إيران تنفي تعرض «بوشهر» النووية لهجوم دودة.. وتصف «الادعاء» بأنه «حرب ناعمة»

خبراء ومحللون يشككون في قدرة طهران على الرد كومبيوتريا.. والحرس الثوري يتسلم زوارق طائرة

TT

نفت طهران أمس «الادعاءات» حول تعرض محطة بوشهر الذرية لهجوم فيروس كومبيوتري «دودة»، واعتبرت هذه الادعاءات بمثابة «لعبة جديدة ضمن نطاق الحرب الناعمة»، وجاء ذلك بينما أفادت تقارير أن قدرة إيران محدودة على الرد بالمثل على هجوم الفيروس، ولكن بعض الخبراء قلقون «من أن تسعى الجمهورية الإيرانية إلى الرد بوسائل أخرى». وفي سياق آخر تسلمت قوات الحرس الثوري البحرية 3 أسراب من الزوارق الطائرة ضمن استعدادات الجمهورية الإسلامية لهجوم متوقع جراء برنامجها النووي المثير للجدل.

وكان خبراء قد كشفوا أن فيروس «ستوكس نت» قد أصاب أجهزة كومبيوتر العاملين في محطة بوشهر النووية لتوليد الكهرباء، ولكنه لم يؤثر على الشبكات الرئيسية هناك. ويعتقد بعض المحللين أن إيران قد تعاني من تخريب أوسع يهدف إبطاء طموحاتها النووية، ويشيرون إلى مشكلات فنية غير مفهومة خفضت عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة ضمن برنامج تخصيب اليورانيوم.

غير أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست فند ادعاء تعرض محطة بوشهر الذرية لهجوم فيروس، واعتبر أن هذا «الادعاء يمثل لعبة جديدة ضمن نطاق الحرب الناعمة»، وأكد أن «محطة بوشهر الذرية تواصل عملها حسب البرنامج الموضوع، وسنشهد في غضون الشهرين المقبلين توليد الكهرباء من هذه المحطة ودخوله ضمن الشبكة العامة للكهرباء في البلاد»، حسب ما أوردته وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء.

وفي غضون ذلك قال محللون إن قدرة إيران محدودة على الرد بالمثل على هجوم الفيروس، ويعتقد خبراء أمن أن إطلاق فيروس «ستوكس نت» قد يكون هجوما تدعمه دول لاستهداف البرنامج النووي الإيراني ومصدره الولايات المتحدة أو إسرائيل على الأرجح، ويضيفون أن الحقيقة قد لا تتضح أبدا.

ولم تعرف معلومات تذكر عن حجم الخسائر التي سببها الفيروس للبنية التحتية النووية أو على نطاق أوسع، ومن المرجح أن لا تكشف إيران النقاب عن هذه التفاصيل أبدا.

ويعتقد خبراء في المخابرات أن الخطوات الأولية بالنسبة لطهران على المدى القصير محاولة تحديد مصدر الهجوم ومعرفة كيفية تحميل الفيروس على أنظمتها.

وقال فريد بورتون خبير مكافحة التجسس الأميركي السابق، وهو حاليا نائب رئيس مؤسسة «ستراتفور» لاستشارات المخاطر السياسية: «ينبغي أن تضبط إدارات الأمن الداخلي ومكافحة التجسس في إيران المجرم أولا ثم تسعى لتحويل الوضع لصالحها».

وقد يثبت استحالة التوصل إلى أدلة دامغة للتعرف على الدولة أو المجموعة المسؤولة، مما يزيد احتمال أن يأتي الرد بشكل رسمي وإمكانية إنكاره.

ويلمح بعض المحللين إلى أن إيران قد تود الانتقام بهجوم عبر الإنترنت على إسرائيل والغرب، إلا أن ثمة علامات استفهام بشأن قدرتها على عمل ذلك.

وتقول المحللة الإقليمية جيسيكا اشوه: «لا أعتقد أنه يمكننا توقع الكثير في ما يتعلق بهجوم انتقامي من خلال الإنترنت. بكل بساطة، ليس لدى الإيرانيين القدرة الفنية على عمل نفس الشيء ضد أنظمة محصنة بشكل سليم، والدليل على ذلك الصعوبة التي تواجهها في السيطرة على الهجوم واحتوائه».

ونقلت وكالة «رويترز» عن خبراء أن إيران أعطت الأولوية لتحسين قدرات التجسس عبر الإنترنت، وستسعى على الأرجح لتنمية هذه الموارد أكثر في المستقبل.

