الرئيس الجديد لموظفي البيت الأبيض يجمع بين الصرامة والقدرة على حل المشكلات

راوز عمل مع أوباما قبل وصوله للرئاسة ويحرص على تجنب الأضواء وحوارات الأحد التلفزيونية

أوباما يقدم لبيت راوز قطعة حلوى بمناسبة عيد ميلاده في البيت الأبيض في 15 أبريل 2009 (إ.ب.أ)
TT

قليلون خارج واشنطن، وربما من داخلها، سمعوا باسم بيت راوز، الرجل الذي كان مقررا أن يختاره الرئيس باراك أوباما أمس لمنصب الرئيس المؤقت لفريق العاملين بالبيت الأبيض. ويعد راوز أحد العناصر الهادئة العاملة على الصعيد السياسي التي تتجنب الأضواء، ولا يعد من النوعية التي تقبل على المشاركة في البرامج الحوارية التي يذيعها التلفزيون أيام الأحد، ولا تدور حوله قصص حول تقليصه عدد العاملين بفرق العمل المعاونة له بسبب أخطاء اقترفوها.

ويمكن القول إنه في الكثير من الجوانب يبدو على النقيض من رام إيمانويل، الذي سيخلفه في المنصب. وفي الوقت الذي قضى إيمانويل قرابة عامين كوجه بارز على الصعيد العلني يمثل إدارة أوباما، كان راوز يقبع في أحد أركان «الجناح الغربي» بالبيت الأبيض منكبا على حل مشكلات. ويعد راوز أحد المستشارين الموثوق بهم ويعود تاريخ تعاونه مع أوباما إلى الأيام الأولى للأخير داخل مجلس الشيوخ، حيث ساعد في توجيه أوباما نحو الصعود داخل واشنطن. وقد وصف أوباما راوز ذات مرة بأنه «خال تماما من الأنانية».

ويتولى راوز، 64 عاما، منصبه الجديد في فترة عصيبة، حيث سيرث البيت الأبيض وهو في حالة تقلبات متواصلة، مع رحيل الفوج الأول من كبار المستشارين. ومع وقوع البيت الأبيض تحت ضغوط بسبب ضعف الاقتصاد وفتور شعبيته حسبما تكشف استطلاعات الرأي قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة الشهر المقبل، يتحتم على راوز المساعدة في تقديم النصح حول التوجه الجديد الذي يتعين على الإدارة اتخاذه، وفي الوقت ذاته النضال في مواجهة الفرق المتناحرة التي تلتف حول أي رئيس.

والسؤال الذي يدور حوله جدال في مختلف جنبات البيض الأبيض هو ما إذا كان راوز، الذي يشبه في هدوء طبعه أوباما، ستوكل إليه مهمة إدارة هذا التحدي على مدار بضعة شهور، حسبما يوحي لقب «مؤقت»، أو بشكل دائم. وقد انقسم البيت الأبيض على نفسه حول ما إذا كان أوباما سيرغب في تسليم مسؤولية رئاسة فريق العاملين بالبيت الأبيض خلال النصف الثاني من رئاسته إلى أحد أعضاء الدائرة المحيطة به أو اللجوء إلى شخص جديد تماما بعد الانتخابات.

يبقى أمر واحد مؤكد: راوز لن يمارس القيادة اعتمادا على قوة شخصيته مثلما فعل سلفه إيمانويل. الملاحظ أن التركة التي سيخلفها إيمانويل وراءه بعد 20 شهرا تتضمن الكثير من الإنجازات التشريعية للإدارة - منها قانون إصلاح الرعاية الصحية وحزمة المحفزات الاقتصادية وإصلاح التنظيمات المالية. وكان إيمانويل مناصرا قويا لتعزيز السلطة داخل «الجناح الغربي»، مع كبح جماح الوزراء. ويعتقد أن إيمانويل سيجري تذكره باعتباره أحد العاملين بحماس على حماية الرئيس، وباعتباره شخصا اعتاد استغلال ملفات العمل في خلق أفكار جديدة، وباعتباره مديرا صارما عادة ما تميزت الاجتماعات التي كان يعقدها في السابعة والنصف صباحا بطرحه أسئلة حادة على كبار مستشاريه حول ما فعلوه وما ينوون فعله.

