» التي حدد خلالها أوباما أوامره الجديدة.

وأجابه بايدن: «سيدي الرئيس، أرغب في لقائك قبل هذا الاجتماع.» ورد أوباما: «لا. سأقابلك في مقر الإقامة». وأجاب بايدن: «لا، لا.. إننا بخير».

ومع ذلك، غادر بايدن نانتكيت في وقت مبكر من الأحد، متجها إلى واشنطن، وانتظر أوباما في رواق يربط بين مكان إقامة الرئيس والمكتب البيضاوي. وحاول بايدن استغلال الفرصة. والملاحظ أن الرئيس كان يحتد عليه بشدة بسبب الضغوط المفرطة التي كان يمارسها عليه.

وعندما نزل أوباما من المكان المخصص لإقامته ورأى بايدن، انتابته نوبة من الضحك.

ونصحه بايدن قائلا: «الأمر الذي أنت على وشك القيام به هو إصدار أمر رئاسي»، وشدد بايدن على أن ما يوشك الرئيس أن يفعله لا يعد جزءا من النقاش الدائر حول حرب أفغانستان. وأكد بايدن في حديثه مع أوباما على أن «هذا ليس ما تظنه. إن هذا أمر.» وأوضح بايدن أنه حال عدم الالتزام بهذه الأوامر الجديدة، لن يكون هناك مفر. ودارت وجهة نظر بايدن الرئيسية حول أنه من دون هذه الأوامر، «سنصبح محاصرين داخل فيتنام» جديدة.

وحذر بايدن من أن النهج الجديد قد لا ينجح. وقال: «ربما تصل لنقطة يتعين عليك حينها اتخاذ قرار بالغ الصعوبة».

ورد عليه أوباما قائلا: «لا أتمسك بمواقفي حتى وقوع الفشل. إذا لم ينجح النهج الذي اقترحته، لن أفعل مثل رؤساء آخرين وأتشبث برأيي بدافع من كبريائي أو لاعتبارات سياسية، تحديدا أمني السياسي».

داخل البيت الأبيض وخلال عطلة نهاية الأسبوع، تبادل توماس إي. دونيلون، نائب مستشار الأمن القومي، واللفتنانت جنرال دوغلاس إي. لوت، منسق مجلس الأمن القومي لشؤون أفغانستان وباكستان، الإعراب عن شعورهما بخيبة الأمل. ورأى الاثنان أنه بغض النظر عن الأسئلة التي طرحها الرئيس أو أي شخص آخر على القادة العسكريين، فإن موقفهم لم يتغير، وهو الضغط من أجل إرسال مزيد من القوات مع توسيع نطاق المهمة. وعليه، تعين على الرئيس صياغة الخيار الخاص به، الذي تمثل في إرسال 30 ألف جندي إضافي، مع بدء سحب القوات في يوليو (تموز) 2011.

وقال لوت: «كم من هؤلاء الأفراد سيكون حاضرا هنا ليرى تداعيات القرار بحلول يوليو 2011؟».

وعمدا الاثنان إلى تفحص سلسلة القيادة، وكانت الإجابة أن لا أحد منها سيظل في منصبه، حتى وزير الدفاع، روبرت غيتس، الذي سبق وأن أعلن عزمه البقاء في منصبه خلال العام الأول فقط من عمر الإدارة الجديدة.

وقال لوت: «موجز القول أن الرئيس سيبقى بمفرده هنا حاملا هذا الأمر على عاتقه».

وهنا، صاح دونيلون قائلا: «يا إلهي. ما هذا الذي ندفع هذا الرجل نحوه؟».

عندما التقى أوباما مع أعضاء الدائرة المقربة منه من مسؤولي مجلس الأمن القومي في وقت لاحق من ذلك اليوم، الذي وافق السبت، بدا وكأن الرئيس لا يزال مترددا حيال استراتيجية زيادة أعداد القوات في أفغانستان بمعدل 30 ألف جندي. وقال أثناء الاجتماع: «هذا هو المسار الذي أميل نحوه، لكن الباب لم يغلق بعد. لقد أصدرت تعليماتي إلى (كاتب الخطابات المرتبطة بالسياسة الخارجية، بين) رودز بكتابة خطابين. وأرغب في الاستماع إلى آرائكم الآن لمرة أخيرة».

كان كولونيل جون تين، الذي شارك في حرب العراق، والذي سبق له العمل في مجلس الأمن القومي، في رتبة عسكرية أدنى، لذا كان أول المتحدثين. يذكر أن المؤسسة العسكرية الأميركية تضم الآلاف برتبة كولونيل، ويعد من غير المعتاد أن يتمكن أي منهم من تقديم النصح إلى القائد الأعلى مباشرة، خصوصا قبيل اتخاذه قرارا حاسما.

