الفرقاء اللبنانيون يتبادلون الاتهامات بتوزيع السلاح وتدريب العناصر

«8 آذار» تتهم مصر والأردن بتدريب قواتيين ومقاتلين سنة.. و«المستقبل» يحذر من نيات حزب الله

TT

عاد حديث السلاح إلى الساحة اللبنانية، بالتزامن مع التأزم الواضح في الوضع السياسي اللبناني على خلفية السجال الدائر في موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

وبدا لافتا المرحلة التي بلغها التصعيد مع انتقال الفرقاء السياسيين من التهديد بالسياسة إلى التهديد بالأمن والكشف عن «معطيات» تؤكد أن أطرافا خارجية بدأت بمد الداخل اللبناني بالأسلحة والعتاد وحتى بتدريب بعض العناصر في بلدان عربية مجاورة، كما اتهمت قيادات في قوى «8 آذار» خصومها، فيما كانت قوى «14 آذار» تحذر من «انقلاب» حزب الله، وبينهما كانت المخاوف تتصاعد في الشارع اللبناني.

ومع العودة للحديث عن الاشتباكات المسلحة، تتجه الأنظار مباشرة إلى عاصمة الشمال طرابلس التي شهدت في صيف عام 2008 مواجهات دموية بين العلويين المتمركزين في جبل محسن ومقاتلين آخرين في منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية، ذهب ضحيتها العشرات وانتهت بتوقيع ميثاق شرف لضبط الوضع ولملمة السلاح.. وتقول مصادر طرابلسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»: «السلاح متوفر وبكميات خيالية وآخر ما يطلبه الطرابلسي اليوم قطعة من السلاح لأنه يعلم تماما وفي حال اتخذ القرار السياسي بتفجير الشارع فإن السلاح ينهال من كل جهة وصوب».

وكشفت مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ظواهر جديدة غير مألوفة يتم اللجوء إليها للتحريض الطائفي وأبرزها من خلال البث التلفزيوني الفضائي إذ تعمل فضائيات تلتقط عبر (النايل سات) على تكفير السنة من جهة والشيعة من جهة أخرى بهدف التحريض المذهبي وتفجير الوضع».

من جهتها، أوضحت مصادر تيار المستقبل لـ«الشرق الأوسط» أنه «بات من المعروف للجميع من الطرف المسلح والذي يلجأ للغة التهديد والوعيد ومن هو الطرف الأعزل الذي يحاول تحقيق العدالة» وأضافت: «قد يكون ما حصل في السابع من مايو (أيار) 2008 أكبر دليل على ما ينتظرنا في حال لجوء الفريق الآخر للشارع. ولدينا معلومات عن أن حزب الله المجهز أصلا لأي مواجهة يعد العدة لاستخدام سلاحه في الداخل اللبناني مجددا».

ويصف مسؤول الاتصالات السياسية في الحزب العربي الديمقراطي في لبنان رفعت علي عيد والمشرف الفعلي على الحزب في جبل محسن: «عاصمة الشمال طرابلس بالمهيأة للاشتباكات والمنتظرة للقرار السياسي» لافتا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كل المؤشرات تؤكد أننا نتجه إلى الخراب لأن تدخلات خارجية سافرة تعمل على الوتر الطائفي والمذهبي لإشعال الساحة اللبنانية انطلاقا من الساحة الطرابلسية».

واتهم عيد كلا من مصر والأردن بالعمل على «التحريض الطائفي وبدعم المشروع المقابل لمحور العروبة والمقاومة». وأضاف: «يحوي الشمال اللبناني أكبر كم من السلفيين والأصوليين في منطقة الشرق الأوسط ككل»، محذرا من أن «المشروع السلفي لا يشكل خطرا على لبنان وحده وإنما على أوروبا كذلك». وقال: «لدينا معلومات تؤكد أن بعض السلفيين يتدربون في الشمال اللبناني لينتقلوا بعدها إلى قبرص فاليونان وبعدها لعواصم أوروبية لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية».

