مصدر دبلوماسي في نيويورك لـ«الشرق الأوسط»: روس لا يهيئ أي مشروع تسوية جديد لنزاع الصحراء

قال إن موقف واشنطن من النزاع لم يتغير في الجوهر وإنما في المنهج

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر دبلوماسي موثوق في نيويورك أن كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء،لا يهيئ أي مشروع تسوية جديد لنزاع الصحراء، مشيرا إلى أن روس غير مخول للقيام بذلك لأن وظيفته لا تتجاوز القيام بوساطة، وإدارة المفاوضات، وتعبيد الطريق أمام أطراف النزاع وجمعهم.

وزاد الحديث عن مشروع تسوية جديدة لنزاع الصحراء عقب تسريب رسالة وجهها روس نهاية يونيو (حزيران) الماضي لما يعرف بـ«دول أصدقاء الصحراء» في الأمم المتحدة، حمل فيها المغرب مسؤولية تعثر المفاوضات.

وجاء في رسالة روس أن جبهة البوليساريو لا تمانع في مناقشة الاقتراح المغربي بمنح الصحراء حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية، إلا أن الرباط ترفض مناقشة مطلب جبهة البوليساريو بإجراء الأمم المتحدة استفتاء تقرير مصير للصحراويين يخيرهم بين الاستقلال أو الاندماج بالمغرب أو التمتع بالحكم الذاتي.

وكان روس قام مؤخرا بزيارة عدد من عواصم «دول أصدقاء الصحراء»، لبحث عقد الجولة الخامسة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو بداية العام القادم.

ويتوقع أن يقوم روس خلال الأسابيع القادمة بجولة تشمل الدول المعنية بنزاع الصحراء وهي: المغرب والجزائر وموريتانيا، إضافة إلى مخيمات جبهة البوليساريو في تندوف (جنوب غربي الجزائر)، لترتيب جولة جديدة من المفاوضات المباشرة المجمدة منذ بداية 2008.

وعقدت منذ يونيو 2007 أربع جولات من مفاوضات الصحراء المباشرة تحت رعاية الأمم المتحدة في مانهاست بضواحي نيويورك، كانت آخرها بداية 2008، إضافة إلى جولتين من المحادثات غير الرسمية في فيينا ومانهاست، إلا أن هذه الجولات من المفاوضات والمحادثات لم تسفر عن تقدم لجهة حل نزاع الصحراء.

وعقد روس مؤخرا في نيويورك لقاءات مع أطراف نزاع الصحراء على هامش الدورة الـ65 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

إلى ذلك، قال المصدر ذاته إن موقف واشنطن من نزاع الصحراء لم يتغير في الجوهر. وأردف قائلا «لا يوجد تغيير في الجوهر وإنما في المنهج»، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس باراك أوباما أخذت وقتها في التمعن في ملف الصحراء، بيد أنها لن تدير ملف الصحراء وفق المقاربة التي انتهجتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش.

وأشار المصدر إلى أن روس تلقى إشارات من واشنطن للمضي قدما في نفس طريق سلفه الهولندي بيتر فان فالسوم.

وعلى صعيد ذي صلة، توقع المصدر ذاته أن تصدر وزارة الخارجية الأميركية بيانا حول اعتقال المنشق الصحراوي مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، المفتش العام لشرطة جبهة البوليساريو، من لدن ميليشيات الجبهة، جراء إعلانه دعمه لمشروع الحكم الذاتي الموسع في الصحراء. وقال المصدر «مثلما صدر بيان عن الخارجية الأميركية أثناء أزمة الناشطة الصحراوية أميناتو حيدر، نتوقع أن يصدر بيان أميركي بشأن موضوع اعتقال ولد سيدي مولود».

وكانت فرنسا قد أعلنت على لسان برنار فاليرو، الناطق باسم وزارة الخارجية، أنها تتابع باهتمام حالة مصطفى سلمى ولد سيدي مولود الذي اعتقلته جبهة البوليساريو بتندوف بعد عودته من المغرب. وقال فاليرو «إننا نتابع باهتمام حالة ولد سيدي مولود».

