الداخلية اليمنية: ما تعرضت له سيارة السفارة البريطانية.. يحمل بصمات «القاعدة»

اليمن: مقتل فرنسي وإصابة بريطانيين في هجومين منفصلين * ويليام بيرنز: لا نسعى لنحل محل القوات اليمنية * الرئيس اليمني يشرف على خطة «خليجي 20»

يمنيون يتحلقون حول المكان الذي استهدف فيه عاملون في السفارة البريطانية في صنعاء أمس (رويترز)
TT

قتل مدير شركة نمساوية يحمل الجنسية الفرنسية وأصيب مواطنان بريطانيان، في هجومين منفصلين باليمن أمس. وأفاقت العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، على وقع عملية إرهابية جديدة تستهدف المصالح الغربية في البلاد، فقد هاجم مسلحون مجهولون، يعتقد بانتمائهم لتنظيم القاعدة، سيارة تابعة للسفارة البريطانية عندما كانت تقل 4 من الموظفين البريطانيين في السفارة وسائقهم اليمني، وقال شهود عيان إن المسلحين أطلقوا قذيفة على السيارة، غير أنها لم تصبها بشكل مباشر، وأسفر الهجوم عن إصابة دبلوماسي بريطاني بجراح طفيفة، حسب السفارة البريطانية في صنعاء.

وعقب الهجوم أغلقت السفارة أبوابها، خاصة أنه وقع بالقرب من مبنى السفارة، وتزامن الهجوم الجديد مع استقبال الرئيس علي عبد الله صالح للسفير البريطاني في صنعاء، تيم تورولوت، لبحث العلاقات اليمنية - البريطانية ولتوديعه بمناسبة انتهاء مهامه في اليمن. ونجا تورولوت، أواخر أبريل (نيسان) الماضي، من محاولة اغتيال بواسطة مهاجم انتحاري بحزام ناسف، وهو الهجوم الذي كان فاشلا وقتل فيه الشاب المهاجم.

وقالت وزارة الداخلية اليمنية إن السيارة استهدفت بقذيفة أصابت مؤخرتها وإنها كانت تقل 4 بريطانيين، نجوا جميعا باستثناء إصابة أحدهم بجراح بسيطة، وكذا إصابة امرأة وطفل من المارة في الهجوم، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية الإرهابية، غير أن الداخلية اليمنية قالت إن الهجوم «يحمل بصمات تنظيم القاعدة». وأضاف بيان صادر عن الوزارة أن من ارتكبوا هذه الجريمة لن «يفلتوا من العقاب»، وأن «ارتكابهم لهذا العمل الإرهابي يشير إلى حالة الإحباط واليأس التي تعيشها العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة بعد الضربات الموجعة التي وجهتها الأجهزة الأمنية لتلك العناصر سواء في مدينة لودر في أبين أو مدينة الحوطة بشبوة». مؤكدا أن «الأجهزة الأمنية لن تتوانى في ملاحقة هذه العناصر وضبطها وتقديمها للعدالة».

وتضاربت الأنباء بشأن هوية الأشخاص الذين كانوا يستقلون السيارة التي استهدفت؛ ففي الوقت الذي ذكر فيه أنهم دبلوماسيون وموظفون، تحدثت مصادر أخرى عن أن بينهم نائب رئيس البعثة البريطانية في اليمن (نائب السفير). وفي ردود الفعل، وصفت الولايات المتحدة الأميركية ما تعرضت له سيارة السفارة البريطانية بأنه «عمل بشع»، وقالت السفارة الأميركية في صنعاء في بيان صادر عنها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «استهداف المدنيين عمل شائن، فقد أسفر هذا الاعتداء المتعمد وغيره من الهجمات المشابهة عن وقوع ضحايا في أوساط المدنيين اليمنيين الأبرياء».

وقتل مواطن فرنسي يعمل مديرا لشركة (O.M.V) النمساوية التي تعمل في مجال النفط والغاز في محافظة حضرموت جنوب شرقي البلاد، وذلك عندما أطلق عليه أحد حراس الشركة النار فأرداه قتيلا على الفور، في حين أصيب أحد الموظفين ويحمل الجنسية البريطانية في الحادث الذي وقع في مبنى الشركة بالعاصمة صنعاء. وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية أن أجهزة الأمن اعتقلت الجاني الذي يدعى هشام محمد أحمد عاصم، وقال مصدر أمني إن «الجاني كان يعمل في الشركة نفسها حارس أمن خاصا تابع لإحدى شركات الحراسات الخاصة وتجري الأجهزة الأمنية تحقيقاتها مع الجاني لمعرفة دوافع ارتكابه لجريمته».