في حديثه، قال تين: «سيدي الرئيس، لا أفهم كيف تخالف رأي سلسلة القيادة العسكرية التابعة لك هنا؟! إننا نرغب في تفهم حقيقة وضعنا، ذلك أنه إذا أخبرت جنرال (ستانلي إيه) ماكريستال (قائد القوات الأميركية في أفغانستان)، (لقد اطلعت على تقييمك وتقديرك للموارد، لكنني اخترت اتخاذ مسار مختلف)، فإنك حينئذ ربما تضطر إلى استبداله بآخر. لا يمكنك أن تخبره: (عليك التصرف على النحو الذي أمليه عليك فحسب، وشكرا لمجهود الكبير). والسؤال الآن إلى ماذا يقودنا ذلك؟».

لم يتعين على الكولونيل توضيح أفكاره بدقة أكبر، فقد كانت فكرته الرئيسية واضحة، وهي أنه ربما تظهر الحاجة لموجة إطاحة فريدة من نوعها بقيادات المؤسسة العسكرية لا تقتصر على ماكريستال فحسب، وإنما تمتد إلى غيتس وأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة، وجنرال ديفيد إتش. بترايوس، رئيس القيادة المركزية الأميركية. وربما ليس هناك رئيس بمقدوره تحمل عواقب هذا الأمر، خصوصا رئيس في الـ48 من عمره لم يقض سوى 4 سنوات داخل مجلس الشيوخ و10 شهور كقائد أعلى للقوات المسلحة. أما لوت، فبدا أنه كان قادرا على رؤية أن أوباما وصل لمفترق طرق وأنه يفكر مليا في الأمر.

وقال لوت: «سيدي الرئيس، ليس لزاما عليك فعل ذلك. وأعلم أنك تعي هذا، لكن دعونا نراجع الأمر. كيف نعتقد أن الأمور ستصبح في يوليو (تموز) 2011؟».

أطلع لوت أوباما على أنه يعتقد بوجود أربعة مخاطر رئيسية في الحرب الأفغانية، الأولى باكستان، مصدر الكثير من المشكلات لأن طالبان و«القاعدة» تستقران هناك، والثاني الفساد والحكم في أفغانستان اللذان لا يتوافر لهما حل عملي حتى الآن. والثالث أن القوات الأمنية الوطنية الأفغانية - الجيش والشرطة - قد لا يمكن تهيئتها للاضطلاع بمسؤولياتها، حتى من خلال جهد قد يمتد إلى عقد من الزمن وبتكلفة تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، والرابع أن الدعم من حلفاء الولايات المتحدة الـ41 في أفغانستان في تضاؤل مستمر.

وأضاف لوت: «عندما تنظر إلى هذه المخاطر كل على حدة، ربما يتشكل لديك انطباع على أننا قادرون على الاضطلاع بهذه المهمة، لكن لو أنك نظرت إليها مجتمعة فإن ذلك يعني التحول من مجازفة محسوبة المخاطر إلى مقامرة».

لم يكن على لوت أن يضيف أن المقامرة لم تكن أبدا سبيلا لصنع السياسة، فيقول: «لا يمكنني القول إن التوقعات بالنجاح مرتفعة للغاية. وإذا ما أضفنا بعض المخاطر الأخرى التي نواجهها وسألتني أين سنكون في يوليو 2011، سأقول لك إنني أعتقد أننا لن نختلف بشكل كامل عما نحن عليه اليوم».

نقل ليوت وجهة نظره إلى القيادة في الولايات المتحدة، وقال: «نحن نرغب في أن ننتقل من هنا إلى هناك، لكن، يا إلهي.. كيف سيمكننا القيام بذلك؟».

وافق الرئيس الأميركي قائلا: «حسنا»، مشيرا إلى أنه يتفق مع لوت في وجهة نظره. وقال: «شكرا لتوضيح الحقائق الرئيسية للأمور، وأعتقد أن الأمر كان بالغ المشقة بالنسبة لك أن تأتي إلى هنا كي تخبرني بهذا. ونحن سنبذل كل ما في وسعنا لإتمام هذه المهمة».

وقال أوباما في اجتماع يوم الأحد الذي اضطر بايدن إلى قطع رحلته إلى جزيرة نانتكيت كي يحضره: «هذا ما سوف أعلن عنه».

