نتنياهو يضع شرطا جديدا لتجميد البناء الاستيطاني.. إحراجا لأوباما

البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط»: نحن لا نعلق على المشاورات الدبلوماسية الحساسة

مستوطن من كريات اربع يعزف على قيثارته بينما يقطف فلسطيني زيتونه في جنوب الضفة الغربية، امس (أ ف ب)
TT

في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، عقد لقاء قمة إسرائيلي - فلسطيني في فرنسا في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، شروطا جديدة لكي يوافق على تجميد البناء الاستيطاني لمدة شهرين، حتى يتاح استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين. وأبرز هذه الشروط هو أن يصادق الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على رسالة الضمانات التي كان قد أرسلها سلفه، جورج بوش، في سنة 2004 إلى رئيس الوزراء أرييل شارون، ويعرب فيها عن موافقته على ضم أراضي المستوطنات إلى إسرائيل ومنع عودة اللاجئين.

تتمسك الإدارة الأميركية بعدم الخوض في تفاصيل تلك المشاورات. وقال ناطق باسم البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نعلق على المشاورات الدبلوماسية الحساسة»، ولكنه شدد على التزام الولايات المتحدة بـ«سلام شامل في المنطقة، وبالعمل مع الطرفين ومواصلة الدفع من أجل العودة للمفاوضات، التي أكد الطرفان رغبتهما في مواصلتها».

وأكد مسؤول في وزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط» أن واشنطن متمسكة بـ«عدم فرض حلول على الطرفين، وعليهما حل قضاياهما».

وتكثف واشنطن من اتصالاتها مع الإسرائيليين والعرب من أجل إنقاذ المفاوضات المباشرة. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد التقت بممثل الرباعية الدولية توني بلير عصر أول من أمس لبحث قضية الاستيطان وعملية السلام بشكل أوسع، بعد أن اتصلت بوزير الخارجية الأردني ناصر جودة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية بي جي كراولي إن كلينتون أبلغت جودة «عن جهودنا لدفع الطرفين لمواصلة المحادثات»، وأضاف: «نحن على اتصال بالفلسطينيين والإسرائيليين وعلى اتصال مع الدول المشاركة في اجتماع الجامعة العربية الجمعة ورسالتنا واضحة: (هذه مفاوضات مهمة ونحن في مرحلة مهمة من العملية ونريد مواصلتها». وتابع: «نواصل عرض أفكار للطرفين حول معالجة قضية المستوطنات التي تواجهنا».

واستخدم نتنياهو التبرير المعروف لفرض هذه الشروط، وهو أنه يريد شيئا مغريا يقنع وزراءه بالموافقة على تجميد البناء الاستيطاني مدة شهرين، وهم الذين كانوا قد قرروا بشكل واضح أن يجمدوا البناء لعشرة شهور لا أكثر. ورفض مكتب نتنياهو أن يؤكد أو ينفي هذا النبأ، مما جعل المراقبين يرونه خبرا صحيحا.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، نقلا عن مصادر سياسية مطلعة على الاتصالات الجارية بين نتنياهو وأوباما، بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية يحاول انتزاع التزامات أميركية واضحة وقاطعة، يستطيع أن يعرضها على وزراء حكومته في حال وافق على تمديد تجميد البناء في المستوطنات لمدة شهرين. وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يتم التوصل بعد إلى أي اتفاق مع الإدارة الأميركية.

يذكر أن الرئيس بوش كان قد قدم لشارون في 14 أبريل (نيسان) من عام 2004 رسالة ضمانات، مقابل إقدامه على الانسحاب من قطاع غزة «خطة الفصل». واشتملت رسالة الضمانات بندا تتعهد فيه الولايات المتحدة بدعم الموقف الإسرائيلي المطالب بضم غالبية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى تخوم إسرائيل في إطار التسوية الدائمة. وقد تمت صياغة موقف بوش في حينه بالكلمات التالية: «إن التغييرات الديمغرافية التي حصلت في الأراضي المحتلة عام 1967 تؤخذ بالحسبان لدى قيام الطرفين بترسيم الحدود الدائمة للدولة الفلسطينية». وقال المراسل السياسي للصحيفة، شيمعون شيفر، إن هذه الجملة تعني أن بإمكان إسرائيل أن تضم إليها الكتل الاستيطانية التي تشتمل على منطقة غور الأردن و«غوش عتصيون جنوب بيت لحم» و«غوش أرييل كيدوميم» في منطقة نابلس، و«معاليه أدوميم» جنوب شرقي القدس و«كريات أربع» شرق الخليل، و«غوش عوفرا - بيت ايل» قرب رام الله.

وبالإضافة لذلك، كتب بوش في رسالته بأن الولايات المتحدة تنفي حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى الديار التي هجروا منها، وأنه بإمكانهم العودة فقط إلى الدولة الفلسطينية لدى قيامها.

وكانت إدارة أوباما قد رفضت تكرار التزامات بوش، عندما طلب نتنياهو الأمر منها حال فوزه برئاسة الحكومة الإسرائيلية. وبحسب الصحيفة، فإن إدارة أوباما تقف إلى جانب الموقف الفلسطيني وتعتقد أنه على إسرائيل الانسحاب إلى حدود 1967 في إطار الحل الدائم مع تبادل طفيف لأراض مع الدولة الفلسطينية، وفق مبدأ دونم مقابل دونم بنفس المساحة والقيمة. واحتج نتنياهو وممثلوه أمام الإدارة الأميركية على هذا الموقف، وقالوا في حينه إن رفض أوباما لرسالة الضمانات التي قدمها بوش لشارون يزرع الشكوك في التعهدات التي تقدمها الإدارة الأميركية الحالية لتشجيعه على أن يطلب من وزرائه الموافقة على تجميد البناء الاستيطاني لعدة شهور أخرى. ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن ادعاءات نتنياهو تلقى آذانا صاغية لدى كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية.