طهران تحذر المعارضة من استغلال العقوبات.. وتؤكد: واشنطن تسعى لمد الخصوم بالمعنويات

تنديد إيراني بـ«التدخلات» الأميركية.. وشركات أوروبية تقول إنها لا تزال تتعامل مع إيران

صورة أرشيفية لطلاب إيرانيين يحملون لافتات مناهضة لبريطانيا خلال مظاهرة قبالة مبنى شركة «شل» النفطية البريطانية في طهران (أ.ف.ب)
TT

تحركت السلطات الإيرانية أمس ضد خصومها في الداخل محذرة إياهم من استخدام العقوبات الاقتصادية التي فرضت على الجمهورية الإسلامية «لإثارة اضطرابات وإضرابات». وجاء هذا التحذير بعد أن أعلنت واشنطن عن فرض حزمة عقوبات اقتصادية جديدة شمل بعضها ثمانية مسؤولين إيرانيين كبار لانتهاكهم حقوق الإنسان. وفي غضون ذلك نددت طهران بالعقوبات الجديدة واعتبرتها تدخلا في الشؤون الداخلية واستدعت السفيرة السويسرية في طهران لنقل رسالة احتجاج، باعتبار أن سفارتها ترعى المصالح الأميركية في إيران منذ إغلاق سفارة واشنطن قبل أكثر من ثلاثين عاما.

وأعلن قائد الشرطة الإيرانية، الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم، في تصريحات أوردتها وسائل الإعلام الإيرانية أمس، أن الشرطة ستتحرك ضد الذين يريدون استخدام العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران «لإثارة اضطرابات وإضرابات».

وقال مقدم في خطبة الجمعة في طهران إن «قوات الأمن ستتحرك ضد الذين يريدون الاعتماد على العقوبات الاقتصادية للتحرك كجنود للأعداء عبر التسبب في اضطرابات اقتصادية وإضرابات». وأضاف أن «الأعداء يسعون بتهديداتهم الاقتصادية لدفع الناس إلى العصيان والتسبب في اضطرابات اجتماعية»، وقال: «لقد شنوا حربا نفسية عنيفة ضدنا».

وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول إيراني كبير عن أن العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي، يمكن أن يكون لها تأثير كهذا.

واعتاد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والحكومة والصحف الرسمية على التقليل من شأن هذه العقوبات، مؤكدين أنها لن تؤدي إلا إلى تعزيز الاستقلال الاقتصادي لإيران ولن تؤثر على تصميمها على مواصلة برنامجها النووي.

وأكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، مطلع سبتمبر (أيلول) أن «الشعب والمسؤولين الإيرانيين سيفشلون العقوبات وسيجعلونها غير فاعلة كما كانت في العقود الثلاثة الأخيرة».

وفي المقابل، أكد الرئيس الأسبق، أكبر هاشمي رفسنجاني، في منتصف سبتمبر أنه من الضروري أن «نأخذ على محمل الجد» العقوبات المفروضة على إيران التي لم تواجه، كما قال، «عدوانا ممنهجا» كهذا منذ الثورة الإسلامية في 1979.

وأقر رئيس مجلس الشورى (البرلمان)، علي لاريجاني، قبل أيام بأن العقوبات يمكن أن تتسبب في «صعوبات»، معتبرا في الوقت عينه أن إيران يمكن أن تستخدمها «فرصة لتطوير البلاد».

وقد تبنى مجلس الأمن الدولي في الثامن من يونيو (حزيران) قرارا جديدا شدد فيه العقوبات الدولية المفروضة على إيران.

وتلت هذا القرار، السادس الذي يدين إيران منذ 2006، عقوبات جديدة أحادية قررتها على حدة كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية.

