واشنطن تحذر الأميركيين في أوروبا من هجمات محتملة

الحكومة البريطانية تجدد تحذيرها من السفر إلى فرنسا وألمانيا * اعتراض اتصالات هاتفية وإلكترونية أجراها غربيون من الشريط القبلي تتحدث عن شراء متفجرات

جنود فرنسيون يشددون المراقبة في منطقة برج ايفل السياحية بباريس بعد تحذير واشنطن لرعاياها من السفر الى بعض الدول الاوروبية وبينها فرنسا (أ ب)
TT

مع زيادة الموجة الإرهابية في دول أوروبية، طالبت الخارجية الأميركية أمس، المواطنين الأميركيين في أوروبا بأن يكونوا بعيدين عن المدن المزدحمة في أوروبا، خوفا من وقوع هجمات إرهابية. وأبلغت السياح الأميركيين خاصة، بالابتعاد عن التجمعات المزدحمة في المدن الأوروبية، بسبب وجود ما سمتها الإدارة الأميركية «تهديدات محتملة من تنظيم القاعدة». ودعا التحذير - الذي جاء على ضوء التهديدات الإرهابية الأخيرة، التي كشف عنها مؤخرا، ودفعت المنشآت العسكرية الأميركية في دول أوروبية إلى تبني تدابير احتياطية - الأميركيين إلى توخي «الحذر والحيطة» في الأماكن العامة، كالمطارات والمعالم السياحية ومحطات شبكة التنقل بالقطارات والأنفاق.

من جهتها أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أمس «تحديث» إرشادات سفر مواطنيها إلى فرنسا وألمانيا, محذرة إياهم من «خطر إرهابي كبير» في هذين البلدين الأوروبيين. وقالت متحدثة باسم الوزارة لـ«الشرق الأوسط»: «بوسعنا أن نؤكد أن إرشادات السفر إلى فرنسا وألمانيا تم تحديثها». وأضافت أن فرنسا وألمانيا «تواجهان, كما دول أوروبية كبرى أخرى, خطرا إرهابيا كبيرا, وهو ما يجسده تحديثنا لإرشادات السفر». وقالت نحن نراجع الإرشادات ومستوى التحذير بصفة مستمرة. وجاء هذا التعديل في أعقاب تحذير أصدرته وزارة الخارجية الأميركية لرعاياها من هجمات محتملة لتنظيم القاعدة وجماعات أخرى مرتبطة به في أوروبا. وأضافت المتحدثة باسم الخارجية البريطانية: «طرأ تحديث على التحذير من السفر إلى فرنسا وألمانيا. مثل دول أوروبية كبيرة أخرى، حددت درجة التحذير من الإرهاب بمرتفع، وأثر هذا أيضا على تحذيرنا الذي جددناه». ورفضت الخارجية توضيح السبب الذي دفعها لهذا التغيير، قائلة إن التحذير محل مراجعة مستمرة ويعتمد على مجموعة من المصادر.

من جهتها أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، تيريسا مي، أمس، أن تحذير الولايات المتحدة من خطر «اعتداءات إرهابية محتملة»، «مطابق لتقييمنا» للوضع. وقالت الوزيرة في بيان «كما كررنا سابقا, فإننا نواجه خطرا إرهابيا خطيرا وحقيقيا. إن مستوى تحذيرنا ما زال (خطيرا)، وهو ما يعني أن حصول اعتداء، أمر محتمل جدا». وأضافت: «إننا نعمل بتعاون وثيق مع شركائنا الدوليين في مكافحة الإرهاب، وأن التحذير الأميركي مطابق لتقييمنا للوضع». ولا يزال مستوى الإنذار في المملكة المتحدة على حاله منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما كان «خطيرا», أي رابع درجة من خمس في الإنذار الذي أعلن سنة 2006, أي بعد سنة من اعتداءات السابع من يوليو (تموز) 2005، التي استهدفت وسائل نقل عامة في لندن وأسفرت عن مقتل 56 شخصا، بينهم أربعة انتحاريين. ويتطابق التحذير الذي أعلنه مسؤولون أميركيون، رفضوا كشف هوياتهم, مع الدرجة الأولى من التحذير للرحلات إلى الخارج, قبل التحذير الذي ينصحهم رسميا بالعدول عن السفر. وأشارت أجهزة الاستخبارات الغربية إلى اعتداءات مبيتة من تنظيم القاعدة، تستهدف مدنا كبرى في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، على غرار اعتداءات مومباي التي أسفرت عن مقتل 166 شخصا في 2008, حسب معلومات أوردتها وسائل إعلام غربية الأسبوع الماضي. وذكر أحد المصادر، أنه بالإضافة إلى تنبيه السفر فإن «المنشآت العسكرية الأميركية اتخذت احتياطات إضافية.. فهذا وضع خطر». ونقلت وكالة أنباء «برس أسوسييشن» البريطانية عن مي قولها: إن بريطانيا تواجه «تهديدا حقيقيا وجادا من أعمال إرهابية»، وهو ما يعكسه رفع مستوى التهديد الأمني في البلاد إلى «الحاد». وأوضح مسؤول أميركي منفصل أن التحذير جاء استجابة لكم المعلومات الاستخباراتية المتوفرة حول تهديدات إرهابية محتملة، وليس بناء على معلومات استخباراتية جديدة. وكشف مصدر أمني أميركي، أول من أمس، أنه من المرجح إصدار تعميم إلى كل الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة، بعد إصدار تنبيه السفر، إلا أنه استدرك بالقول إن المعلومات الاستخباراتية المتوفرة حاليا تتعلق بأوروبا، وليس كتهديد للولايات المتحدة. وكانت مصادر استخباراتية أميركية قد أعربت لتلفزيون «سي إن إن» عن اعتقادها أن قادة من تنظيم القاعدة، بمن فيهم أسامة بن لادن، يخططون لشن هجمات على مدن أوروبية. وأن الأمر الأساسي في هذا التحذير من الخارجية الأميركية هو «القول للأميركيين أن يواصلوا رحلاتهم, ولكن أن يكونوا يقظين». وحذرت هذه المصادر من هجمات قد تشنها «القاعدة» في فرنسا وبريطانيا وألمانيا. لكن، لم تكشف المصادر كيفية تنفيذ الهجمات الإرهابية، أو التنسيق بين قادة «القاعدة»، أو الأسباب التي دعت للاعتقاد بضلوع «القاعدة» في هذه الهجمات. والأسبوع الماضي، كشف أن الاستخبارات الأميركية تبحث عن معلومات بشأن هجمات إرهابية محتملة ضد مدن أوروبية تحاكي سيناريو هجمات مومباي، التي قام خلالها عشرة مسلحين بمهاجمة مواقع سياحية مهمة، بالإضافة إلى مركز ثقافي يهودي في المدينة، التي تعد العاصمة التجارية للهند، في عملية متقنة الإعداد دامت ثلاثة أيام، وقتل فيها 164 شخصا عام 2008.

