سلفا كير يدعو لتدخل دولي لحماية الجنوبيين: سأصوت للانفصال لأن «الوحدة» لم تعد جاذبة

الحركة الشعبية تدعو الأمم المتحدة للإشراف على إجراء الاستفتاء مطلع العام المقبل في حال عرقلته من الخرطوم

TT

شددت الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان على ضرورة إجراء استفتاء تقرير المصير في مواعيده مطلع العام القادم، وطالبت الأمم المتحدة بالإشراف عليه في حال عرقلة شريكها في الحكم «المؤتمر الوطني»، الذي يتزعمه الرئيس السوداني عمر البشير، إجراءه في الموعد المحدد.

وحذرت الحركة من الاعتداء على الشماليين في الجنوب في حال الانفصال، وقالت إنها ستعاقب المعتدين. ودعت في الوقت ذاته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للعمل معا لحماية الجنوبيين في الشمال في أعقاب بروز أصوات حكومية بطردهم، وحرمانهم من حقوق المواطنة. وأكدت عدم العودة إلى الحرب مرة أخرى إلا في حالة الدفاع عن النفس إذا اتخذ الطرف الآخر خيار الحرب.

وأعلن النائب الأول للرئيس السوداني، رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت، أنه سيصوت للانفصال لأن خيار الوحدة لم يعد جاذبا، غير أنه أكد على الحرية الكاملة لدعاة الوحدة والانفصال لطرح خياراتهم للناخبين من دون حجر أو اعتداء من أي طرف. وقال إنه لم ير في السنوات الخمس الماضية من تنفيذ اتفاقية السلام الشامل ما يدعوه إلى التصويت إلى الوحدة، وتابع «لدي تقييمي الشخصي في قضيتي الوحدة والانفصال، وأنا شخصيا سأصوت للانفصال، ولكن هذا سيحدث في حينه عند الاستفتاء». وشدد «حتى لا نعود إلى الحرب مرة أخرى ندعو إلى احترام خيار الجنوبيين.. في حالة الوحدة سنحترم خيارهم وفي حالة الانفصال نطالب الشمال والمجتمع الدولي بقبول ذلك، وإلا ستتعرض المنطقة إلى حروب وتعقيدات جديدة». وقال «عندما أحذر من عدم العودة إلى الحرب فلا يعني ذلك أنني خائف من خوضها، لكن لأنني جربتها وأعرف المآسي التي تحدث فيها.. لكن مع من يسعون إلى أن نعود إلى الحرب ويضغطوننا بوضعنا في ركن ضيق، ماذا سنفعل غير أن ندافع عن أنفسنا؟». وأردف «لا نريد الحرب أن تعود، وإذا انفصل الجنوب لا بد من أن تكون العلاقة جيدة بين الدولتين الجارتين».

وقال كير في خطاب جماهيري في جوبا أمس، خلال الاستقبال الذي أجري له ووفده لعودته من الولايات المتحدة بعد مشاركته في القمة التي عقدتها الأمم المتحدة بحضور الرئيس الأميركي باراك أوباما ومشاركة نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه، إن القضايا الخلافية العالقة حول قضايا ما بعد الاستفتاء يمكن حلها في الأشهر المتبقية. وأضاف «يمكن حل هذه القضايا، ولا بد من إجراء الاستفتاء في مواعيده، ولا مجال إلى التأجيل»، مشيرا إلى أن الاجتماعات التي شهدتها نيويورك بين طرفي الاتفاقية - «المؤتمر الوطني» والحركة الشعبية - وبمشاركة الأطراف الدولية، أكدت على إجراء الاستفتاء في موعده، وأن تحل القضايا العالقة في المواطنة، وتقاسم النفط، والاستفتاء في أبيي.

وقال إن الجنوب لم يحصل على العائدات الحقيقية التي نصت عليها اتفاقية تقاسم الثروة، وأضاف «الاتفاقية نصت على نسبة 50% للجنوب من عائدات النفط، لكن ما وصلنا 26% فقط، ومنظمة (غلوبال ويتنس) تشهد بذلك». وقال (نحن لا نشارك في العائدات من غير النفط في الجنوب، كما أننا لا نشارك في عائدات ثروة الشمال نفطية أو غيرها». وسخر قائلا «في الشمال يتحدثون عن أن الجنوب مليء بالخمور التي هي حرام بالنسبة لهم، ومع ذلك يريدون عائدات الجمارك والضرائب من الجنوب»، معتبرا أن العدالة يجب أن تمضي في قضايا قسمة الثروات. وقال «لا نعرف أسباب أن نتقاسم نفط الجنوب مرة أخرى رغم أننا قدمنا الكثير إلى (المؤتمر الوطني)»، داعيا إلى إجراء الاستفتاء في الجنوب وأبيي سلميا دون مشكلات، وعاد قائلا «سنوزع الموارد لفائدة المواطنين في الطرفين، ونحن نشجع الطرف الآخر (المؤتمر الوطني) بأن يسلك الطريق الصحيح في هذا الاتجاه».