إلا أن إيمانويل، الذي كان مترددا في بادئ الأمر في قبول منصبه، تحول في نهاية الأمر إلى مشواره السياسي مع اقتراب موعد رحيله. في البداية، تردد إيمانويل، الذي سيعود لمسقط رأسه في شيكاغو للمنافسة على منصب العمدة، وهو منصب داعب خياله لفترة طويلة، في أعقاب إعلان العمدة ريتشارد إم. ديلي تقاعده.

يشار إلى أن أوباما لجأ مرارا إلى راوز للاستعانة بقدرته على حل المشكلات منذ أن شرعا في العمل معا منذ 6 سنوات. وعندما انتخب أوباما في مجلس الشيوخ، طلب من راوز العمل كرئيس لفريق العمل المعاون له. وبحلول ذلك الوقت، كان راوز قد أصبح أشبه بأسطورة في الكابيتول هيل. فقد كان عمل مساعدا لفترة طويلة لزعيم الأغلبية داخل مجلس الشيوخ، توماس إيه. داشل، والذي كان حينها قد مني لتوه بهزيمة. وكان راوز قد اشتهر بلقب «السيناتور الـ101»، نظرا لما تمتع به من صلة وثيقة بعدد من أعضاء المجلس ومشاركته في كثير من الأحيان في إدارة مفاوضات حرجة. وقد وضع راوز خطة استراتيجية لأوباما ليتبعها في مجلس الشيوخ. وبعد عامين، ومع استعداد أوباما للترشح للرئاسة، تفتق ذهن راوز عن خطة مشابهة. ومع اقتراب الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2008 من نهايتها، سلم راوز لأوباما مرة أخرى ملفا أسود سميكا يتضمن كيفية بنائه فريق العمل داخل البيت الأبيض في حال فوزه.

وكان راوز هو الذي اتخذ الترتيبات الخاصة بالفترة الانتقالية الرئاسية. على مدار الشهور الـ20 الماضية، جرى تكليف راوز بعلاج سلسلة من المشكلات الفوضوية، وصدرت إليه تعليمات بالتواصل عبر خطوط بيروقراطية متعددة لإصلاحها. في أواخر 2009، طلب أوباما منه إدارة سياسة الإدارة تجاه غوانتانامو بعدما أصبح من الواضح أن الرئيس سيعجز عن الالتزام بالموعد الزمني النهائي الذي فرضه على نفسه بالنسبة لإغلاق السجن. وعلى الرغم من أن السجن لم يغلق، ينسب مسؤولون الفضل لراوز لتمكنه من وضع العملية برمتها تحت السيطرة واقتراح موقع آخر بديل في إلينوي.

ومؤخرا، ساعد راوز في استحداث مكتب جديد يتبع الإدارة يعنى بحماية المستهلك، وعمد إلى التواصل عبر فرق داخلية متشاحنة (بما في ذلك بين إيمانويل والمستشار فاليري جاريت) لتعيين إليزابيث وراين مستشارة رفيعة المستوى لدى المكتب.

على الصعيد الشخصي، يصف الزملاء راوز بأن حضوره يضفي حالة من الهدوء، وبأنه «وسيط أمين» ويحرص على معاملة المستويات الأدنى من العاملين بصورة حسنة. وأشار أحد المستشارين إلى أنه بعد خسارة داشل، قضى راوز أسابيع في مساعدة المعاونين في الحملة الانتخابية على العثور على وظائف جديدة.

يذكر أن راوز أعزب ويشتهر بحبه الشديد بالقطط التي يحتفظ بها في منزله. ويصفه زملاؤه بأنه مغرم بالعمل، وهي واحدة من الصفات التي يتشارك فيها مع إيمانويل. إلا أن البعض من داخل الإدارة يتساءلون حول ما إذا كان راوز سيتميز بقوة كافية لكبح جماح مراكز القوى المنافسة داخل «الجناح الغربي». وبينما تمتع إيمانويل بقاعدة خاصة به وشكل في الكثير من النواحي القوة الخلاقة للأفكار داخل البيت الأبيض، يعد راوز مناسبا أكبر لدور الحكم أو الوسيط. كما أنه يجري النظر إليه من قبل الأعضاء الآخرين رفيعي المستوى في الإدارة باعتباره لا يشكل تهديدا.

ويبدو أن هذا يمثل جزءا من سبب إعجاب الرئيس به. وخلال مقابلة أجريت معه عام 2008، قال أوباما: «أبحث عن أشخاص أذكياء بحق، يولون الأولوية الأولى لإنجاز المهمة الموكلة إليهم، وليس للفوز بالإشادة والمديح».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»