طائرات من دون طيار تدعم عمليات وكالة الاستخبارات الأميركية

لمنح الوكالة قدرات أكبر في تنفيذ هجمات مميتة ضد المتمردين في باكستان

TT

تستخدم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ترسانة من الطائرات من دون طيار المزودة بالأسلحة والمعدات الأخرى التي زودها بها الجيش الأميركي لتصعيد عملياتها السرية في باكستان، عبر استهداف مناطق يصعب على القوات الأميركية المتمركزة في أفغانستان الوصول إليها.

دمج عمليات وكالة الاستخبارات السرية والقوة العسكرية جزء من محاولة محفوفة بقدر كبير من المخاطرة من قبل إدارة أوباما لتوجيه ضربات قاصمة إلى متمردي طالبان التي استعادت السيطرة على مناطق كبيرة في أفغانستان، لكنها تشن أغلب غاراتها من ملاذاتها شرق الحدود الأفغانية.

وتمثل الخطوة تطورا واضحا لبرنامج القتل المستهدف المثير للجدل الذي تديره وكالة الاستخبارات. وكان البرنامج قد بدأ كجهد متقطع لقتل أعضاء شبكة «القاعدة» الإرهابية، لكن وكالة الاستخبارات قامت الشهر الماضي بما يمكن اعتباره حملة قصف عبر الحدود بالتنسيق مع العمليات العسكرية المعتادة الموجودة على بعد بضعة أميال قليلة.

تواصلت الحملة يوم السبت وسط تقارير عن غارتين لطائرتين أميركيتين من دون طيار أسفرتا عن مقتل 16 مسلحا شمال غربي باكستان. وتأتي هذه الهجمات في أعقاب تنفيذ 22 هجمة الشهر الماضي. بيد أن هذا التغير في الاستراتيجية يحمل مخاطر واضحة، خاصة إذا فهم البعض منها أنها التفاف على معارضة باكستان القوية لعمليات عسكرية أميركية في بلادها.

حقيقة الأمر أن زيادة عدد هجمات الطائرات من دون طيار خلال الأسابيع الأربعة الماضية استهدفت إلى حد كبير عناصر شبكة يقودها جلال الدين حقاني، الحليف القوي لوكالة الاستخبارات الباكستانية.

لكن المسؤولين الأسبوع الماضي أوضحوا أن بعض الهجمات التي شنت مؤخرا كانت تستهدف عرقلة مخططات «القاعدة» لاستهداف أوروبا. وقال مسؤول أميركي إن وزارة الخارجية تدرس ما إذا كانت ستصدر تنبيها من شأنه تحذير الأميركيين بالحيطة عند السفر في أوروبا (يمكن أن تكون هذه التوجيهات قد صدرت أمس).

وأشار المسؤول الأميركي إلى أن الجيش قدم طائرات «بريداتور» و«رابير» من دون طيار إلى جانب أسلحة أخرى إلى وكالة الاستخبارات المركزية، في محاولة لمنح الوكالة قدرات أكبر في تنفيذ هجمات مميتة في باكستان. وقال «زيادة وتيرة العمليات ضد الإرهابيين كانت فاعلة منذ العام الماضي. فقد سعت وكالة الاستخبارات إلى الحصول على المزيد من الموارد لملاحقة الإرهابيين في باكستان، وهو ما دعمه البيت الأبيض بقوة».

وأوضح المسؤول أن وزير الدفاع روبرت غيتس ومدير وكالة الاستخبارات المركزية ليون بانيتا «عملا معا لتوسيع نطاق هذه الحملة، حيث وضعت أسس تكثيف الغارات وها هي النتائج تتحدث عن نفسها».

