اتفاق أوروبي على مراقبة نقل وتصنيع المتفجرات وتبادل المعلومات الأمنية

وزير الدولة للشؤون الداخلية الإسباني لـ«الشرق الأوسط»: التهديدات الإرهابية حقيقية

باكستانية بالقرب من الموقع الذي أحرق فيه مسلحون شاحنات تنقل المحروقات للناتو قرب بيشاور شمال غربي باكستان أمس (أ.ب)
TT

اتفق وزراء الداخلية والعدل الأوروبيون، على الالتزام بإستراتيجية تتعلق بأمن المتفجرات، وتتضمن مكافحة حيازة وإنتاج واستخدام المتفجرات، سواء لاستخدامها في عمليات إرهابية أو أنشطة إجرامية أخرى، وهي استراتيجية تهدف إلى حماية المجتمع من خطر الهجمات، وأن الالتزام الأوروبي يتضمن مراقبة عمليات النقل والتصنيع والتخزين للمتفجرات للكشف عنها.

وقال بيان صدر عن اجتماع لوزراء الداخلية والعدل الأوروبيين في لوكسمبورغ، إن خطة عمل بشأن تعزيز أمن المتفجرات كان قد وافق عليه المجلس الأوروبي في 18 أبريل (نيسان) الماضي، كانت هي الأساس لتحقيق نهج استراتيجي بشأن أمن المتفجرات، كما أوصى المجلس بتحسين الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا الصدد، اعتمادا على استنتاجات المجلس الأوروبي حول نظم وآليات عمل لتعزيز التعاون في مجال مواجهة مخاطر المتفجرات والتي اعتمدها في أبريل الماضي،, in particular the وما يعرف باسم برنامج ستوكهولم the Stockholm Programme والذي يبين أهمية تنفيذ خطة عمل بشأن تعزيز أمن المتفجرات، وأشاد البيان بالجهود التي تقوم بها الدول الأعضاء، والمفوضية الأوروبية، ومكتب الشرطة الأوروبي يوروبول، في مجال تعزيز التعاون في تقييم مستوى التهديدات الإرهابية، وقنوات تبادل المعلومات، التي تسهل مهمة الشركات من القطاع العام والخاص لإبلاغ السلطات المختصة حول التصرفات المشبوهة في مجال أمن المتفجرات، واتخاذ الإجراءات الوقائية واليقظة وتدابير الحماية، تمشيا مع مستوى التهديد الإرهابي، قال البيان: «في إطار الاستجابة بشكل أسرع للتحرك المطلوب لمواجهة أي تهديدات من المهم التعاون بين القطاعين العام والخاص، وأيضا الاتفاق بين شركات الأمن الخاص وخدمات الشرطة».

وقد شارك وفد أميركي يقوده المسؤول الثاني في وزارة الأمن الداخلي الأميركي في جانب من الاجتماعات الأوروبية وأجرى محادثات تناولت تقييم ما جرى التوصل إليه من اتفاقيات بين الجانبين في إطار التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب سواء من خلال تبادل المعلومات الأمنية أو بيانات المسافرين، إلى جانب التباحث بشأن التعاون الأوروبي الأميركي في ميدان تدريب الشرطة في أفغانستان وباكستان والعراق والسلطة الفلسطينية.

وفي مجال دراسة ما جرى الإعلان عنه مؤخرا، بشأن التهديدات الإرهابية الأخيرة، التي قد تطول بعض الدول الأوروبية ومنها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ومن خلال تصريحات الوزراء والمسؤولين الأوروبيين، اتفق الجميع على أهمية زيادة التنسيق والتعاون المشترك في مجال تبادل المعلومات الأمنية وغيرها من أجل تحسين العمل لمكافحة الإرهاب، وإن اختلف البعض في تقييم درجة خطورة الأمر بالنسبة للتهديدات، وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش الاجتماعات قال انطونيو كماتشو وزير الدولة للشؤون الداخلية الإسباني: «كل الحكومات الأوروبية والمسؤولين يدركون أن هناك تهديدات إرهابية حقيقية تستهدف المواطنين والأهداف المختلفة في أوروبا، والمعلومات المتوفرة مؤخرا تؤكد على ذلك ولكن لا بد أن نعترف أن الأمر لا يقتصر على أوروبا لأن الإرهاب يهدد مناطق أخرى من العالم وقد حان الوقت للتفكير بعمق وجعل المواطن يشعر بإجراءات أمنية قادرة على التصدي لأي تهديدات ولهذا لا بد من تحريك الأمور وتبادل للمعلومات بشكل أسرع وأن يكون هناك تحرك أوروبي موحد في هذا الملف». ويقول وزير الداخلية التشيكي رادك جوهان إن هناك شراكة وعملا مشتركا بين الدول الأعضاء في الاتحاد من جهة وأيضا شراكة وعمل مشترك مع أطراف أخرى مثل الولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى ونحن الآن بصدد إعداد الخطوات اللازمة لتطوير مستقبلي لتلك الشراكة والعلاقة والتعاون الوثيق في مجال مكافحة الإرهاب. وقال وزير الداخلية اليوناني كريستوس بابيتوس إن «الوضع في اليونان غير خطير ولكن نتخذ الإجراءات اللازمة حسب درجة التهديد، ونحن جئنا إلى لوكسمبورغ للنظر في كيفية زيادة التنسيق والعمل المشترك».

