مساع سعودية لترسيخ أجواء التهدئة في لبنان وسط توقع باستمرار التوتر

«14 آذار» لحزب الله: طفح الكيل من الممارسات الميليشياوية

TT

دخلت البلاد مرحلة من التهدئة فرضتها انشغالات حزب الله بالتحضيرات القائمة لزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان، ومساع سعودية حثيثة يتولاها سفير المملكة في بيروت علي عواض العسيري، لسحب فتيل التأزم ومحاولة تغليب منطق الحوار على منطق التصعيد.

وفي هذا الإطار، كشفت مصادر واسعة الاطلاع في السفارة السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن «ما تقوم به المملكة من جهود حثيثة، لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء اللبنانيين وتفادي الوصول إلى حائط مسدود، يبقى من دون نتيجة تذكر في حال لم تكن هناك نية لبنانية للخروج من المأزق». وأضافت «التوتر سيبقى مستمرا في المدى المنظور، لكن لا خوف على انفجار الوضع. على اللبنانيين أن يعوا عاجلا أو آجلا أنه (ما حك جلدك مثل ظفرك)». وعلمت «الشرق الأوسط» أن «السفير السعودي يحل ضيفا اليوم على مائدة غداء رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، في إطار الجولة التي يقوم بها على القيادات اللبنانية».

وتترافق الجهود السعودية مع مساع يقوم بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعيدا عن الأضواء، لإرساء التهدئة كمنطلق لإيجاد حلول جذرية للأزمات القائمة. ووصف وزير الشباب والرياضة علي حسين عبد الله، الرئيس بري بـ«صمام الأمان»، لافتا إلى أنه «يمتلك اليوم رؤية وتصورا لإنتاج استقرار سياسي يؤسس لاستقرار أمني». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس بري يحاول أن يكون صلة الوصل بين مختلف الفرقاء سعيا للتوصل لقواعد مشتركة تكون أساسا لحلحلة الأزمة، لذلك حاولنا في المرحلة الماضية الابتعاد عن المشاحنات التي لم تكن مبنية على مطالب واضحة، ومراقبة التطورات عن كثب لنكون دوما الطرف الذي يهدئ النفوس». وإذ رفض عبد الله ما يحكى عن أن مجلس الوزراء يعتمد سياسة التأجيل ويتغاضى عن معالجة الملفات الساخنة، قال «نحن داخل الحكومة نعالج هذه الملفات بروية وحكمة، وهي عاجلا أو آجلا ستطرح على طاولة البحث».

في المقابل، تستمر السجالات بين الأمانة العامة لقوى 14 آذار وحزب الله وإن بوتيرة أخف، وفي جديدها تأكيد الأمانة العامة على أن «كل التهديد الذي يوجهه فريق حزب الله إلى اللبنانيين يوميا، صباحا ومساء، من أجل ترهيبهم وثنيهم عن التمسك بإنجازات انتفاضة الاستقلال ومكتسباتها، لن يحقق أهدافه». وأضافت «على هذا الفريق أن يعلم علم اليقين أن اللبنانيين متمسكون بالسلم الأهلي، لكنهم قطعا لا يهابون التهويل والتخويف، بل أكثر من ذلك ترى الأمانة العامة أن كيل اللبنانيين طفح من كل الممارسات الميليشياوية، وباسمهم تعلن الأمانة العامة أنها ماضية في التعبير عنهم وفي الدعوة إلى رصّ الصفوف.. فالكيل طفح فعلا».

من جهته، جدد مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي موقف حزب الله الداعي إلى «المضي قدما في المعالجة الجدية والمسؤولة لملف (شهود الزور)، بما يمثله من مدخل لجلاء الكثير من الملابسات والتشوهات التي أصابت التحقيق وأخرجته عن الصدقية والموضوعية وجعلته أداة للضغط السياسي».

وفيما نقل عضو تكتل «لبنان أولا» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، النائب عقاب صقر، عن رئيس الجمهورية قوله «إن الوضع في لبنان لن يذهب باتجاه أي انفجار على الرغم من تفهمنا لقلق اللبنانيين، مواطنين وسياسيين»، فإنه لفت إلى أن «رئيس الجمهورية شدد على أن القوى الأمنية الرسمية وكذلك الجيش اللبناني لديهما تعليمات صارمة بالضرب بيد من حديد في مواجهة أي محاولة للعبث بالأمن واختراقه». وعما نشر مؤخرا عن أن رئيس الحكومة سعد الحريري مستهدف، قال صقر «الرئيس الحريري مستهدف، منذ فترة وليس الآن فقط، والمعلومات في هذا الإطار متوافرة، بدليل أنه يحيط نفسه بحماية كبيرة جدا، ويأخذ كل الاحتياطات»، مؤكدا في المقابل أن «التهديدات لم ولن تجعل الحريري يتراجع أو يغير أي موقف اتخذه، لأنه يتخذ مواقفه عن قناعة وعن خلفية وطنية ومسؤولية يتحملها، وهو لا يتخذ أبدا أي موقف بناء على تهديدات أمنية أو عسكرية أو تهويلات سياسية».

وبينما جدد وزير التربية والتعليم حسن منيمنة التأكيد على أنه «لا تنازل عن المحكمة لأنها الطريق للاستقرار وليس إلى الفتنة»، لفت عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب نبيل نقولا إلى أن «خطورة القرار الظني في الشكل الذي سيصدر فيه ستجعل جميع اللبنانيين متهمين بعملية الاغتيال وعرضة للأسئلة من المحكمة»، معتبرا أن «المعارضة تأخرت في معالجة الموضوع، لذلك قد تكون نتائجه أصعب مما لو تمت معالجته قبل فترة». ورأى أنه «لم يكن يجب من الأساس أن تقبل المعارضة بالمحكمة الدولية لأن إنشاءها كان خاطئا»، مشيرا إلى أن «الحل الوحيد في إلغاء المحكمة».

وطمأن عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا أنه «لا الاغتيالات ولا استخدام الشارع ولا التهويل سيغير في حرف واحد من كتابنا، وهو التمسك بالدولة القوية القادرة»، وتابع «من يتكلم عن اللااستقرار هو من يمهد لضرب هذا الاستقرار». وحول المحكمة الدولية، رأى أن «الهدف من كل ما يحصل الآن ليس المحكمة فقط بل رأس الدولة في لبنان، فالمحكمة هدف رئيسي، لكن الهدف الأكبر هو إسقاط الدولة اللبنانية».