شركات نفط دولية تنسحب من إيران خشية عقوبات أميركية

نائب وزيرة الخارجية الأميركية يعلن عقوبات جديدة ضد طهران بعد لقاء مقداد في واشنطن

صاروخ «شهاب ـ 3» الباليستي البعيد المدى الإيراني الصنع يعرضه الحرس الثوري في إحدى ساحات طهران المزدحمة بالمارة والسيارات بمناسبة ذكرى الحرب العراقية ـ الايرانية (أ.ب)
TT

في اليوم الثاني على التوالي أعلنت الولايات المتحدة أمس عقوبات جديدة ضد طهران، وبينما كانت عقوبات أول من أمس تستهدف قياديين إيرانيين بسبب اتهامهم بالضلوع في انتهاك حقوق إيرانيين معارضين، أعلن نائب وزيرة الخارجية الأميركية جيمس ستاينبرغ عقوبات ضد شركة نفط إيرانية مقرها سويسرا، بسب ارتباطها ببرنامج إيران النووي. وفي تطور لافت كشف ستاينبرغ عن قرار 4 شركات نفط كبرى الانسحاب من إيران ووقف تعاملاتها مع إيران خشية عقوبات أميركية ضدها.

وفي مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية الأميركية أمس، أعلن ستاينبرغ أن الولايات المتحدة وضعت شركة «نفط إيران للتجارة» (نيكو)، وهي شركة مقرها سويسرا تابعة لشركة النفط الوطنية الإيرانية، على لائحة سوداء تمنعها من تداولات دولية تمر عبر المصارف الأميركية. وأكد ستاينبرغ أن الولايات المتحدة «تتخذ خطوات لتطبيق قانون العقوبات على قطاع الطاقة» الإيرانية، موضحا أن هذا قطاع أساسي مرتبط بالبرنامج النووي الإيراني.

واستهداف شركة «نيكو» يزيد من الضغوط على إيران في وقت تصعد الولايات المتحدة من إجراءاتها ضد النظام الإيراني والاقتصاد الداعم للبرنامج النووي. وقال ستاينبرغ إن هدف هذه الإجراءات «ليس العقوبات من أجل العقوبات بحد ذاتها، بل نريد أن نرى تغييرا في التصرف الإيراني»، أي الانصياع لقرارات مجلس الأمن للتخلي عن تخصيب اليورانيوم وإثبات الهدف السلمي للبرنامج النووي. وأضاف: «التأثير الأهم بالنسبة لنا هو قرارات إيران السياسية» في الملف النووي وإثبات عدم سعيها للحصول على سلاح نووي.

وأعلن ستاينبرغ عن خطوة مهمة في تحقيق هدف الإدارة الأميركية لعزل الاقتصاد الإيراني، قائلا إن 4 شركات نفط دولية كبرى قررت الانسحاب من إيران ووقف التعاملات مع قطاعها النفطي. وقررت شركات «توتال» الفرنسية و«ستاتاويل» النرويجية و«اي ان اي» الإيطالية و«شل» البريطانية - الهولندية، الكف عن الاستثمار في إيران، مما يعني أن واشنطن لن تضع الشركات الأربع على لائحة سوداء أو تعاقبها. وأوضح ستاينبرغ: «نحن لا نريد معاقبة الشركات، وإذا قررت شركة الانسحاب فهذا أفضل»، معتبرا أن قرار الشركات الأوروبية الأربع «قرار إيجابي ويجب أن يُحتذى به».

وأكد ستاينبرغ أن هذه الإجراءات «ستزيد من تكلفة رفض إيران الالتزام بتعهداتها الدولية»، مضيفا أن هذه «الخطوة إلى الوراء» لطهران. وأضاف أن الإدارة الأميركية تواصل جهودها في إقناع شركات أخرى للانسحاب من إيران، ممتنعا عن الخوض في تفاصيل النقاشات التي تجريها الإدارة الأميركية من شركات أخرى. وشرح أن الإدارة الأميركية تراجع تعاملات الشركات الدولية مع إيران، وفي حال وجدت شركة تخترق القانون الأميركي الذي يمنع الاستثمار بشكل كبير في القطاع النفطي الإيراني فستفرض عقوبات على تلك الشركة.

ويأتي الإعلان الأميركي في وقت أكدت وسائل إعلام يابانية أمس أن مجموعة «اينبكس» النفطية اليابانية ستنسحب من أكبر حقل نفطي إيراني حتى تتجنب فرض عقوبات أميركية عليها. وكانت «اينبكس» التي تعد وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية أبرز مساهم فيها، المستثمر الأبرز في تطوير هذا الحقل الذي تقدر احتياطاته بـ42 مليار برميل من النفط الخام. وكانت «اينبكس» خفضت كثيرا حصتها في 2006 من 75 في المائة إلى 10 في المائة بسبب توترات دولية حول البرنامج النووي الإيراني. وقد تعلن قريبا انسحابها الكامل من المشروع، كما يقول عدد كبير من وسائل الإعلام اليابانية. وأقر وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية اكيهيرو أوهاتا أمس بأن مسؤولي «اينبكس» يناقشون هذه الإمكانية. وقال في تصريح صحافي: «تناهى إلى مسمعي أن الشركة تعتبر ذلك أحد الخيارات».

وتحدث ستاينبرغ إلى الصحافيين حول القطاع النفطي الإيراني فور انتهاء لقائه مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد الذي يزور واشنطن. وفور انتهاء الاجتماع بين المسؤولين عقد ستاينبرغ مؤتمرا صحافيا حول العقوبات ضد إيران. وبينما امتنع ستاينبرغ عن الخوض في تفاصيل حول الاجتماع مع مقداد، أوضح أن إيران كانت من بين القضايا التي ناقشها المسؤولان. ووصف الاجتماع مع مقداد بأنه «حوار جيد جدا»، مضيفا: «لقد أوضحت أن إيران أحد أكبر مصادر القلق لنا في المنطقة». وتابع: «من الأمور المهمة لتقديم علاقتنا هو التوضيح لإيران بأن تصرفاتها غير مقبولة»، ملمحا إلى أن موقف سورية من إيران «أمر مهم» ويؤثر على العلاقات بين واشنطن ودمشق.

ويجري مقداد لقاءات عدة في واشنطن في زيارة تستغرق يومين، ترتكز على العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى قضايا إقليمية، على رأسها عملية السلام ووضع إيران في المنطقة.