نجاد والأسد يبحثان تعزيز محور دمشق ـ طهران و«جبهة المقاومة» ضد إسرائيل

انتقدا مفاوضات السلام.. ودعوا إلى تشكيل حكومة عراقية ذات «علاقات طيبة» مع جميع دول الجوار

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يقلد الرئيس السوري بشار الأسد أعلى وسام في الجمهورية الأسلامية أمس (رويترز)
TT

دعا الرئيسان الإيراني محمود أحمدي نجاد والسوري بشار الأسد أمس إلى «تعزيز» محور طهران - دمشق، من أجل دعم فرص السلام في الشرق الأوسط، موجهين «انتقادات» لمفاوضات السلام الجارية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقلد نجاد الرئيس السوري أعلى وسام في الجمهورية الإسلامية، مؤكدا أن طهران ودمشق في «خندق واحد»، كما دعا إلى «تعزيز جبهة المقاومة» ضد إسرائيل.

ووصل الأسد صباح أمس إلى طهران في زيارة رسمية للجمهورية الإسلامية علي رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع، وكان في استقباله في مطار طهران، بالإضافة إلى نظيره الإيراني، وزير الخارجية منوشهر متقي وعدد من سفراء الدول العربية المعتمدون في طهران.

فيما رافق وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الرئيس الأسد خلال زيارته التي استغرقت يوما واحدا، والتي التقى خلالها أيضا المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي.

وقلد أحمدي نجاد الأسد أعلى وسام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مراسم أقيمت في مبنى وزارة الخارجية الإيرانية، وقال نجاد خلال تلك المراسم إن «إيران وسورية» في خندق واحد، مضيفا أنه «لولا تضحيات الحكومة والشعب السوري لما بقي أي بلد في المنطقة بمأمن من عدوان الكيان الصهيوني ولما بقي أثر لفلسطين».

وجاء في بيان نقله موقع الرئاسة الإيرانية على الإنترنت، أن الرئيسين الإيراني والسوري انتقدا خلال اجتماع عقداه لاحقا عملية السلام الجارية بين الإسرائيليين والفلسطينيين التي تدفع واشنطن باتجاه استمرارها.

واعتبر الأسد، بحسب البيان الإيراني، أن «أي جديد لم يطرأ على عملية السلام»، موضحا أنها تهدف «فقط لتأمين دعم لباراك أوباما (الرئيس الأميركي) داخل الولايات المتحدة».

فيما أكد أحمدي نجاد مرة جديدة أن «الواجهة الأميركية انهارت وكشفت عن (طبيعة) النظام الصهيوني».

وباتت مفاوضات السلام التي انطلقت مجددا في الثاني من سبتمبر (أيلول) برعاية واشنطن في مأزق بعدما رفضت إسرائيل تمديد العمل بقرار تجميد الاستيطان جزئيا في الضفة الغربية.

وقال أحمدي نجاد إن «الأوضاع الحالية في المنطقة تسير باتجاه التحول لمصلحة شعوب المنطقة»، داعيا إلى «تعزيز جبهة المقاومة» لإسرائيل، وفي طليعتها إيران وسورية، ما «سيدفع الدول الأخرى للانضمام إليها وسيساعد على إحلال السلام في المنطقة».

وأكد نجاد خلال اللقاء أهمية تطوير العلاقات الثنائية في المنطقة، وقال «بإمكان بلدان المنطقة أن تشكل أهم الأنشطة الاقتصادية، وهذا التعاون يخدم الشعوب في المنطقة سياسيا واقتصاديا وأمنيا»، كما أشار إلى الأوضاع الراهنة في العراق ولبنان وفلسطين، وقال إن «الرؤية العامة للبلدين (سورية وإيران) إلى الشعوب والدول في المنطقة، هي تعزيز العلاقات الاقتصادية لصالح الشعوب في المنطقة»، فيما شدد الأسد على وجود «إمكانيات كبيرة متاحة يمكن استثمارها لمصلحة الشعبين والمنطقة».

