البوسنة تحدد مستقبلها اليوم.. والسباق على الصوت المسلم الأكثر احتداما

سيلاجيتش المتشدد تجاه الصرب ينافسه بقوة بيغوفيتش الداعي للتغيير التدريجي

TT

تشهد البوسنة اليوم انتخابات رئاسية وتشريعية مصيرية، وهي على مفترق طرق، ستحدد نتائجها منهج الإصلاح وحدوده، وطريقة حل المشكلات، وفقا لبرنامج الرئيس الذي سيتم انتخابه، والائتلاف الذي سيقود البلاد في السنوات الأربع القادمة. وكانت الحملة الانتخابية التي استمرت شهرا قد عمقت التباين في البرامج الإصلاحية، وتحديدا السياسية، وما يتعلق بمطالب تغيير الدستور.

وبعد نحو 15 عاما من انتهاء الحرب، لا يزال الخطاب القومي مهيمنا على صفوف غالبية الطوائف، ففي الجمهورية الصربية، لوح رئيس الوزراء ميلوراد دوديك، رجل الكيان الصربي القوي، مرات عدة في الأشهر الأخيرة بتهديد الانفصال إذا تعرض الاستقلال الذي تتمتع به جمهورية صرب البوسنة في البوسنة والهرسك للتشكيك. وقال: «الأفضل للبوسنة أن ننفصل وديا». ويفترض أن ينتخب دوديك من دون صعوبة رئيسا للجمهورية الصربية.

وفي الجانب المسلم يبدو السباق أكثر احتداما، خاصة مع التباين في وجهات نظر الرئيس الحالي للرئاسة الجماعية للبوسنة، حارس سيلاجيتش، ومنافسه باكر عزت بيغوفيتش. وكان سيلاجيتش قد أدلى بانتقادات شديدة لصرب البوسنة واتهمهم بـ«منع تحقيق تقدم» في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما أدان إمكانية انفصال الجمهورية الصربية. وفي رؤيته للإصلاحات، يطالب سيلاجيتش بتغييرات هيكلية، تجعل من البوسنة دولة طبيعية مثل بقية جيرانها. وأعرب سيلاجيتش عن اعتقاده بأن توحيد البوسنة إداريا أمر ممكن، وبالتالي يجب النضال من أجله.

أما بيغوفيتش، نجل الزعيم الراحل علي عزت بيغوفيتش، فيرى أن «التغيير يجب أن يكون عبر مراحل، لأن الدفع به مرة واحدة، يجعل الأطراف المقابلة ترفضه جملة وتفصيلا». وكانت استطلاعات للرأي قد أظهرت تقدم بيغوفيتش على جميع المرشحين في سباق الرئاسة في البوسنة. وقد شمل الاستطلاع التلفزيوني نحو 10 آلاف ناخب، وكان السؤال المطروح بالصيغة التالية: «لمن ستعطي صوتك في الانتخابات الرئاسية في الدائرة البوشناقية؟». وحصل باكر علي عزت بيغوفيتش على 5239 صوتا، وحصل سيلاجيتش على 1176 صوتا، وحصل رجل المال والإعلام فخر الدين رادونجيتش على 155 صوتا.

كذلك، ينافس الأكاديمي جمال الدين لاتيتيش، على عضوية مجلس الرئاسة عن المسلمين، لكن من دون لوحات وملصقات دعائية، لافتقاده التمويل اللازم لذلك، وانتقد النظام الانتخابي الجاري العمل به، وطالب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن «يكون لكل شخص صوت واحد، كما هو الحال في الدول الأخرى، فالتصويت على أساس طائفي يعمق تقسيم البوسنة». وتابع: «البوشناق أغلبية بنسبة 53 في المائة لا يتمتعون بحقوق الأغلبية، أما ضمانات المصالح الإثنية فيمكن النص عليها في الدستور». وأردف: «إذا فزت في الانتخابات فسأعمل على جعل البوسنة عضوا في منظمة المؤتمر الإسلامي، وليس بصفة مراقب كما هو الحال اليوم، فهي منظمة كبيرة تمثل 57 دولة، أي قرابة ثلث أعضاء الأمم المتحدة». ووصف لاتيتيش الانتخابات التي تجري اليوم بأنها «تاريخية» لأنها «تتم في مرحلة مفصلية سيتحدد على ضوئها مستقبل البوسنة».

بدوره، قال المحلل السياسي والدبلوماسي أدهم باشيتش، لـ«الشرق الأوسط» إن «الدلائل تشير إلى أن أعضاء مجلس الرئاسة الحالي، حارث سيلاجيتش، وجيلكو كومشيتش، ونيبوشا رادمانوفيتش، سيحتفظون بمناصبهم، مع إمكانية حصول مفاجآت». واعتبر أن «حزب العمل الديمقراطي، سيبقى حزبا قويا، أما باكر علي عزت بيغوفيتش، فقد يخسر الانتخابات، بسبب افتقاده الدعم من قبل المؤسسة الدينية، ولكن الكثير من منتسبيها وبعض رموزها يؤيدون باكر». وختم بالقول: «حارث سيلاجيتش يتوقع إعادة انتخابه لأن الوطنيين يعتقدون أنه الوحيد الذي يمكنه تعزيز سيادة البوسنة، وهذا ما يعده رصيده الأكبر، إلى جانب الاحترام الذي يقابل به في الشرق والغرب».