وتستهدف هذه العقوبات، خصوصا، قطاع الطاقة في إيران، المنتج الثاني في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، التي تجني من النفط 80 في المائة من مواردها لجهة العملات الصعبة. كما تمنع أي استثمار في صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات واستيراد البنزين من قبل طهران. وتستهدف أيضا المصارف والمبادلات المالية والتأمينات والشركات البحرية الإيرانية. وانتقد أحمدي مقدم أمس أيضا العقوبات الأميركية، وخصوصا إقفال حسابات مصرفية وحظر سفر ضد ثمانية مسؤولين إيرانيين متهمين بالتعدي على حقوق الإنسان خلال قمع اضطرابات تلت الانتخابات الرئاسية في يونيو 2008.

وقال أحمدي مقدم: «أرجو من المسؤولين الأميركيين أن يقدموا الوثائق التي تؤكد أن المسؤولين الأمنيين الإيرانيين يملكون حسابات مصرفية أو سافروا إلى الولايات المتحدة». وخلص إلى القول بأن «الولايات المتحدة تسعى إلى مد الثورة المضادة (المعارضة) بالمعنويات». وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت الأربعاء أن الرئيس باراك أوباما كان قد وقع مرسوما «يفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين تبين أنهم مسؤولون أو متواطئون في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تورطت فيها الدولة الإيرانية».

وتعود الأحداث المعنية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في إيران التي شهدت إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد والتي أعقبتها حركة احتجاجية شديدة ومظاهرات عنيفة قتل خلالها عشرات الأشخاص.

وتشمل العقوبات تجميد أصول ثمانية مسؤولين بينهم ثلاثة وزراء سابقين، في الأراضي الأميركية في حال وجودها.

واحتجت إيران أمس على «التدخلات» الأميركية في شؤونها الداخلية، وذلك بعد إعلان العقوبات الأميركية التي استهدفت المسؤولين الإيرانيين.

وندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، بـ«قرار يندرج في سياق التدخلات الأميركية في الشؤون الداخلية لإيران منذ 30 عاما»، في إشارة إلى انقطاع العلاقات بين البلدين منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979.

وأضاف رامين مهمانبرست أنه قرار «مناف للقوانين الدولية».

واستدعت طهران أول من أمس سفيرة سويسرا لديها التي تمثل بلادها مصالح الولايات المتحدة في إيران، للتعبير عن احتجاجها على القرار الأميركي. وفي سياق متصل، قالت ثلاث شركات نفط أوروبية أمس إنها لا تزال لديها تعاملات مع إيران، وإن بعض أنشطتها مع الجمهورية الإسلامية لا تندرج ضمن العقوبات، وجاء ذلك بعد أن قالت واشنطن إن شركات النفط الأوروبية الكبرى ستوقف جميع أنشطتها في إيران.

وقالت شركة «توتال» الفرنسية إنها تشتري النفط الإيراني، بينما ذكرت مجموعة الطاقة النرويجية «شتات أويل» أنها تمد طهران بالمساعدة الفنية.

وقالت متحدثة باسم «توتال» إن «المجموعة (توتال) ملتزمة بالتشريع المعني على أساس دولي وأوروبي وأيضا وطني، اليوم ليست لدينا عمليات في إيران باستثناء شراء النفط الخام الذي يعتبر أمرا مشروعا اليوم».

ومن جانبها، قالت «شتات أويل» إنها ستنهي عملياتها في إيران بحلول 2012 على أكثر تقدير، لكنها لا تزال تقدم المساعدة الفنية بعد أن انتهت من تطوير مشروع حقل «بارس» الجنوبي العام الماضي.

وقال بارد جلاد بيديرسن، المتحدث باسم الشركة: «قلنا بالفعل في عام 2008 إننا لن نقوم بالمزيد من الاستثمارات في إيران، وكنا في منتهى الوضوح والشفافية فيما يتعلق بهذه السياسة».

في الوقت نفسه، قال متحدث باسم شركة «ايني» الإيطالية إن الشركة ستنسحب من إيران بمجرد انتهاء أجل عقودها التجارية هناك، مضيفا أن هذه التصريحات تأكيد لموقف الشركة من إيران.