وانطلق اجتماع وزراء الداخلية والعدل الأوروبيين، أمس الخميس في لوكسمبورغ ويستغرق يومين، ويتناول التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب سواء كان التنسيق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من جهة أو بين التكتل الموحد وأطراف دولية أخرى، وهو الأمر الذي سبق أن تناولته تصريحات المسؤولين الأوروبيين في أكثر من مناسبة، وخصصت اجتماعات الخميس للقضايا الداخلية والأمنية ومنها ما يتعلق بالتحديات المستقبلية في مكافحة الإرهاب ومخاطره، والخطوات التي تحققت في هذا المجال. وكان ملف التحذيرات الأخيرة التي صدرت عن واشنطن ولندن بشأن احتمال وقوع عمليات إرهابية على رأس المناقشات، وقدم مكتب جيل كيروشوف المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب، تقريرا للوزراء حول هذا الصدد، هذا بالإضافة إلى ملف يتعلق بالجمع والتعامل مع بيانات الركاب المسافرين من وإلى المطارات الأوروبية بناء على كتيبات تعدها شركات الطيران بالقوائم في كل رحلة، والاستراتيجية الأوروبية المتعلقة بتبادل البيانات ونتائج المفاوضات حول هذا الصدد مع الولايات المتحدة وكندا واستراليا، وكذلك إنشاء إدارة للمعلومات في مجال الأمن والحرية والعدالة، بالإضافة إلى ملفات تتعلق بمنح التأشيرات للعمال أو الموظفين الموسميين أو الموظفين في الشركات متعددة الجنسيات، إلى جانب ملف توحيد سياسات اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، كما استمع الوزراء إلى تقرير من سيسليا مالمستروم المفوضة المكلفة بالشؤون الداخلية حول نتائج زيارتها إلى ليبيا التي استمرت من الرابع إلى السادس من الشهر الجاري وتناولت التعاون في المجالات الأمنية ومراقبة الحدود للحد من الهجرة غير الشرعية، وقال بيان أوروبي إن مناقشات الوزراء اليوم ستخصص للقضايا العدلية.

وفي اجتماع مماثل انعقد في يونيو (حزيران) الماضي قدم المنسق الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب جيل كيرشوف، ورقة عمل إلى وزراء الداخلية والعدل في دول الاتحاد، حول تقييم تنفيذ استراتيجية التكتل الموحد، وخطط عمله في مجال مكافحة الإرهاب، وارتكزت ورقة المسؤول الأوروبي، على أربعة تحركات أساسية، وهي أولا، خلق صورة أكثر وضوحا بشأن التهديدات الإرهابية التي تواجهها أوروبا، وثانيا تأمين أفضل لوسائل النقل العام وخاصة النقل البري، وثالثا ضمان مراقبة سفر وتحركات الأشخاص المشتبه في علاقتهم بالإرهاب، وأخيرا كيفية الربط بين التهديدات الخارجية والأمن الداخلي الأوروبي، ولهذا اقترح المنسق الأوروبي في ورقته تطوير وزيادة التعاون والعمل المشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

من جهة أخرى أعلنت الرئاسة البلجيكية للاتحاد الأوروبي، قبل اجتماع مع مسؤولة أميركية في لوكسمبورغ، أمس، أن الاتحاد الأوروبي ينتظر من السلطات الأميركية توضيحات وبراهين على التحذير الذي أعلنته عن مخاطر إرهابية في أوروبا. وقالت وزيرة داخلية بلجيكا انيمي ترتلبوم لدى وصولها للمشاركة في اجتماع مع وزراء خارجية الاتحاد: «إنها المرة الأولى التي تصدر فيها أميركا إعلانا يشمل كل أوروبا. أعتقد أنه غاية في الأهمية الحصول على مزيد من المعلومات». ودعيت جاين هول لوت، مساعدة وزيرة الداخلية الأميركية، جانيت نابوليتانو، إلى الاجتماع لشرح الأسباب التي دعت الإدارة الأميركية إلى التحذير من هجمات في كل أوروبا. ورفضت جاين هول لوت الإدلاء بأي تصريح للصحافة، وأدى الإنذار الذي أعلنته واشنطن إلى إغضاب الأوروبيين، وأحدث انقساما بينهم، لأنهم تعاملوا معه بطرق مختلفة. وقال وزير الداخلية الألماني، إن طريقة الأميركيين من شأنها «نشر الخوف». وكرر القول إنه من غير المطروح زيادة مستوى الإنذار في ألمانيا، على العكس مما تقرر في فرنسا وبريطانيا والسويد. وقالت وزيرة داخلية بلجيكا إن «تحليل الوضع قد يختلف من بلد لآخر. في بلجيكا نجري تقييما ساعة بساعة، في الوقت الحالي, ولا يوجد سبب لزيادة الإنذار, ولكن علينا أن نبقى متيقظين. هذا الأمر ينطبق على الجميع».

وقال الأميركيون إن لديهم إثباتات على أن تحضيرات جارية لتنفيذ اعتداءات إرهابية في أوروبا.

وأفادت معلومات تم الحصول عليها من مصادر أمنية فرنسية، الأربعاء، بأن التحذيرات الأميركية تستند إلى أن 25 شابا من دول الاتحاد الأوروبي، ذهبوا لمقاتلة القوات الأجنبية في أفغانستان وباكستان، يستعدون للعودة إلى بلدانهم الأصلية. ولم تؤكد ترتلبوم هذه المعلومات، مكتفية بالقول: «لن أعطي معلومات دقيقة جدا حول هذه المسألة».