استدعى أوباما إلى المكتب البيضاوي وزير الدفاع غيتس ومولن وبترايوس وانضم إليهم مستشار الأمن القومي جيمس جونز وكبير موظفي البيت الأبيض، رام إيمانويل.

قام الرئيس بتسليم نسخ من بنود الاتفاق الذي يحدد - على وجه الخصوص - استراتيجيته لإضافة 30 ألف جندي، ومن ثم البدء في الانسحاب التدريجي في يوليو من عام 2011، التي أبدى البعض خلال الاجتماع اندهاشهم من شرح الرئيس لقراره عبر الكتابة.

سمح أوباما للجميع بقراءة هذه البنود.

وقال الرئيس إن على المهمة أن تركز بصورة أكبر على تطهير المناطق الخطرة من المتمردين والاستحواذ عليها، وتطويرها ثم نقل المسؤولية إلى الحكومة والجيش والشرطة الأفغانية. وأضاف: «لا يمكن أن يتواصل هذا الجهد لبناء الدولة إلى ما لا نهاية، إنه بذلك يتحول إلى جهد غير واقعي لبناء الدولة. لن تكون الاستراتيجية استراتيجية مكافحة تمرد بالمعنى التام لها، لكنها ستتضمن الكثير من عناصر استراتيجية مكافحة التمرد».

وتوجه الرئيس إلى بترايوس، الذي أيد استراتيجية مكافحة التمرد وحماية المدنيين قائلا: «لا تعمد إلى تطهير والاستحواذ على المدن التي لا تستطيع تحويل السيطرة عليها إلى القوات الأفغانية، فليس هناك داع للإسراف في نشر قواتنا».

ثم وجه الرئيس حديثه إلى الجميع وقال: «أنا أريد منكم أن تخبروني الآن ما إذا كنتم تقبلون ذلك أم لا. وإذا لم ترغبوا في قبوله، فأعلموني بذلك الآن. وإذا كنتم تقبلون به فأنا أتوقع دعمكم الكامل لذلك. وهذا يتضمن التأييد العلني أمام الرأي العام والكونغرس وداخليا أمام مؤسساتكم».

ثم تحول بعد ذلك إلى مولن، الذي حاول، كرئيس لهيئة الأركان، سد كل الطرق عدا رفع عدد القوات إلى 40 ألف جندي لمكافحة التمرد.

وقال الرئيس له: «عندما تتوجه إلى الكونغرس للشهادة، سيكون عليك الالتزام بقول ما تراه، وأنا لا أطلب منك تغيير قناعاتك، لكن إذا كنت لا تتفق معي فيمكنك قول ذلك الآن».

ثم سادت فترة من الصمت.

كرر أوباما القول: «يمكنك قول ذلك الآن».

وأجاب مولن: «أنا أدعمك بشكل كامل، يا سيدي، فالمشاورات الداخلية تظل داخلية، والشهادة ستدعم بشكل كامل ما قلته هنا، سيادة الرئيس. لا داعي للقلق بشأن ذلك»، ثم أثنى على القرار بالقول: «هذا يمنحنا الفرصة على تغيير مسار الأمور».

حقيقة الأمر أن الجيش كان ينال كل ما يرغب فيه، فقد أطلع بترايوس الآخرين أنه لو أخبر في بداية مراجعة استراتيجية أفغانستان أن الرئيس أوباما سيوافق على إرسال 30 ألف جندي إضافي، وأن تلك كانت الشروط لطلب ذلك على الفور، فإرسال 30 ألف جندي من الناحية العملية كان وسيلة لحفظ ماء وجه أوباما وإظهار أنه لا يتملق الجيش.

وقال بترايوس: «نحن ندعمك، وجميعنا ملتزم الآن بذلك. وسنقوم بكل ما هو ممكن للسيطرة على المناطق المضطربة في أسرع وقت ممكن وتمكين القوات الأفغانية ثم الانتهاء بالانسحاب في يوليو 2011».

استنتج بترايوس فيما بعد أن بنود الاتفاق لم تكن مجرد وسيلة للاستيضاح، بل لتظهر أن الرئيس هو من يمتلك زمام السيطرة. فعندما علم أن أوباما أملى أوامره، لم يستطع أن يصدق ذلك. وقال: «ما من رئيس في تاريخ الولايات أملى أوامره في 5 صفحات في حياته، فهذا ما يقوم به فريق العمل المساعد له».

ثم تحدث الرئيس إلى إيمانويل، الذي أشار إلى الحرب بـ«ورقة الذباب»، مطالبا إياه بالالتزام بالخطة وعدم الحيد عنها.