ويخشي البعض أن تحبذ إيران إما تكثيف برنامجها النووي وإما استهداف المنشآت النووية الغربية ردا على الهجوم.

ويقول مار فيت العضو المنتدب في شركة «إن 49 أنتليغانس» التي تقدم استشارات لشركات في الشرق الأوسط: «ما هو مدى استعدادنا لكل ذلك؟ وهل يمكن أن يبدأ لعبة مهلكة تحفز برنامجا نوويا لا ينوي أحد الانخراط فيه؟».

وفي ما يتعلق برد أكثر تقليدية ثمة احتمال أن تتحرك إيران من خلال وسط مثل حزب الله في إيران وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة ومتمردين في العراق وأفغانستان. وقال فيت «يمكن... أن يستغلوا شبكات في أفغانستان والخليج للرد».

وبصفة خاصة قد تبدو حساسية أسواق النفط الشديدة لأي تلميح باحتمال استهداف حركة الملاحة في الخليج ومضيق هرمز بأي شكل من الأشكال، سواء مباشرة أو من خلال جماعات مسلحة.

وأصيبت ناقلة يابانية عملاقة بأضرار سطحية هذا العام، في ما وصفه بعض خبراء الأمن بهجوم انتحاري، وأي حدث مشابه قد يثير حالة من الفزع.

ومهما حدث يقول محللون إن هجوم «ستوكس نت» نظرة مبكرة للشكل الذي قد تتخذه المنازعات بين الدول في القرن الحادي والعشرين. ويقول ايان برمر رئيس مجموعة «أوراسيا» لاستشارات المخاطر السياسية: «ليس حدثا استثنائيا بأي حال.. أعتقد أننا سنرى المزيد من الوقائع المشابهة».

إلى ذلك، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن بلاده ستدافع عن «حقوقها» خلال المفاوضات التي قد تستأنف في أكتوبر (تشرين الأول) مع الدول الست الكبرى حول برنامجها النووي. وأضاف المتحدث أن «إيران أبدت وجهة نظرها واستعدادها للتفاوض مع مجموعة 5+1»، مضيفا: «سنحاول الحصول على اعتراف بحقوق إيران النووية خلال تلك المفاوضات».

وتمثل مجموعة «5+1»، التي تسمى أيضا مجموعة الدول الست، المجتمع الدولي في المناقشات مع إيران حول برنامجها النووي، وتتألف من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، إضافة إلى ألمانيا.

وأعربت إيران على غرار الدول الكبرى عن استعدادها لاستئناف المفاوضات المتعثرة منذ عشرة أشهر حول برنامجها النووي، في عدة لقاءات وتصريحات صدرت الأسبوع الماضي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وأكد مهمان باراست الثلاثاء أن سعيد جليلي، المفاوض الإيراني حول الملف النووي، يحاول تحديد «موعد ومكان» أول لقاء مع كاثرين أشتون، ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية التي تمثل أيضا مجموعة «5+1». ودعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الجمعة أشتون إلى الاتصال بممثل إيران «لتحديد موعد» لاستئناف المحادثات.

وفي سياق متصل، انتقد مهمان باراست أيضا روسيا لإلغائها صفقة بيع صواريخ طراز «إس 300» إلى بلاده بسبب العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي. وقال المتحدث: «لقد وقعنا عقدا مع الحكومة الروسية بشأن نظام الدفاع الصاروخي (إس 300) والتزامات الطرفين واضحة، ومن ثم يجب إنجازها»، وأضاف أن «المصالح طويلة الأجل لروسيا لن تتحقق عبر الدخول في الألعاب الأميركية، وهذه توصية ودية لجميع جيراننا».

وانتقد وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي قرار روسيا، قائلا إنه توقع أن تتبنى موسكو مسارا مستقلا بدلا من «الاستسلام لضغوط» من جانب أميركا وإسرائيل.

وفي غضون ذلك تسلمت القوات البحرية للحرس الثوري الإسلامي ثلاثة أسراب من الزوارق الطائرة «باور 2». وقال وزير الدفاع العميد أحمد وحيدي، خلال مراسم خاصة أقيمت بالمناسبة، إن تصميم وصناعة الزوارق الطائرة «باور 2» تم في مشروع مشترك بين منظمتي الصناعات البحرية والصناعات الجوية وجامعة مالك الأشتر الصناعية التابعة لوزارة الدفاع.

وأكد وحيدي أن هذه «الزوارق الطائرة المجهزة بسلاح رشاش ونواظير ليلية ونهارية تقوم بعمليات التقاط وإرسال الصور والمعلومات المطلوبة، وهي تستخدم لأغراض الدوريات والاستطلاع في البحر».