وجاء الهجوم الجديد الذي استهدف الدبلوماسيين البريطانيين، بعد يوم واحد من زيارة وكيل أول وزارة الخارجية الأميركية، ويليام بيرنز، إلى العاصمة صنعاء، وإجرائه مباحثات مع المسؤولين اليمنيين، في مقدمتهم الرئيس علي عبد الله صالح. وفي لقاء صحافي قصير أجراه في مبنى السفارة الأميركية بصنعاء، أكد المسؤول الأميركي البارز دعم بلاده للحكومة اليمنية في حربها ضد الإرهاب. معتبرا أن «التحدي الذي يمثله الإرهابيون والمتطرفون الذين يستخدمون العنف في اليمن، تحد حقيقي كبير»، وقال: «نحن نؤيد وبقوة الجهود التي تبذلها اليمن وقواتها الأمنية لمواجهة هذا التحدي، ونحن نؤمن بأن قدرات قوات الأمن اليمنية تزداد باضطراد، كما أنه من مصلحة اليمن والولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن تنجح اليمن في تحقيق هذه الجهود، وهذا هو السبب الذي يمكن اليمن من الاعتماد على دعمنا المستمر».

وأشار إلى أن التركيز الأميركي، حاليا، ينصب على «دعم القدرات والجهود التي تبذلها القوات اليمنية، فنحن لا نسعى لنحل محلها، وأعتقد أن القوات اليمنية تحرز تقدما في تعزيز نطاق قدراتها، كما أننا نعمل كل ما في وسعنا للاستمرار في تقديم العون». وقال بيرنز إن زيارته لليمن، تأتي لتأكيد «التزام الرئيس أوباما بإقامة شراكة واسعة وطويلة الأمد مع اليمن؛ وهي شراكة نعمل معا فيها لتحقيق هدفين رئيسيين؛ هما: مساعدة اليمن لمواجهة، وبشكل فاعل، التحديات الأمنية المباشرة التي يشكلها تنظيم القاعدة والإرهابيين الذين يهددوننا جميع». وأضاف أن الهدف الثاني من الزيارة يتمثل «في العمل معا لدعم جهود اليمن لمواجهة التحديات الخطيرة وطويلة المدى في مجالي التنمية والحكم. وهذان الهدفان مرتبطان بعضهما ببعض؛ فإنجاز التقدم في كل منهما يعد أمرا مهما جدا لمستقبل اليمن، وهو بالتالي مهم جدا لشراكتنا». وأشار بيرنز للصحافيين إلى أن اليمن وكلما عمل أكثر على «تعزيز الإصلاحات الاقتصادية ومحاربة الفساد ومتابعة حوار وطني شامل وخلق مناخ يستطيع المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقل الازدهار فيه، أصبح ممكنا للولايات المتحدة تقديم الدعم عبر برامجها للمساعدات، وأصبح أيضا ممكنا لنا حشد دعم المجتمع الدولي بشكل أكثر فعالية».

وفي لندن، قال ويليام هيغ وزير الخارجية البريطاني إن الهجوم على موظفي السفارة يظهر الخطر الذي يتعرض له الدبلوماسيون البريطانيون، وأنه شعر بالراحة بعد ورود الأنباء بحدوث إصابة طفيفة واحدة، وقال إن هذا الهجوم المخزي لن يؤدي سوى إلى زيادة تصميم الحكومة البريطانية على التعاون مع اليمن لمساعدته على مواجهة التحديات أمامه. وفي بيان أصدرته وزارة الخارجية في لندن، قال إن وزير خارجية اليمن أبو بكر القربي وعد هيغ بأن الحكومة اليمنية ستجري تحقيقا مكثفا حول الهجوم وتبلغ لندن به. كما اتصل وزير الخارجية البريطاني بسفير لندن في صنعاء لإبداء تعاطفه مع الموظفين الذين تعرضوا للاعتداء وكذلك المارة الأبرياء الذين تصادف وجودهم لحظة الهجوم.

على صعيد آخر، قال نائب وزير الداخلية اليمني، اللواء الركن صالح حسين الزوعري، إن الرئيس علي عبد الله صالح يشرف شخصيا على مجريات تنفيذ الخطة الأمنية الخاصة بتأمين بطولة «خليجي 20» المقررة إقامتها في محافظتي عدن وأبين أواخر الشهر المقبل، التي خصص لها 30 ألف جندي لحمايتها. وتنتاب الأوساط الرياضية في دول مجلس التعاون الخليجي التي تشارك منتخباتها لأول مرة، في مثل هذه البطولة، في اليمن، مخاوف جراء الأوضاع الأمنية المتفاقمة وأنشطة تنظيم القاعدة والجماعات الجهادية في جنوب البلاد، حسب زعم السلطات اليمنية. وقال الزوعري إن صالح «وجه بتوفير الإمكانات البشرية والتقنية الأمنية كافة لإنجاحها»، وأشار إلى أن أعضاء اللجنة الأمنية العليا قاموا خلال الأيام القليلة الماضية بالنزول الميداني إلى أماكن تمركز الوحدات الأمنية المشاركة في تأمين وحماية فعاليات «خليجي 20» بمحافظتي عدن وأبين، لتفقد مستوى جاهزيتها وإعدادها ومدى قدرتها على مواجهة مختلف الاحتمالات، والى أن نتائج النزول الميداني «أكدت أن الوحدات الأمنية المشاركة في تأمين وحماية فعاليات (خليجي 20) في حالة جاهزية عالية وقدرة على تنفيذ المهام والواجبات الموكلة إليها بموجب الخطة الأمنية، وأنها قادرة وبكفاءة عالية على إيجاد مناخات أمنية تتناسب وهذا الحدث الرياضي المهم الذي ستحتضنه اليمن».