الخرطوم: الجنسية السودانية ستسقط عن كل من تتوفر فيه شروط الاستفتاء حال الانفصال

تصاعد التوتر بين الشريكين قبيل الاستفتاء.. والجنوب يتهم الخرطوم بـ«التلاعب في نصيبه من عائدات النفط»

شانجسون تشانج وزير الثقافة والتراث في حكومة جنوب السودان خلال مؤتمر صحافي في جوبا عاصمة الجنوب أمس (أ. ف. ب)
TT

شدد المؤتمر الوطني الحاكم على عدم أحقية أي مواطن جنوبي للجنسية السودانية حال انفصال الجنوب بعد الاستفتاء المقبل فيما اقترحت الحركة الشعبية «الحريات الأربع» ومنح الجنوبيين مهلة ستة أشهر بعد الاستفتاء لتحديد موطنهم الجديد، فيما اتهم وزير التجارة بحكومة جنوب السودان الخرطوم بالتلاعب في نصيب الجنوب من عائدات النفط ورفض اتهامات لوزير الخارجية بتبديد جوبا لأموال النفط.

وسيطرت حالة التوتر على المشهد السياسي بدرجة تكشف فشل المساعي الدولية في نيويورك في نزع فتيل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار مع اقتراب ساعة الصفر وقيام استفتاء الجنوبيين بعد 102 يوم، وتبادل الاتهامات بشأن قسمة موارد النفط بينهما، وذلك بعد يوم على تحذيرات منظمة الشاهد الدولية المعنية بشؤون النفط (قلوبال ويتنس) بشأن احتمال نشوب صراع بين الطرفين بسبب النفط حال لم يتم التوصل إلى تفاهمات قبل الاستفتاء.

وكشف وزير التجارة بحكومة الجنوب، ستيفن ديو عما قال إنه تلاعب يتم في الخرطوم في نصيب الجنوب من عائدات البترول، وقال ديو خلال لقاء موسع مع مجتمع جنوب السودان بمصر إن الخرطوم تتعمد تغييب الجنوب من إدارة عمليات البترول وإنتاجه وتسويقه، مبينا أن النسبة الحقيقية التي ينالها الجنوب من عائدات البترول هي (20%) وليست الـ(50%) المنصوص عليها في بروتوكول قسمة الثروة، وأضاف أن عائدات البترول وفقا للموازنة العامة للدولة تبلغ (7) مليارات دولار في السنة بينما ينال الجنوب من هذا المبلغ ملياري دولار فقط.

وكان وزير الخارجية علي كرتي قد قال لـ«الشرق الأوسط» «إن الحكومة صرفت 3 مليارات دولار على التنمية في الجنوب لدعم الوحدة، ولفت إلى أن الجنوب ينتج 70% من النفط، مقابل 30% للشمال، فيما تأخذ حكومة الشمال 20% فقط من عائدات البترول». وأردف «إذا انفصل الجنوب لن يتأثر الشمال بذلك». واتهم كرتي حكومة الجنوب بتعمد عدم توريد عائدات الضرائب والجمارك التي تجمع في الجنوب للحكومة المركزية على الرغم من أن الاتفاقية تنص على حصول الحكومة المركزية على حصتها من تلك العائدات، وأشار إلى أن الحكومة ظلت تصرف على أكثر من مليون جنوبي في الشمال في الصحة والتعليم دون مساعدة حكومة الجنوب.

واتهم وزير تجارة حكومة الجنوب، ستيفن ديو حكومة الخرطوم بالتستر على فسادها بينما تتحدث عن فساد في الجنوب، ولفت إلى أن حكومة الجنوب عملت بمبدأ الشفافية وقامت بمحاربة الفساد من خلال مفوضية تم إنشاؤها خصيصا للغرض وأقالت وزير ماليتها في الوقت يتم فيه نهب الأموال في الشمال نهارا.

في غضون ذلك علمت «الشرق الأوسط» أن المؤتمر الوطني بعث برسالة للحركة الشعبية ردا على مقترحات تقدمت بها حول موضوع المواطنة والجنسية، وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الوطني شدد على اعتبار كل من تتوفر فيه شروط الاستفتاء لتقرير المصير مواطنا يتبع لدولة الجنوب بعد إعلان الانفصال مباشرة وسقوط حقوقه القديمة، ورأى أن اقتراح «الجنسية المزدوجة أمر يخص كل دولة لتقرر فيه بحريتها»، وكانت الحركة قد تبنت الدعوة للحريات الأربع بما فيها الإقامة والتملك في الدولتين ومنح الجنوبيين مهلة لستة أشهر بعد الاستفتاء ليختاروا الدولة التي يريدون الانتماء إليها.

وفي ذات السياق قال الخبير القانوني ومسجل الأحزاب السابق أحمد سالم «إن قانون الاستفتاء ينص على أنه إذا حدث انفصال فإن أي إشارة للجنوب فيما يتعلق بالوظائف والمخصصات ستسقط بما فيها منصب النائب الأول والوزراء والقضاء والموظفين وكل مخصصات نيفاشا». ونوه بمشكلة قانونية ستواجه استمرار حكومة الجنوب باعتبار أنها منتخبة في ظل دولة السودان الموحدة.

إلى ذلك طالب ممثلو حكومة الجنوب في لجنة ترسيم الحدود بالتزام اللجنة في عملها بالمؤسسية والتقيد بالمرسوم الدستوري المنشئ للجنة والبعد عن التسييس المضر بالعمل الفني، وشددوا على أن الجنوب الأكثر استفادة من إكمال ترسيم الحدود ورفضوا وصفهم بأعضاء الحركة الشعبية في مسعى لتسييس اللجنة. وقال نائب رئيس اللجنة، العقيد مهندس ريك ديقول إنهم لا يمانعون حضور الاجتماعات حال خلت من المزايدات، داعيا للالتزام بتحديد جدول وبرنامج متكامل للاجتماعات يقود إلى تحقيق نتائج على ألا تكون الاجتماعات غاية في حد ذاتها، وشدد ديقول على التقيد بلائحة اللجنة والتفويض الذي تمنحه للرئيس واتخاذ القرارات بالتفاهم والتوافق من داخل اللجنة.

وفي سياق ذي صلة أعلن المؤتمر الوطني رفضه مقترحا أميركيا بشأن منطقة ابيي يحدد أهلية المشاركة في الاستفتاء على من يمضى العام كاملا بالمنطقة حتى موسم الأمطار. وقال مسؤول ملف أبيي بالمؤتمر الوطني الدرديري محمد أحمد للمركز السوداني للخدمات الصحافية إن المقترح الأميركي يحرم الرحل من أي شكل من أشكال المشاركة السياسية، بحسب قوله. وأعلن الدرديري أن قيادة المؤتمر الوطني رفضت المقترح جملة وتفصيلا.