ويعتبر هذا التصريح لوزارة الخارجية الفرنسية أول رد فعل رسمي للحكومة الفرنسية على ما يعتبره المغرب انتهاكا لحقوق الإنسان، وهو ما نددت به الرباط التي طلبت من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التدخل لدى السلطات الجزائرية من أجل إطلاق سراح ولد سيدي مولود.

إلى ذلك، تعتزم جبهة البوليساريو تقديم ولد سيدي مولود للمحاكمة أمام محكمة عسكرية، بعدما وجهت إليه التهم نفسها التي وجهها المغرب للناشط الصحراوي علي سالم التامك بعد رجوعه إلى المغرب قادما من الجزائر ومخيمات الجبهة في تندوف، وهي «التجسس والتخابر مع جهات أجنبية والالتقاء بعناصر من المخابرات الجزائرية».

ويتساءل المراقبون عن طبيعة القانون الذي ستحاكم به جبهة البوليساريو، التي تحتضنها الجزائر، ولد سيدي مولود، خاصة أن الجبهة ليست دولة ولا تتوفر على قانون خاص بها، وبالتالي هل ستتم المحاكمة بمقتضى القانون الجزائري؟

إلى ذلك، عبرت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عن قلقها وانشغالها الشديدين إزاء مصير ولد سيدي مولود، مطالبة بالتدخل الفوري لدى السلطات الجزائرية، باعتبار مسؤوليتها الدولية لحماية كل الأشخاص الموجودين فوق ترابها، ذلك أن مخيمات تندوف تقع تحت نفوذها الترابي، مما يلزمها باحترام وإعمال مقتضيات اتفاقية حماية اللاجئين والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما طالبت بالتدخل لدى جبهة البوليساريو باعتبارها الجهة التي أعلنت رسميا اعتقاله واقتياده إلى مكان مجهول، وأيضا لدى المفوضية السامية لحماية اللاجئين باعتبارها المنظمة الدولية المكلفة بمتابعة إعمال مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية اللاجئين بما فيها الحق في الحياة والسلامة البدنية والتعبير والتفكير والرأي والتنقل لكل الأشخاص اللاجئين، وذلك إعمالا لقرار المجتمع الدولي الذي حدد سكان مخيمات تندوف على أنهم لاجئون؛ وذلك من أجل الكشف عن مكان الاعتقال التعسفي، وحماية حقه في الحياة وفي السلامة الجسمانية، والعمل على إطلاق سراحه، والسماح للمنظمات الدولية والإقليمية والمدافعين عن حقوق الإنسان للقيام بمهامها الحمائية، والتقصي حول وضعية ولد سيدي مولود، بمخيمات تندوف بالجزائر.

وكانت 16 من الجمعيات الحقوقية والمدنية المغربية (وهي: العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وجمعية الشعلة للتربية والثقافة، ومنتدى بدائل المغرب، والمرصد المغربي للحريات العامة، والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، والوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومركز الذاكرة المشتركة والمستقبل، ومجموعة الحداثة والديمقراطية، وبيت الحكمة، والشبكة المغربية - الأورومتوسطية للمنظمات غير الحكومية، وفيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، ورابطة الشباب الديمقراطيين المغاربة، وجمعية المدونين المغاربة، وجمعية عدالة، والجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان) قد اجتمعت مؤخرا بمبادرة من المنظمة المغربية لحقوق الإنسان لتنسيق عملها ومتابعته بخصوص الانتهاك الجسيم الذي تعرض له ولد سيدي مولود، حيث اعتقل خارج نطاق القانون، واقتيد إلى مكان مجهول مساء يوم 21 سبتمبر (أيلول) الماضي عند دخوله مخيمات تندوف بالجزائر قصد الالتحاق بعائلته.

وذكر بيان للمنظمة تلقت «الشرق الأوسط» أمس نسخة منه، أن هذه الجمعيات تهدف إلى متابعة ترافعها على المستوى الإقليمي والدولي لحشد كل الهيئات المعنية لحماية حياة ولد سيدي مولود من أجل إطلاق سراحه وحماية حقه في التعبير عن رأيه ومواقفه، مشيرا إلى أن هذه الجمعيات ستعمل على فتح حوار حول موجبات ومتطلبات حماية أوضاع ومكتسبات حقوق الإنسان على صعيد المنطقة.