المعلم: استقرار لبنان يصنعه اللبنانيون وليس في الخارج.. والمساعي السورية ـ السعودية متواصلة لإزالة التوتر

قال إن مذكرات الجلب «إجراء قضائي بحت»

وزير الخارجية السوري وليد المعلم، إلى جانب نظيره الروماني تيودور باكونسكي، خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه أمس في دمشق (أ.ف.ب)
TT

رفض وزير الخارجية السوري وليد المعلم التعليق على مذكرات الجلب السورية بحق 33 شخصية لبنانية وسورية ودولية في قضية «شهود الزور» باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، مكتفيا بالقول: «بكل بساطة المذكرات إجراء قضائي بحت». كما اعتبر أن المحكمة الدولية «شأن لبناني بحت»، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الروماني تيودور باكونسكي أمس بدمشق: «موضوع المحكمة شأن لبناني بحت ولا شأن لأحد بهذه المحكمة سوى لبنان».

جاءت ملاحظات المعلم خلال رده على سؤال يتعلق بالموقفين السعودي والمصري الداعيين للتمسك بالمحكمة. وقال المعلم: «على الأشقاء في لبنان أن يقرروا ما هو في مصلحتهم وما هي الوسائل التي تحول دون تعزيز استقرارهم، ومن الطبيعي أن القيادات اللبنانية الحريصة على استقرار لبنان والسلم الأهلي أن تسعى لإزالة أسباب التوتر». لافتا إلى أن الجهود السورية - السعودية «ما زالت متصلة، لأن الهدف هو استقرار لبنان، لكن هذا الاستقرار لا يصنع في الخارج بل يصنعه اللبنانيون أنفسهم، سورية والمملكة تشجعانهم على ذلك وتنصحانهم بذلك ولكن عليهم أنفسهم أن يقوموا بالدور الرئيسي وأن يزيلوا أسباب عدم الاستقرار وأسباب التوتر التي نشهدها حاليا».

وفي الشأن العراقي جدد المعلم دعوة سورية إلى اشتراك كافة القوى الفائزة بالانتخابات الأخيرة بتشكيل الحكومة الجديدة. وقال «الموقف السوري واضح، ونعتقد أن القيادات العراقية التي فازت في الانتخابات الأخيرة قادرة على التوافق فيما بينهما على تشكيل حكومة وحدة وطنية تشترك بها كل مكونات الشعب العراقي». موضحا أن «العراق في هذه المرحلة لا يحتمل أن يكون هناك فريق في الحكومة وفريق في المعارضة، المرحلة هامة لأنها ستضع العراق على طريق المستقبل ويجب أن يشترك الجميع في بناء هذا المستقبل».

وعن فحوى الحركة الدبلوماسية السورية في هذا الخصوص، قال المعلم: «كل ما ترونه من اتصالات سياسية بالنسبة لسورية هي لحث الأطراف العراقية المعنية للإسراع بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وسورية تقف على مسافة واحدة من الجميع وما يتوافق عليه الأشقاء في العراق نحن ندعمه».

وحول الزيارة المرتقبة لمساعد مبعوث الرئيس الأميركي إلى المنطقة فريدريك هوف أوضح المعلم «هذه ليست المرة الأولى التي يأتي فيها هوف لدمشق والحديث يدور حول العموميات فما زال التركيز الأميركي ينصب على المسار الفلسطيني دون أن يهملوا أن الهدف الأميركي لأوباما هو سلام شامل على كل المسارات»، لافتا إلى أنه وفي لقائه الأخير مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون سمع «كلاما طيبا»، وأضاف: «في السابق كنا نسمع كلاما، الآن سمعنا كلاما طيبا، ولكن ما زلنا ننتظر الأفعال الطيبة». وشدد المعلم على أن «الأساس لإطلاق عملية السلام هو الموقف الإسرائيلي، فإذا لم يكن لدى إسرائيل إرادة سياسية لصنع السلام فكل هذه الحركات تبقى ديكورا»، مجددا موقف سورية من السلام وقال: «إذا ما التزمت إسرائيل بالانسحاب من الجولان إلى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 فإننا جاهزون للعودة للمفاوضات غير المباشرة من النقطة التي توقفت عندها عبر الوسيط التركي».

وفيما يخص الشراكة السورية - الأوروبية، قال وزير الخارجية: «نحن ما زلنا في طور تكوين موقف سوري متكامل حول هذا الموضوع من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومواءمة هذا الموضوع مع برنامج الإصلاح الوطني الذي تنتهجه الحكومة». وبشأن قمة الاتحاد من أجل المتوسط، قال المعلم: «حتى الآن لم يقرر مستوى الحضور السوري في هذه القمة وهذا سيتوقف على ما سيصدر من استنتاجات رئاسية في القمة وعلى حل بعض المواضيع الإشكالية قبل القمة، ونريد أن نرى ما هي المواضيع السياسية التي ستركز عليها القمة قبل أن يتخذ القرار السوري».

وحول محادثات الوزير الروماني مع الرئيس بشار الأسد، قال المعلم: «كانت المحادثات بناءة وتناولت الأوضاع في المنطقة والعلاقات الثنائية والتخطيط للزيارة التي سيقوم بها الأسد لرومانيا». من جانبه، قال وزير الخارجية الروماني باكونسكي: «نؤمن بإقامة الدولة الفلسطينية، والاتحاد الأوروبي يقدم دعما ماليا لبناء المؤسسات الفلسطينية، أما من حيث الضغط الأوروبي على إسرائيل فنحن نعمل من خلال الاتحاد الأوروبي ومجلس وزراء الخارجية، ونبذل جهدا دبلوماسيا بهذا الشأن فنحن نرسل رسائل تفيد بدعمنا لإقامة سلام عادل وشامل».

وأشار باكونسكي إلى أنه «لا توجد دولة أوروبية تعارض إقامة دولة فلسطينية» وقال: «نحن نحاول تحقيق التوازن وعدم الانحياز ولدينا علاقات جيدة بالطرفين، ولكن لا ندعم التطرف ومثل تلك الدعوات لإزالة إسرائيل». وهنا عقب المعلم: «العالم تعب من سياسات إسرائيل فعلا، فالمجتمع الدولي مجمع على أن يرى سلاما عادلا وشاملا في المنطقة وإسرائيل تسبح عكس تيار المجتمع الدولي».

وأشار باكونسكي إلى سعي بلاده لتحسين المشاريع الاقتصادية المشتركة مع دمشق، كاشفا عن وجود طموح روماني لبناء خط بحري سريع بين الموانئ الرومانية وميناء اللاذقية السوري مما يمكن بوخارست من الوصول إلى سوق إقليمية أوسع بما في ذلك العراق، ولفت باكونسكي إلى وجود مشروع لتصدير الكهرباء الرومانية عبر البحر الأسود وتركيا ومن ثم سورية، بالإضافة إلى مجالات أخرى للتعاون كالبنى التحتية والزراعة والسياحة وتصدير اللحوم إلى سورية.

وكان الرئيس بشار الأسد بحث خلال لقائه وزير خارجية رومانيا تيودور باكونسكي أمس أهمية التعاون بين منطقتي الشرق الأوسط والبلقان، وتشمل إقامة مشاريع بنية تحتية في مجال النقل والطاقة مما يعود بالمنفعة على دول منطقتي الشرق الأوسط وشرق أوروبا.