اعتراض نادر الحدوث ضد مرشح لـ«نوبل»

طرح اسم منشق صيني يثير حفيظة بكين والانقسام وسط أقرانه من المعارضة

ناشطون يحملون صورة ليو شياوبو أمام مكتب دبلوماسي صيني في هونغ كونغ في 25 يونيو 2009 احتجاجا على اعتقاله (أ.ف.ب)
TT

عشية إعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للسلام، تكثفت التكهنات وسط عدة أسماء مرشحة، إلا أن عددا من المدافعين عن حقوق الإنسان تحدثوا عن صعود المنشق الصيني المسجون، ليو شياوبو، كفائز محتمل. وفي حال اختياره، سيصبح ليو، البروفسور السابق في مجال الأدب، الذي قضى 20 عاما ما بين الدخول إلى والخروج من السجون بسبب مناصرته الإصلاح الديمقراطي، أول مواطن صيني يفوز بالجائزة. وقد أثارت إمكانية حصوله على الجائزة قلق بكين بالفعل لدرجة أن مدير «معهد نوبل» صرح الأسبوع الماضي أن مسؤولا صينيا بارزا حذره من أن مثل هذا القرار «سيؤثر سلبا على العلاقات بين النرويج والصين».

والملاحظ أن فكرة اختيار ليو أثارت أيضا اعتراضات من قطاع جاء بمثابة مفاجأة: مجموعة من أقرانه من النشطاء. فخلال الأيام الأخيرة، دعت مجموعة من 14 منشقا صينيا يعيشون في الخارج، الكثير منهم من المنفيين المخضرمين الذين يهبون حياتهم للإطاحة بـ«الحزب الشيوعي»، لجنة نوبل للامتناع عن تقديم الجائزة لليو، باعتباره مرشحا «غير مناسب»، على حد وصفهم.

وفي خطاب بعثوا به، اتهم الموقعون ليو بالوشاية بأقرانه النشطاء، والتخلي عن الأفراد المضطهدين من جماعة «فالون غونغ» الروحية، واتباع توجه أكثر لينا إزاء قادة الصين. وكتبوا أن «ثناءه المعلن خلال الأعوام العشرين الماضية على الحزب الشيوعي الصيني، الذي لم يتوقف قط عن انتهاك حقوق الإنسان، انطوى على قدر بالغ من التضليل والتأثير».

ومن بين الموقعين، زهانغ غوتنغ، وهو كاتب يعيش حاليا في الدنمارك وقضى 22 عاما في السجون الصينية، وبيان هشيانغ، الذي وصف نفسه كعضو في اللجنة المركزية بـ«الحزب الديمقراطي الاجتماعي الصيني» يتخذ من نيويورك مقرا له، ولو ديشينغ، الذي تعرض للحبس بسبب إلقائه بيضا على صورة ماو في ميدان تيانانمان ويعيش حاليا في كندا.

وقد أثار الخطاب ودعوات أخرى من منتقدين آخرين لليو غضب الكثير من النشطاء الحقوقيين، داخل وخارج الصين، الذين أعربوا عن اعتقادهم بأن هذا الهجوم يرمي إلى تشويه سجل ليو كمناصر للتغيير السلمي منذ أمد بعيد.

وأشار مؤيدوه، ومنهم فاكلاف هافل، الرئيس التشيكي السابق والمنشق، إلى أن ليو عمل كداعية براغماتي للتغيير السلمي منذ عام 1989، عندما ساعد في إقناع الطلاب الذين كانوا يحتلون ميدان تيانانمان بالرحيل في وقت كانت الدبابات تستعد فيه لاقتحام الميدان.

وفي أواخر العام الماضي، صدر حكم بالسجن لمدة 11 عاما ضد ليو لدوره في صياغة بيان، عرف باسم «الميثاق الثامن»، دعا فيه لعقد انتخابات عامة ووضع نهاية لاحتكار «الحزب الشيوعي» المطلق للسلطة.

من ناحيته، قال زهانغ زوهوا، المسؤول البارز السابق داخل اتحاد الشباب التابع للحزب الشيوعي، والقوة المحركة الرئيسية وراء «الميثاق الثامن»: «ليو شياوبو عمل دوما على تعزيز التحول الديمقراطي السلمي داخل المجتمع الصيني، وتجنب العنف والثورة وإراقة الدماء مثلما حدث بالماضي». ووصفت كيوي ويبينغ، الناقدة الاجتماعية والبروفسور بأكاديمية بكين للأفلام، بعض خصوم ليو الأكثر راديكالية بأنهم «يفتقرون بصورة كبيرة إلى الشعور بالمسؤولية». وأضافت: «مجرد صدور حكم ضده بالسجن 11 عاما أمر كاف للرد على من يشككون في انتقاده لحكومته». يذكر أن كيوي من بين الصينيين الألف الذين وقعوا على «الميثاق الثامن»، الذي سحبه المراقبون الحكوميون من على شبكة الإنترنت.

وبغض النظر عن حجج المعسكر المناهض لليو، فإن إعلانهم القوي عن مشاعرهم المعادية له يكشف النقاب عن الصورة الحقيقية للمنشقين الصينيين بالخارج، حيث يبدون كمجموعة ممزقة تعج بالخلافات والادعاءات والادعاءات المضادة بشأن المعارضة الصادقة للنظام.

والمعروف أن الكثير من المنشقين الصينيين البارزين فروا إلى الولايات المتحدة وأوروبا بعد الحملة الفاشلة لإقرار الديمقراطية عام 1989، وحاولوا بناء حركة ذات قاعدة واسعة ضد الحكومة الصينية، لكنهم لم يحرزوا سوى نجاح محدود.

ورغم الاختلافات في الرأي حول الاستراتيجية، يصف الكثير من المفكرين والنشطاء داخل الصين ليو بأنه مفكر ديناميكي يروق لأعضاء الحزب والكثير من ألد خصومه في ذات الوقت. وقال باو بو، ناشر الكتب الصيني الذي قضى والده في السجن 7 سنوات لتأييده المفاوضات مع المتظاهرين بينما كان معاونا بارزا لرئيس «الحزب الشيوعي»، زهاو زييانغ، إن غياب وحدة الصف بين المنشقين المقيمين خارج الصين يثير شعورا بالإحباط. وأضاف «جميع الحركات المنفية تعاني من الانقسام، لكنها بوجه عام حطت من قدرها مما دفعها لدائرة النسيان. ولا يزال الطريق طويلا أمامنا».

والواضح أن منتقدي ليو لم يتأثروا بالآراء التي تحذر من أن حملتهم ضده ربما تخدم جهود الحكومة الصينية لتشويه مستوى مؤهلاته لنيل جائزة نوبل. وفي هذا الصدد، قال يي شو، بروفسور اللغويات في لندن، الذي ترجم الخطاب المناهض لليو إلى الإنجليزية، إنه ليس لديه تحفظات على الجهود الرامية لحرمان ليو من الجائزة. وأضاف «لا أعتقد أن جائزة نوبل بمثل هذه الأهمية لدرجة أنه بمجرد نيلنا واحدة منها ستتغير الصين كليا على الفور. مثلا، الدالاي لاما فاز بها ولم تتغير الصين».

* خدمة «نيويورك تايمز»