ارتفاع ملحوظ في عدد الأميركيات صاحبات الرواتب الضخمة

النساء أصبحن يتفوقن على الرجال في التعليم العالي ويشكلن نصف طالبات الطب

TT

شهد العام الماضي زيادة ملحوظة في أعداد النساء اللاتي تجاوزت دخولهن مائة ألف دولار، بصورة أكبر من الرجال في الولايات المتحدة. فتشير الإحصاءات إلى أن واحدة من بين كل 18 أميركية تعمل بدوام كامل تتقاضى 100 ألف دولار أو أكثر خلال عام 2009، بزيادة بلغت 14 في المائة عن العامين الماضيين، مقارنة بواحد من بين كل سبعة رجال، بزيادة تبلغ 4 في المائة.

كما ارتفعت أعداد النساء اللاتي يحصلن على دخول مرتفعة في منطقة واشنطن العاصمة، لتعيد المدينة صقل سمعتها كأرض للفرص للنساء المهنيات الطموحات.

وكانت واحدة من بين كل ست سيدات في المناطق الحضرية، العام الماضي، تحصل على أكثر من 100 ألف دولار، وهو ثاني أعلى معدل في البلاد بعد منطقة سان جوزيه التي حصلت على المركز الأول. لكن سيدات واشنطن ينلن أعلى متوسط دخل بين السيدات العاملات بدوام كامل، حيث بلغ متوسط دخل سيدات واشنطن 54.000 دولار، مقارنة بالدخل القومي الذي يقارب 37.000 دولار.

زيادة أعداد النساء العاملات اللاتي يحصلن على دخل جيد تعود بصورة أساسية إلى ثلاثة عقود من النمو في أعداد النساء الحاصلات على مؤهلات أكاديمية. وتفوق النساء الآن نظراءهن من الرجال في كل مستويات التعليم العالي تقريبا، حيث تبلغ نسبة النساء من خريجي الجامعات 3 إلى 2. كما أنهن يحصلن على النسبة الأكبر من درجات الماجستير والدكتوراه. أما أغلب طلبة كلية الحقوق فهم من النساء، وكذا تشكل النساء ما يقرب من نصف طلبة كليات الطب.

ويقول روبرت دراغو، مدير الأبحاث في معهد أبحاث سياسة المرأة «أخيرا تمكنّا من جني ثمرة التعليم العالي للمرأة في الولايات المتحدة، إنها نتيجة لدخول المرأة مجالات العمل الإداري المهني».

لكن المنظمات والناشطات في مجال حقوق المرأة حذرت من أن الفجوة في الرواتب بين الرجال والنساء لا تزال واسعة، وأن تمثيل المرأة في المناصب العليا في الأعمال لا يزال ضئيلا للغاية، فثلاثة في المائة فقط من قائمة «فورشن 500» لأفضل المديرين التنفيذيين هم من النساء.

وتقول إيلينا لانغ، رئيس منظمة «كاتليست»، التي تعمل على تحسين فرص العمل للنساء «أنا سعيدة بإضافة دولار آخر إلى جيوب النساء. كان الأمر متوقعا مع حصول النساء على تعليم أعلى، وهو ما يعني دخولا أكبر. ورغم نيل النساء هذه الدرجات العلمية الرفيعة منذ فترة طويلة، فإنهن لا يزلن يصطدمن بسقف زجاجي».

تأتي هذه المكاسب التي لا تزال النساء تواصل تحقيقها في أماكن العمل في خضم أسوأ ركود اقتصادي خلال عقود - هذا الانكماش الذي كان قاسيا بالنسبة للرجال على نحو خاص. فقد انخفض متوسط الأجور وساعات العمل مرتين بالنسبة للرجال والنساء على السواء. فقد ظل معدل العمال الذين يحصلون على 50.000 دولار ثابتا بالنسبة للرجال فيما ارتفع لدى النساء بنسبة 5 في المائة.

وتمثل هذه الإحصاءات اقتصادا يتراجع فيه مجالا الإنشاء والتصنيع، الذي يحوي نسبة ذكور أعلى من الإناث، في الوقت الذي زادت فيه الأعمال التي تتطلب شهادات عليا والتي تفوقت فيها المرأة. وتقول ديانا فورتشغوت روث، الاقتصادية التي ترأس مركز سياسات التوظيف في معهد هدسون «قبل الكساد، كانت معدلات البطالة متساوية بين الرجال والنساء، لكنها تباعدت خلال العامين الماضيين».