ولفت عيد إلى أننا «أمام ولادة (طائف جديد) قد تكون ولادته عسيرة تسبقها حرب»، مشددا على أنّه «وفي النهاية سينهزم مشروع لصالح آخر».

وكان النائب السابق ناصر قنديل قد حذر من أن «مصر تقود مشروعا تخريبيا لحساب إسرائيل في لبنان» كاشفا عن وجود «ما يسمى مستشفى ميداني مصري في طريق الجديدة المحسوب على تيار المستقبل يقوم وتحت شعار دورات تمريضية كل 3 أشهر بدورات تدريب عسكرية لمئات الشباب» مضيفا: «(القوات) تتدرب في شرم الشيخ في مصر، كما أن الأردن خرجت لها 700 عنصر ميليشياوي». هذا الحديث وضعته «القوات» في خانة «المفبرك والعار عن الصحة» معتبرة أنه «ليس جديدا على اللبنانيين أن يسمعوا من ناصر قنديل أكاذيب واختراعات وفبركات، فهو مرجع في ذلك، لكن أن تطال اتهاماته وافتراءاته مسائل أمنية حساسة في ظرف سياسي مفصلي، فذلك يمثل خطرا كبيرا على السلم الأهلي في لبنان واستهدافا واضحا لفريق سياسي معين» معلنة أنها «ستتقدم بدعوى على قنديل بهذا الخصوص أمام القضاء المختص».

من جهته، كان النائب السابق مصباح الأحدب قد أعلن أنه «يتم تحضير المسرح من أجل معركة داخل طرابلس، وبين أهل طرابلس» متسائلا: «هل يواجه حزب الله بفتنة داخلية سنية سنية في طرابلس والشمال أو باشتباك سني علوي بين أهل المدينة؟» وأضاف: «إن تصادم الأصوليات لا يبقي بلدا بل يؤدي بنا جميعا للهاوية كما أن حريقا في طرابلس لا يجعل المحكمة الدولية أكثر ثباتا بل قد يكون الحريق مطلوبا لدفنها».

ولفت أمس ما نقل عن عضو كتلة «لبنان الحر الموحد» التي يرأسها النائب سليمان فرنجية النائب سليم كرم الذي قال: «نحن نستطيع أن نقوم بانقلاب، لأننا أقوياء بما فيه الكفاية، ولكن لسنا في هذا الوارد، لأننا نعتبر أنفسنا أم الصبي، أما الفريق الآخر فيريد هذا الأمر»، متسائلا: «ماذا يفعل الموجودون في شرم الشيخ وفي الأردن، وأعني جماعة ما يسمى الحكيم سمير جعجع، هل يقومون بسياحة» لافتا إلى أن «هناك استبدالا للعمال السوريين بعمال مصريين، ولا أعرف لماذا، وما الأهداف من ذلك، لا سيما أن بعض العمال المصريين لديهم تحصيل علمي كبير».

وشدد عضو تكتل «لبنان أولا» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري النائب معين المرعبي على أن حزب الله «يقوم بتجنيد بعض المجموعات لحسابه ومدّها بالسلاح بكميات كبيرة جدا»، محذرا من أنه «إذا حاول أحد الاعتداء على كرامتنا فلكل لبناني سلاحه وإمكاناته الشخصية وسيدافع عن نفسه». فيما أقرّ عضو كتلة الأحزاب القومية والوطنية النائب قاسم هاشم بأن «الجميع يمتلك السلاح في البلد، وبالتالي يجب ألا نتلطى وراء أصابعنا»، وأضاف: «هناك مراكز تسليح للجميع، لـ(رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية) سمير جعجع ولغير سمير جعجع»، مشددا على أن «الأمن في لبنان هو أمن سياسي بالدرجة الأولى، وبقدر استطاعتنا ولوج باب الحوار، بقدر ما نحافظ على السلم الأهلي».

وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» قال السفير حسام زكي المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، معلقا على الاتهامات الموجهة إلى مصر: «إن هذه الأبواق معلوم من يحركها ولأي دوافع، ونحن لا نتعامل مع مثل هذه التصريحات».