إقالة مهينة لعمدة موسكو تباغت الحزب الحاكم

ميدفيديف يفتح ملفات الفساد استعدادا للانتخابات الرئاسية في روسيا

عمدة موسكو لوجكوف يتحدث إلى الرئيس ميدفيديف في موسكو في 27 مايو (أيار) الماضي (إ.ب.أ)
TT

بينما أقال الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، أمس، يوري لوجكوف، عمدة موسكو وأحد أقطاب الحزب الحاكم (الوحدة الروسية)، من منصبه، بطريقة مهينة، أعلن زعماء الأحزاب السياسية وممثلو الأوساط الاجتماعية تأييدهم لهذه الخطوة. وأعلن الكرملين في بيان أن لوجكوف، 74 عاما، «أقيل من مهامه كرئيس بلدية، لأنه فقد ثقة الرئيس الروسي»، مضيفا أن مساعد رئيس البلدية فلاديمير ريسين، سيتولى هذا المنصب بالوكالة. وقال الرئيس ميدفيديف، على هامش زيارته إلى الصين، «إنها المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك»، مشيرا إلى أول إقالة لمسؤول بسبب فقدان الثقة. إلا أنه أضاف: «لا أستبعد حصول حالات مماثلة مرة أخرى».

وقد اتخذ قرار الإقالة بعد أسابيع على حملة إعلامية استهدفت رئيس بلدية موسكو، ثم تطورت بعد الحرائق الرهيبة للغابات صيف 2010 في روسيا، وتعاطيه معها بطريقة كانت موضع انتقادات كثيرة. وبينما كانت موسكو تختنق في سحب الدخان وموجات الحر الشديد، تباطأ رئيس البلدية في قطع إجازته التي كان يمضيها في النمسا. وكان لوجكوف، وعلى الرغم من شلال التقارير والأفلام الوثائقية التي بثتها قنوات التلفزيون، بما فيها الرسمية، على مدى الأسابيع الأخيرة، من تجاوزاته المفترضة، وما أغدقه من تسهيلات على زوجته يلينا باتورينا، التي أدرجتها مجلة «فوربس» في المرتبة الثالثة لقائمة أغنى نساء العالم، كان قد أكد أنه لن يستقيل من منصبه، وأنه سيواصل عمله، مما بدا تحديا سافرا لرئيس الدولة. وقال ميدفيديف إنه أطلع رئيس الحكومة الروسية وزعيم الحزب الحاكم، فلاديمير بوتين، على قراره، بينما طلب من الحزب ترشيح آخرين لاختيار من سيتقدم به ميدفيديف إلى المجلس النيابي للمدينة، لإقرار العمدة الجديد، وسط توقعات باشتعال الصراع في الفترة القريبة المقبلة، استعدادا للانتخابات الرئاسية المرتقبة عام 2012، التي لمح كل من ميدفيديف وبوتين إلى احتمالات خوضها.

وأعرب بوتين عن تأييده لقرار ميدفيديف، إقالة عمدة موسكو، معتبرا أن «رئيس روسيا تحرك طبقا للقوانين الروسية، وفي إطار مهامه». وتابع بوتين: «من الواضح جدا أن العلاقات بين العمدة والرئيس لم تكن طيبة، لكن العمدة يخضع للرئيس، وليس العكس»، وكان على لوجكوف أن «يتخذ الإجراءات الضرورية لتطبيع ذلك الوضع». ويتوقع مراقبون أن يكون القرار مقدمة لفتح ملفات الفساد، التي قد تطال بعض رموز السلطة، بينما يعتبره الكثيرون «بالونة اختبار» لقياس توازن القوى في النسق الأعلى للسلطة. وكان التوتر في علاقات الرئيس الروسي، مع عمدة العاصمة الذي كان يتمتع بدعم غير مباشر من جانب بوتين قد بدأ يتسلل إلى أجواء الأوساط السياسية، منذ بضعة أشهر، وبلغ ذروته خلال كارثة الحرائق التي اجتاحت روسيا وبلغت مشارف العاصمة، في الوقت الذي كان فيه لوجكوف يقضي إجازته خارج روسيا. وكان ميدفيديف قد نجح في التخلص من عدد من أبرز أقطاب النظام السابق، بعد استقالة رؤساء تتارستان وبشكيريا، ومقاطعة يكاتيرينبورغ، الذين تقدموا باستقالاتهم طواعية، وكانوا كلهم من قيادات الحزب الحاكم، الذي سارع بإعلان أنه لا يمكن أن يثق في شخصية لا يثق فيها رئيس الدولة، وهو ما اضطر معه لوجكوف إلى تقديم استقالته من عضوية الحزب الحاكم، مما يفتح الباب أمام احتمالات تطورات جديدة في إطار الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المرتقبة عام 2012.