وأعلنت الاستخبارات الألمانية، الثلاثاء الماضي، أن الكثير من تفاصيل المخطط المشابه لهجمات مومباي أدلى به ألماني، من أصل أفغاني، اعتقل في العاصمة الأفغانية، كابل، في يوليو الماضي، وجرى تسليمه إلى القوات الأميركية هناك. وتزامن الإعلان عن المخطط مع تصريحات مسؤولين أميركيين لـ«سي إن إن» بأن زيادة الهجمات الصاروخية بطائرات من دون طيار على المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، مرتبطة، إلى حد ما، بالكشف عن مخطط إرهابي يستهدف أوروبا. وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن من أسباب هذه الإنذارات اعتراض مركز تنصت بريطاني لاتصالات هاتفية وإلكترونية أجراها ألمان وبريطانيون تطوعوا للاستماع إلى «شاترز» (ثرثرة) الإرهابيين على الحدود الباكستانية - الأفغانية. وأن هذه الثرثرة زادت مؤخرا. وأن الألمان والبريطانيين ادعوا أنهم يتعاونون مع الإرهابيين. وأن الإرهابيين سألوهم عن سبل الحصول على أسلحة ومتفجرات في أوروبا، واستفسروا عن مواقع آمنة كانوا يعيشون فيها قبل تنفيذ الهجمات، وربطت الصحيفة بين ذلك وبين أخبار بأن وكالة المخابرات الأميركية (سي آي أيه) صعدت هجماتها بالطائرات من دون طيار ضد المسلحين في منطقة القبائل الباكستانية في محاولة لإحباط هذه الهجمات. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول أميركي قوله: «على الرغم من رغبة (القاعدة) في تنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا، فإنه لا توجد مؤشرات على قدرتها على تصدير الإرهاب». وكانت كل من وكالة «رويترز» وصحيفة «نيويورك تايمز» قد توقعتا صدور التحذير الأميركي للأميركيين في أوروبا. ونقلت الصحيفة، على لسان مسؤول أميركي كبير قوله: «كنا وما زلنا نركز على حرص (القاعدة) على مهاجمتنا وحلفائنا والمصالح الأميركية في الخارج. ونحن لن نألوا جهدا لإحباط الخطط الإرهابية، وسنقوم بمزيد من التحركات كلما كان ذلك ملائما». وأكد مسؤول أميركي آخر لوكالة الأنباء الفرنسية أن الخارجية الأميركية «دائما تتخذ الإجراءات التي تراها مناسبة». والعام الماضي، أجهض الغرب مجموعة من الهجمات ضده، منها محاولة تفجير طائرة أميركية فوق مدينة «ديترويت»، أثناء فترة أعياد الميلاد، ومحاولة تفجير سيارة ناسفة في «تايمز سكوير» بنيويورك، بالإضافة إلى المخطط المزعوم لمهاجمة مراكز تجارية للتسوق في مدينة «مانشستر» بإنجلترا أثناء عطلة الأسبوع عام 2009.