ورغم تركيز إعلان إدارة أوباما في ديسمبر (كانون الأول) عن نتائج مراجعة الاستراتيجية الأميركية في المنطقة على نشر 30.000 جندي أميركي إضافي في أفغانستان، أوضح المسؤول أن التقييم الذي دار على مدى شهر كامل تركز إلى حد كبير على ضرورة القضاء على مخابئ المتمردين في باكستان، وفى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) كتب أوباما رسالة شخصية إلى الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، عرض عليه فيها شراكة موسعة، وحذر فيها صراحة من أن استمرار غموض العلاقة الباكستانية مع المتشددين لا يمكن السكوت عليه. وحذر أوباما من أنه إذا لم يتخذ الجيش الباكستاني إجراءات أكثر حزما، فستضطر الولايات المتحدة إلى التحرك بنفسها.

وقد تم تعزيز الرسالة الربيع الماضي بعدما أشارت المعلومات الاستخباراتية إلى أن مفجر عملية «تايمز سكوير» الفاشلة تلقى تدريبه في باكستان. وسافر بانيتا ومستشار الأمن القومي جيمس جونز إلى باكستان ليوضحا أن الولايات المتحدة غير راضية عن الجهود الباكستانية. ورفض البيت الأبيض يوم السبت التعليق على الأنباء بشأن حملة الطائرات من دون طيار.

تكثيف حملة الطائرات من دون طيار كان غير مسبوق من حيث الحجم، فوفقا للسجلات التي تحتفظ بها مؤسسة «نيو أميركا»، فإن الهجمات الـ22 المعروفة التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية ونفذت في سبتمبر (أيلول) بلغت تقريبا ضعف عدد الهجمات التي سجلت في أي من الشهور السابق. جدير بالذكر أن هجمات الطائرات من دون طيار بدأت في يناير (كانون الثاني) بعد مقتل سبعة أفراد من الوكالة في هجوم انتحاري في أفغانستان.

وقد استهدفت جميع هجمات شهر سبتمبر، باستثناء ثلاث منها، معاقل المتمردين في شمال وزيرستان، معقل جماعة حقاني، وقتل فيها عشرات من المسلحين وعدد غير معروف من المدنيين في هذه المنطقة التي تقع بالقرب من مجموعة من القواعد المتقدمة للجيش ووكالة المخابرات المركزية الأميركية، والتي استخدمت من قبل الوكالة لبناء شبكة من المخبرين تمتد في باكستان.

وقال المسؤول الأميركي «تحسنت معلوماتنا الاستخباراتية إلى حد كبير، ولذا لا بد أن نمتلك القدرات التي تكافئ جدة المعلومات القادمة».

رغبة الجيش في إقراض جزء من أسطوله لوكالة الاستخبارات، التي تحدثت عنها صحيفة «وول ستريت جورنال» للمرة الأولى يوم السبت، عكست حالة الإحباط المتزايدة داخل القيادة العسكرية من العجز الباكستاني وعدم الرغبة في استخدام قواتها الخاصة في احتواء حقاني وشبكات المتمردين الأخرى.

وأوضح المسؤول أن الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، مسؤول عن الموقف العدائي مع باكستان، ودعم على نحو خاص حملة وكالة الاستخبارات المركزية والتي كان أول من صرح بها الرئيس جورج دبليو بوش.

وتعتبر الضربات حاسمة في القضاء على عناصر طالبان، في الوقت الذي تواجه فيه القوات الأميركية موعدا نهائيا يلوح في الأفق لإظهار تقدم في أفغانستان والبدء في وضع خطط لانسحاب محدود على الأقل في بداية يوليو (تموز).

وقد وعد الرئيس أوباما الكونغرس والشعب الأميركي بتقييم للمجهود الحربي في ديسمبر. وخلال اجتماع مجلس الأمن القومي أكد الجنرال بترايوس للرئيس أنه يتوقع حدوث تقدم في خمس مناطق، بما يشمل قتل وأسر عدد من أبرز قادة المتمردين. وإلى جانب هجمات الطائرات من دون طيار في باكستان صعدت قوات العمليات الخاصة من هجماتها ضد قادة محددين في طالبان في جنوب وشرق البلاد.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»