وبحسب بيان رسمي سوري، فقد أكد الرئيسان السوري والإيراني «حرصهما على وحدة العراق وسيادته واستقلاله»، وأعلنا دعمهما «تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كل أطياف الشعب العراقي وتتمتع بعلاقات طيبة مع جميع دول الجوار».

ومن الملفات التي جرى بحثها أيضا ملف النووي الإيراني، حيث وضع الرئيس أحمدي نجاد، الرئيس الأسد في صورة التطورات الأخيرة المتعلقة بهذا الموضوع، وجدد الأسد التأكيد على «حق جميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية»، وأشاد بـ«استعداد إيران للحوار المباشر ما إزالة جميع الشكوك المتعلقة ببرنامجها النووي السلمي».

وتأتي زيارة الأسد في الوقت الذي تبحث فيه بلاده مشاركتها في مفاوضات السلام في المنطقة. وكان وليد المعلم وزير الخارجية السوري قد أكد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة استعداد سورية لاستئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل. وبحسب مراقبين، فإن زيارة الرئيس السوري لطهران قد تأتي لتهدئة مخاوف إيران من تقارب سوري - أميركي والدفع باتجاه مفاوضات السلام.

كما جاءت زيارته في الوقت الذي ناشده فيه رئيس الحكومة العراقية الأسبق، إياد علاوي، خلال زيارة إلى دمشق الأربعاء الماضي، التوسط لدى طهران لإقناعها بوقف تدخلاتها في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وتأتي أيضا قبل زيارة الرئيس الإيراني المقررة في 13 و14 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي إلى لبنان، في الوقت الذي يشهد فيه هذا البلد حملة سياسية وإعلامية متبادلة بين فريق رئيس الحكومة سعد الحريري وحزب الله على خلفية المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005.

وكان الأسد وأحمدي نجاد التقيا في 18 سبتمبر الماضي لمدة ساعتين في مطار دمشق. وقال الرئيس الإيراني آنذاك إن «جبهة المقاومة تتعزز في المنطقة التي تدعم شعوبها هذه السياسة» التي تدعو إليها طهران ودمشق.

وتأمل واشنطن في الحصول على مساعدة الرئيس الأسد في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتسعى إلى إبعاد دمشق عن حليفتها إيران التي فرضت عليها عقوبات دولية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

إلى ذلك، ذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن الرئيسين سيوقعان خلال زيارة الأسد لطهران اتفاقات لتحرير المبادلات التجارية بين البلدين ولإنشاء مصرف تجاري مشترك. وتفرض الأمم المتحدة عقوبات دولية على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، تستهدف بصورة خاصة قطاعات الطاقة والمصارف والمبادلات المالية.

وقام الرئيس السوري لاحقا بزيارة لمعرض «الإنجازات التكنولوجية» في طهران. ونوه بيان حكومي إيراني بـ«التوقيع على اتفاقيات متعددة الأطراف بين دول المنطقة»، معتبرا أن «وجود مثل هذه الاتفاقيات من النواحي الاقتصادية والسياسية والأمنية يصب في مصلحة المنطقة».

ونقلت قناة «العالم» الإيرانية عن السفير الإيراني في دمشق أحمد موسوي، أن المباحثات بين أحمدي نجاد والأسد ستشمل توقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين، إضافة إلى مجالات النفط والغاز وتوسيع حركة النقل بين كل من إيران وسورية والعراق.

وكان الرئيس الأسد بحث مع نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق الشهر الماضي ضرورة تعزيز مستوى التعاون الاقتصادي والتنموي، وخاصة في القضايا ذات الطابع الاستراتيجي كالنفط والغاز وسكك الحديد وزيادة التواصل السياحي بين شعبي البلدين.

يشار إلى أن اللجنة العليا السورية - الإيرانية المشتركة وقعت في دورتها الثانية عشرة بدمشق في أبريل (نيسان) الماضي مذكرات تفاهم تضمنت التعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية والمصرفية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصحة والثقافة والتربية والتعليم العالي والزراعة والكهرباء والصناعة والنقل والتخطيط والإحصاء.