وأشار رئيس الأركان إلى قلقه بشأن التكلفة، فقد أنفق الكثير من الوقت مؤخرا لتدبير بضع مئات من ملايين الدولارات من أجل هذا البرنامج المهم. وقال إيمانويل موضحا عدم سعادته بالنتيجة: «يمكن أن يكلف ذلك 30 مليار دولار لعام آخر، والآن هناك قرار ولذا يجب أن نتقدم».

ثم قال غيتس: «هذه البنود تتفق مع آرائنا، وأنا على يقين من أن الكونغرس سيدعمنا».

وقال بايدن: «كما أرى، فإن هذه ليست مناقشة.. أعتقد أن ذلك أمر من القائد الأعلى للقوات المسلحة. هذا تغيير في المهمة، وإن لم يفهم الأمر على هذا النحو فلن يمكننا تبرير قضائنا شهورا من العمل على هذا».

وتابع: «لا يمكننا أن نغفل باكستان والاستقرار هناك. وأنا أرى أفغانستان وسيلة لإنجاز مهمتنا الأساسية، المتمثلة في قتل (القاعدة) وتأمين الأسلحة النووية الباكستانية. يجب أن تحرز تقدما بشكل منفصل ضد تنظيم القاعدة وفي باكستان».

وقال في وقت لاحق: «لا تزال الانقسامات قائمة داخل فريق الرئيس نفسه، فيعتقد جونز، مستشار الأمن القومي، الاستراتيجية تحفل بالقصور.. وهناك الكثير من القصور».

في حين يعتقد بترايوس أنه يمكن مراجعة بدء الانسحاب ما دامت الولايات المتحدة أظهرت تقدما في أفغانستان. وأضاف: «يحب أن ندرك أيضا بأنني لا أعتقد أننا قد نفوز في هذه الحرب. لكن أعتقد أن علينا مواصلة القتال. فأفغانستان أشبه إلى حد ما بالعراق، فقد كان هناك تقدم هائل في العراق، ولكن لا تزال هناك هجمات مروعة حتى الآن. لذا يجب علينا أن نظل متيقظين، فهذا هو القتال الذي سنواجهه ما تبقى من حياتنا وربما حياة أطفالنا».

وفي كلمته الموجزة الشهرية بشأن أفغانستان وباكستان على شبكة «إن إس سي»، على الرئيس أن استراتيجيه الجديدة لم تسر كما كان مخططا لها.

وخلال جلسة السادس عشر من أبريل (نيسان) قال ماكريستال إن الجيش والشرطة الأفغانية لم تكن مستعدة لتسلم المناطق التي طهرتها القوات الأميركية، وهو ما يعوق استراتيجية التطهير والاستحواذ والتطوير ونقل السيطرة التي كانت رئيسية في بدء خفض عدد القوات في يوليو 2011.

وتساءل الرئيس أوباما بشأن العملية الأخيرة في مارجا، بإقليم هلمند، وكانت قوات التحالف تحتل تلك المنطقة منذ بداية العملية في فبراير (شباط)، وقال: «هل نحن نسير وفق الجدول الزمني؟».

رد عليه قادة القوات في أفغانستان بـ«نعم».

وقال الرئيس: «متى ستبدأون في عمليات التطهير والاستحواذ والتطوير ونقل السيطرة في الأماكن جنوب مارجا؟».

رد القادة بـ«إننا نستحوذ على هذه المناطق.. وإن القوات موجودة هناك».

وتساءل الرئيس: «وماذا عن الـ25 ألف جندي الأميركيين الموجودين شرق أفغانستان؟ إنهم موجودون هناك منذ سنوات. أين هم من مرحلة التطهير والاستحواذ والتطوير ونقل السيطرة؟».

رد القادة بـ«إنهم لا يزالون في مرحلة الاستحواذ».

وتساءل الرئيس عن أي المناطق الأقرب إلى تسليمها.

رد القادة بأنه لا توجد منطقة مؤهلة الآن لتحويل السيطرة عليها إلى القوات الأفغانية.

ورد الرئيس بأن الاستراتيجية تحولت من التطهير والاستحواذ ثم التطوير ونقل المسؤولية إلى التطهير والاستحواذ والاستحواذ والاستحواذ.

بعد شهر من ذلك، وبعد مراجعة شهر مايو (أيار) أشار الرئيس إلى الكثير من مساعديه بأن آخر البيانات الموجزة، التي ركزت على الديناميكيات القبلية في قندهار، مهد طالبان، كان لها تأثير واضح عليه.

وتساءل: «ما الذي يجعلنا نعتقد أننا سنقوم بوضع حل لهذه المشكلة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»