السودان: لقاء نادر بين سلفا كير والزعيم المنشق أكول في مسعى إلى السلام

المتحدث باسم جيش الجنوب لـ«الشرق الأوسط»: الجيش الحكومي رفع حالة التأهب ورئيس أركان جيشنا في إجازته السنوية

سفيرة الولايات المتحدة سوزان رايس تتفقد معسكر أبو شوك للنازحين في شمال دارفور أمس (أ.ف.ب)
TT

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن لقاء يجمع رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت برئيس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي، المنشق عن الحركة ووزير الخارجية السابق، لام أكول، اليوم، في جوبا في أول لقاء بين الاثنين منذ سنوات. وأشارت المصادر إلى أن سلفا كير وضع خطة للحوار بين الجنوبيين لضمان قيام الاستفتاء ونجاحه في الوقت المحدد. ويأتي اللقاء بعد إعلان الجنوب عن عفو عن كل المنشقين والمتمردين. وكان لام أكول قد انشق عن الحركة الشعبية ووجهت إليه اتهامات كثيرة بالعمل مع الخرطوم لنسف استقرار الجنوب. ونافس أكول الرئيس سلفا كير في انتخابات رئاسة الجنوب لكنه لم يستطع السفر إلى جوبا لإعلان حملته الانتخابية. وأعلن بعد ذلك عدم اعترافه بانتخابات الجنوب واتهم سلفا بتزوير الانتخابات، ويبحث القائدان الجنوبيان إجراء الاستفتاء والمصالحة الجنوبية تمهيدا لإعلان دولة جنوب السودان بعد الانفصال.

من جهة ثانية تبادل الجيش السوداني وجيش الجنوب الاتهامات في حشد قواتهما على الحدود المشتركة بين الشمال والجنوب التي لم يتم حسمها بين شريكي اتفاقية السلام الشامل المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني، عمر البشير، والحركة الشعبية بزعامة نائبه الأول رئيس حكومة الجنوب، سلفا كير ميارديت، في أول إشارة بين الطرفين إلى نذر حرب جديدة منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا (كينيا) مطلع عام 2005، في وقت متزامن مع زيارة إلى مجلس الأمن الدولي إلى السودان هذه الأيام، في وقت ناشدت الحركة الشعبية في منطقة أبيي بعثة الأمم المتحدة في المنطقة إلى التدخل الفوري في حالة نشوب حرب حماية للمواطنين.

وحذرت القوات المسلحة الحكومية من إمكانية عدم قيام الاستفتاء للجنوب مطلع العام المقبل في حال استمرار ما وصفته بخروقات الجيش الشعبي على الحدود، في وقت تحدى فيه جيش الجنوب قوات الحكومة وطالب بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في السودان (يوناميد) بإجراء تحقيق فوري حول مزاعم الطرفين على أن تبدأ من حدوده.

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية الصوارمي خالد سعد في تصريحات صحافية إن الجيش الشعبي حشد قواته في منطقة وجود حشود عسكرية للجيش الشعبي في منطقة جودة الحدودية بين النيل الأبيض وأعالي النيل المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، واصفا، في تصريحات، حشود جيش الجنوب بـ«العمل المعادي»، والمخالف للبروتوكول الأمني ضمن اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الطرفين في يناير (كانون الثاني) من عام 2005، وقال إن الجيش الحكومي سيتعامل مع تلك الحشود بكل جدية، معتبرا أن ذلك من شأنه أن يعوق تنظيم الاستفتاء على استقلال الجنوب المقرر في يناير المقبل.

من جهته قال باسم جيش الجنوب كوال ديم كوال لـ«الشرق الأوسط» إن اتهامات الجيش الحكومي غير صحيحة ومرفوضة، وأعاد الاتهام إلى القوات المسلحة بالدفع بميليشيات حكومية إلى منطقة جودة في ولاية النيل الأبيض، وأضاف: «أتحدى القوات المسلحة بفتح تحقيق سريع وفوري حول الاتهامات المتبادلة بيننا بواسطة بعثة الأمم المتحدة في السودان (يوناميد)، وأن يبدأ التحقيق من مواقعنا»، وقال إن المواقع معروفة من الحدود بين غرب بحر الغزال في الجنوب وجنوب دارفور في مناطق (كافيا كانجي، راجا) والمناطق الأخرى في (أبيي، الميرم، ياما وهجليج) وفي الحدود بين النيل الأبيض في وسط السودان وأعالي النيل في الجنوب في منطقة جودة، وأردف: «سنعرف من الذي يحشد قواته، ونحن منذ إعادة انتشار قواتنا والمعسكرات التي تم تحديدها جنوب خط 1956 لم تتحرك قواتنا»، متهما بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان بالتقاعس وأنها أهملت القيام بعملها وفق التفويض الممنوح لها، وأنها لم تجر أي تحقيقات في أي من القضايا المتعلقة بخروقات الجيش الحكومي وميليشياته في الجنوب منذ توقيع اتفاقية السلام، وقال: «الخروقات متكررة وقد مللنا من رفع الشكاوى إلى الأمم المتحدة لأنها غارقة في النوم».

وقال كوال إن قوات الحكومة رفعت استعداداتها وحالة التأهب القصوى بنسبة 100% منذ فترة ليست بالقصيرة، وإنه تم استدعاء من هم في إجازات سنوية وسط الضباط والجنود، وأضاف: «لقد قطعوا الإجازات لكل من هم في إجازات سنوية وسط الجيش الحكومي للعودة إلى معسكرات الجيش، وأن التجنيد ووسط المجاهدين»، وتابع: «الإشارة واضحة أن المؤتمر الوطني يسعى إلى احتلال الجنوب قبل إجراء الاستفتاء»، وقال: «سندافع عن أراضينا في الجنوب من أي هجوم محتمل من الشمال وسندافع عن مواطنينا، ولن نبتدر بشن أي هجوم»، نافيا وجود استعداد في حالة التأهب القصوى وسط الجيش الشعبي، وقال إن رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي الفريق جيمس هوث يتمتع بإجازته السنوية مع أسرته في أستراليا، وإن ضابط الجيش والجنوب الذين ذهبوا في إجازات لم يتم استدعاؤهم، وأضاف: «الحالة عندنا عادية جدا، ولم نرفع استعدادات الجيش». في غضون ذلك اعتبرت سكرتارية الحركة الشعبية في منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، سحب منسوبي القوات المسلحة في الوحدات المشتركة المدمجة في أبيي لأسرهم نيات سيئة تجاه المنطقة، وطالبت مجلس الدفاع المشترك المشكل من جيشي الشمال والجنوب بإجراء تحقيق فوري في الأمر، وشدد البيان على ضرورة إجراء استفتاء أبيي في موعده وفق ما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل، وناشدت الحركة الشعبية بعثة الأمم المتحدة في المنطقة بالتدخل الفوري تحت البند السابع في حال نشوب حرب لحماية المواطنين، وحمل البيان حزب المؤتمر الوطني مسؤولية فشل المحادثات الجارية مع الحركة الشعبية برعاية أميركية في أديس أبابا حول أبيي، وأضاف أن المحادثات متعثرة بسبب ما وصفته بتشدد المؤتمر الوطني ومحاولته إعادة التفاوض في قضايا تم حسمها وفق اتفاقية السلام، وتابع البيان: «وفي حين تسعى الحركة الشعبية إلى تجنب حرب جديدة في المنطقة قامت القوات المسلحة بسحب أسر منسوبيها في الوحدات المشتركة في أبيي، وهذا يعد مؤشرا خطيرا لحرب جديدة من قبل المؤتمر الوطني».