وانتقد كير بشدة تصريحات وزير الإعلام القيادي في المؤتمر الوطني الدكتور كمال عبيد، الذي طالب بطرد الجنوبيين من الشمال في حال الانفصال، وحرمانهم من الجنسية والعلاج وممتلكاتهم. وقال «أدعو الذين يقولون مثل هذا الحديث إلى أن يكفوا عنه». وأضاف «ما قاله وزير الإعلام هل يمثله شخصيا أم من موقعه في الحكومة وهو ناطق باسمها؟.. وهو حديث مؤسف». وقال «حتى في فترة الحرب بيننا (الجيش الشعبي) لم يقتل أي أسير ألقى بسلاحه وإذا كان جريحا نعالجه»، مشددا على ضرورة عدم الاعتداء على الشماليين في الجنوب في حال الانفصال، وأن حكومته ستقوم بحماية الشماليين وممتلكاتهم.. وقال «أي أن من يعتدي على الشماليين في الجنوب سيعرض نفسه للعقوبات، لأن هذه جريمة لن نرحم ونتساهل فيها.. وعلى الأمم المتحدة الموجودة بيننا أن تكون شاهدة على ما نقول، وستقوم بواجبها»، وأضاف «يجب عليكم ألا تتعاملوا بردود الفعل، لأن الشماليين في الجنوب هم جزء منكم»، مطالبا في الوقت ذاته المجتمع الدولي بحماية الجنوبيين في الشمال حتى لا يتعرضوا لاعتداءات وفق ما صرح به وزير الإعلام، مشيرا إلى أن عددا من القبائل الرعوية الشمالية في مناطق التمازج سيتم الحفاظ على حقوقها في الرعي في الجنوب. وتابع «لا تلتفتوا إلى التصريحات المنفلتة في صحف وإذاعة الخرطوم، لأنه إذا انفصل الجنوب لن نرحل به إلى المحيط الهندي أو الأطلسي، سنبقى في مكاننا هذا». كما انتقد تصريحات مستشار البشير الدكتور مصطفى عثمان، الذي دعا الشباب إلى الاستعداد للحرب لمواجهة أعداء السودان. وقال «من هم أعداء الدولة؟ ونحن جزء من هذه الدولة، وإذا كان الطرف الآخر رغبته في الحرب فليس أمامنا طريق آخر، لكن دعونا نعمل من أجل السلام».

وقال كير إن إجراء الاستفتاء في أبيي سيتم حسمه في المفاوضات التي سيتم إجراؤها بين «المؤتمر الوطني» والحركة الشعبية، بحضور المبعوث الأميركي إلى السودان سكوت غريشن في أديس أبابا، لكنه أردف «اتفاقية السلام في أبيي واضحة، وقرار التحكيم الدولي في رسم حدود المنطقة أوضح، ونحن لا نريد أن تصبح المنطقة سببا للانفجار والعودة إلى الحرب، ونريدها منطقة سلام». وتابع «مؤكد سنتوصل إلى اتفاق في اجتماع أديس أبابا مع (المؤتمر الوطني)، ولا نريد أي تعقيدات ومشكلات بالعودة إلى الخلف»، محملا المسؤولية لـ«المؤتمر الوطني» في حفظ السلام وإجراء الاستفتاء سلميا. وقال «أبلغنا المجتمع الدولي، وهو شاهد على اتفاقية السلام، بأننا لا ندعو إلى عودة الحرب، بل أن نستمر في الحوار ليستقر السودان كله»، داعيا المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده ووجوده في الفترة القادمة لتنفيذ ما تبقى من بنود تنفيذ اتفاقية السلام. وقال «هذه الاتفاقية تختلف عن اتفاقيات السلام السابقة وضماناتها معروفة، أولها إجراء الاستفتاء في موعده»، مؤكدا أن جيش الجنوب (الجيش الشعبي) لن يتدخل في عملية الاستفتاء، غير أنه قال إن حكومته ترفض تدخل الشرطة وجهاز الأمن من الشمال في حماية الاستفتاء. وأضاف «لا نريد أي قوة من الخارج لأن الشرطة أصبحت ولائية، ولن تحدث سرقة لأصوات الناخبين»، داعيا الجنوبيين للحفاظ على السلام من خلال عملية التعبئة الدعائية للمواطنين لإجراء الاستفتاء. وقال «لا بد أن نعمل بشكل جيد حتى يتم الاعتراف بنتيجة الاستفتاء من الطرف الآخر ومن المجتمع الدولي».