إسرائيل تطلب تعهدات أميركية واضحة.. وواشنطن تقترح ضمانات حذرة

سفيرها في واشنطن: إذا لم يعترف العرب بحق اليهود في تقرير المصير.. لن يكون حل للصراع

TT

ذكرت مصادر إسرائيلية عليمة أن واشنطن وتل أبيب تقتربان من التوصل إلى صيغة تتيح استئناف المفاوضات المباشرة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، وذلك بالاتفاق على تجميد البناء الاستيطاني لمدة شهرين وربما ثلاثة، مقابل رزمة ضمانات وتعهدات أميركية. والخلاف قائم حاليا حول طبيعة هذه التعهدات ومدى وضوحها أو ضبابيتها.

والمقصود بهذه التعهدات، تبني الرئيس باراك أوباما مضمون رسالة سابقه، جورج دبليو بوش لرئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، حول ضم المستوطنات إلى تخوم إسرائيل في إطار التسوية الدائمة والموافقة على المواقف الإسرائيلية القاضية بوضع جنود إسرائيليين في غور الأردن أيضا بعد توقيع اتفاقية سلام وعدم السماح بعودة أي لاجئ فلسطيني إلى حدود ما قبل عام 1967 واستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي في حالة طرح مشروع قرار للاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية العتيدة إذا فشلت المفاوضات. وقالت تلك المصادر إن الإدارة الأميركية تطرح صيغة حذرة لهذه التعهدات، ولكن نتنياهو يصر على وضع صيغة واضحة لا تقبل التأويل.

وقال المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، د. ألون لئيل، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن نتنياهو حسم أمره وقرر التوجه نحو تمديد فترة تجميد البناء الاستيطاني لشهرين وأكثر وقد مهد الأرض في ائتلافه الحكومي لكي يمرر قرار التجميد بأقل ما يمكن من الخسائر، حيث وافق على طلب وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، بإلزام من يطلب الجنسية الإسرائيلية من غير اليهود بأداء قسم الولاء لإسرائيل «كدولة يهودية ديمقراطية». ولكنه يريد مقابل ذلك ثمنا باهظا من الفلسطينيين والأميركيين. فمقابل تجميد الاستيطان شهرين ثلاثة أخرى، يفرض شروطا على التسوية النهائية بمساعدة الأميركيين. وهو يعرف أن واشنطن معنية باستئناف المفاوضات بأي ثمن، ويعرف في الوقت نفسه أن الصدام مع الرئيس أوباما سيكون بمثابة كارثة سياسية لإسرائيل. لذلك يناور ويستغل كل لحظة، وفي نهاية المطاف سيرضخ، وهو يحاول الخروج من هذا الرضوخ بأكبر قدر من المكاسب المعنوية والسياسية وحتى الاستراتيجية.

من جهة ثانية، يتابع الإسرائيليون باهتمام بالغ أبحاث اجتماعات وزراء الخارجية والرؤساء والملوك العرب في سرت الليبية. وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن هناك تفاؤلا في تل أبيب من أن تفضي اجتماعات سرت إلى قرارات تشجع الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات. وقالت إن مبعث هذ التفاؤل هو رسائل الولايات المتحدة إلى القادة العرب التي تطلعهم فيها على تطور المفاوضات مع إسرائيل حول تمديد تجميد البناء الاستيطاني. فقد اتصلت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بالرئيس الفلسطيني، عباس، وبعدد من القادة العرب، تشرح لهم ضرورة العودة إلى المفاوضات «فهي الامتحان الحقيقي للنيات (الإسرائيلية) لأنها تتناول القضايا الكبرى وليس الثانوية». وشرحت كم من الجهد بذل رئيس الوزراء الإسرائيلي لكي يقنع زملاءه في الائتلاف الحاكم بتمديد تجميد البناء الاستيطاني، وكم هو يغامر في ائتلافه بسبب هذا التجميد. وبعثت برسالة خاصة إلى القيادة السورية تطلب منها ألا تستغل نفوذها لدى حماس وغيرها من المعارضة الفلسطينية للتخريب على المفاوضات.

وقالت الصحيفة إن العرب سيتخذون قرارا بهذه الروح «عدم العودة إلى المفاوضات طالما يوجد بناء استيطاني»، ولكنهم سيتركون ثغرة تتيح التفاوض إذا تم تجميد جزئي للبناء.ولكن مصادر أخرى قالت إن الإسرائيليين أيضا اهتموا بزيارة وزيري الخارجية الأوروبيين، الفرنسي برنار كوشنير والإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، إلى المنطقة غدا للقاء الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب في سبيل إنقاذ المفاوضات من خطر الانهيار. فحتى لو فشل العرب في التوصل إلى قرار مساند للعودة إلى المفاوضات، فإن الجهود لإنقاذها لن تتوقف. وكان السفير الإسرائيلي في واشنطن، ميخائيل أورن، قد صرح في حديث مصور لصحيفة «واشنطن بوست» بأن «إدارة أوباما قدمت لإسرائيل عددا من الاقتراحات أو الحوافز - إذا أردتم - تتيح للحكومة الموافقة ربما على تمديد (تجميد الاستيطان) لشهرين أو ثلاثة أشهر».