لا تزال سوق العمل يهيمن عليها الرجال، بـ56 مليون رجل مقابل 42 مليون سيدة، ولم يتجاوز سوى قسم صغير من الجنسين حاجز الـ100.000 دولار - نحو 2.4 في المائة لدى السيدات و7.9 في المائة لدى الرجال. وفي منطقة واشنطن تأتي المرأة في مرتبة تالية للرجال، لكنها هذه النسبة تشهد ارتفاعا متواصلا. وخلال العام الماضي نالت 155.000 امرأة أكثر من 100.000، بزيادة بلغت 19 في المائة عن عام 2007، فيما ارتفع عدد الرجال في هذه الفئة بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 350.000.

بعض المناطق بها عدد كبير من النساء، ففي فيرفاكس كاونتي، على سبيل المثال، هناك واحدة من بين كل أربع نساء تحصل على أكثر من 100.000 دولار. تأتي بعدها ديستريكت ومقاطعتا لودون وهوارد في مونتغومري بواحدة من بين كل خمس.

ويعتقد بعض المحللين أن الفجوة بين الرجال والنساء الذين يحصلون على أكثر من 100.000 دولار ستضيق، على الأقل بالنسبة لفريق واحد.

وكشف التقرير الذي أعدته إحدى شركات التسويق بداية العام الحالي أن النساء غير المتزوجات في العشرينات من العمر، واللائي لا يعلن أطفالا ويعشن في المدن الكبرى، يسبقن الشباب في بعض أكبر مناطق الضواحي في البلاد.

ويرى جيمس تشونغ، رئيس مؤسسة «ريسيرش أدفيزورز»، التي أصدرت التقرير الذي عمل على تحليل بيانات ثلاث سنوات من التعداد، أن التفاوت بين الشباب والشابات في بعض المناطق لا يلاحظ بشكل كبير في واشنطن، على الرغم من أنها نموذج مصغر لمدينة تجذب الخريجات الجدد.

ويقول «واشنطن العاصمة جاذبة للشابات، فهي تعتمد بشكل أكبر على المهارات العقلية لا الجسدية. ولذا تشكل أربعة أعشار موظفي الحكومة الفيدرالية الذين يحصلون على راتب 100.000 دولار»، بحسب مؤسسة النساء العاملات في الحكومة الفيدرالية، التي تدافع عن حقوق النساء.

ويبلغ عدد أعضاء اتحاد محامي النساء في مقاطعة 700 عضو، ويتوافد المحامون إلى المدينة لما توفره من فرص عمل جيدة، بحسب رئيسة المؤسسة هولي لويزيو.

وقالت لويزيو «هناك مناصب حكومية، ومنظمات غير ربحية وشركات محاماة صغيرة ومتوسطة وكبيرة وكذلك وظائف في البرلمان، وللنساء أيضا».

وقد شعرت لوري ماسترز بهذا الشيء قبل 30 عاما عندما انتقلت إلى واشنطن عقب تخرجها في كلية الحقوق.

وقالت ماسترز، الشريكة في شركة «غانر آند بلوك» التي تمثل حاملو سندات التأمين في قضايا التغطية التأمينية «قدمت إلى هنا لأنني لم أرغب في خوض الكثير من المعارك، لأنني اعتقدت أنني سأضطر إلى خوض الكثير من المعارك في المدن الأصغر حجما. كان الكثير من النساء يتوافدن على واشنطن العاصمة مثلي ويرغبن في دخول المجالات المهنية التي يسيطر عليها الرجال. وفي المدن القريبة من الصغيرة حيث نشأت توجد الكثير من المجالات المفتوحة للرجال والموصدة أمام النساء، ولذا لم أرغب في الوجود في هذه البيئة التي توصد الأبواب في وجهي».

وترى ماسترز واشنطن اليوم مدينة رائعة بالنسبة للنساء العاملات، لكنها أشارت إلى ضرورة تحقيق المزيد من التقدم في الرواتب والترقيات. وقالت «على الرغم من اعتقادي بأننا انتصرنا في معارك التوظيف، فإنني أعتقد أن القضايا التي تواجهها النساء أصعب في التعامل معها لأنهن أكثر رقة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»