«الشرق الأوسط» تنشر مواقف الدول العربية من مشروع بروتوكول تطوير العمل العربي

البحث عن حلول توفيقية بين مبدأ المراجعة وتعديل ميثاق الجامعة العربية

TT

حصلت «الشرق الأوسط» على مواقف بعض الدول العربية من نص مشروع البروتوكول الذي تقدمت به الأمانة العامة للجامعة، وكذلك مقترحات الدول مع الجامعة.

فترى دولة الإمارات العربية المتحدة أن مبدأ تطوير العمل العربي المشترك جيد وإيجابي ولكن لا بد من دراسته بشكل مستفيض وطرح خيارات متعددة للقادة في القمة، مع الأخذ ببعض مقترحات الدول التي تساعد في تطوير هذا المشروع وجعله يتناسب مع متطلبات العمل العربي المشترك وتطوير الجامعة العربية.

أما دولة الكويت فليس لديها اعتراض على تطوير منظومة العمل العربي المشترك نحو الأفضل من حيث المبدأ على أن يكون هذا التطوير تدريجيا. وترى الكويت أن تطوير العمل العربي المشترك يجب أن يركز بالدرجة الأولى على خلق شراكة اقتصادية حقيقية وتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين الدول العربية، وبناء عليه ترى أهمية وجوب إعادة صياغة مشروع البروتوكول بدقة، وبالتالي لا تؤيد دولة الكويت إقرار مشروع البروتوكول هذا في الوقت الراهن وتفضل دفعه إلى لجنة الخبراء لمزيد من الدراسة وصياغته بنسق قانوني دقيق على أن يعرض على وزراء الخارجية في الدورة الـ135 في مارس المقبل تمهيدا لإقراره ورفعه إلى القمة العربية المقبلة.

وترى جمهورية العراق أن هناك جوانب سياسية وقانونية وتنظيمية تضمنها البروتوكول، وبالتالي فإن اعتماد هذه الوثيقة يتطلب ابتداء دراسة جميع هذه الجوانب ومدى انسجامها مع الهياكل والقواعد الدستورية في العراق.

وأكدت الجزائر ضرورة التحرك لإعطاء المزيد من الفعالية لمنظومة العمل العربي المشترك وذلك من خلال إحداث إصلاحات جوهرية تكون متلائمة مع التغيرات والتطورات السياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية وتتيح للمنظومة العربية مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالمنطقة العربية. ويجب أن يكون المسار الإصلاحي مسبوقا بتقييم موضوعي دقيق للوضع الحالي لمنظومة العمل العربي المشترك بقصد تلافي النقائص الموجودة وفتح آفاق جديدة ورحبة للتعاون تكون مبنية على أسس صلبة وتتوخى الفاعلية في تنفيذ الأهداف والسياسات العربية المشتركة في المجالات كافة.

وشددت الجزائر على ضرورة اتباع المنهجية المناسبة لتجسيد هذه الإصلاحات من خلال التمييز بين الإصلاحات التي لا تتطلب تعديل الميثاق والاقتراحات الجوهرية التي تستوجب ذلك. وتهدف الإصلاحات في منظور الجزائر إلى إنشاء منظمة جديدة ذات طابع حكومي يكون التمثيل فيها للدول والحكومات العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية، وبناء عليه ترى الجزائر أن قرار الجامعة العربية بالقيام بمراجعة وتعديل ميثاق الجامعة يقودنا إلى طرح تساؤلات حول الشروط والآثار القانونية المترتبة على هذه المراجعة.

وفجر الطرح الجزائري تباينات في الآراء حول الوضعية القانونية لمشروع البروتوكول وعلاقته مع ميثاق جامعة الدول العربية؛ حيث تم طرح البديلين التاليين:

البديل الأول يتمثل في اعتبار مشروع البروتوكول ملحقا وجزءا مكملا لميثاق جامعة الدول العربية، وينبغي بالتالي إدخال إضافة تكميلية للميثاق بصيغته الحالية، مع إجراء تغيير شكلي للمسميات الواردة في مشروع البروتوكول بهدف الحفاظ على النص التأسيسي للجامعة العربية المتمثل في ميثاقها.

ويستند الاتجاه الذي يؤيد هذا الطرح الأول إلى الحجج الرئيسية التالية: عدم تغيير شروط العضوية في الاتحاد، وكذا طريق الانضمام إليه والانسحاب منه. إن المادة الأولى من المشروع تنص على تعديل اسم الجامعة العربية وليس على إنشاء الاتحاد أو تأسيسه كمنظمة مستقلة. إن مشروع البروتوكول لا ينص على ترتيبات انتقالية من منظمة الجامعة العربية إلى اتحاد الدول العربية.

البديل الثاني يتمثل في إنشاء منظمة جديدة تحت تسمية «اتحاد الدول العربية»، وذلك يتطلب وضع هيكلة جديدة و«ميكانيزمات» محددة، الأمر الذي يتناسب مع المحافظة على ميثاق الجامعة، وبالتالي اعتبار البروتوكول بمثابة العقد التأسيسي لاتحاد الدول العربية المزمع إنشاؤه والذي يحل محل الميثاق.

ثم عرضت الجزائر الحلول المتاحة، وهي: اعتماد مقاربة توفيقية بين الموقفين، تتمثل في إقرار مبدأ مراجعة أو تعديل ميثاق الجامعة العربية في إطار لجنة للخبراء القانونيين الذين يتم تكليفهم بإدراج الإضافات والتعديلات والتغييرات المقترحة في نص مشروع البروتوكول تفاديا لأي تكرار أو تناقص بين النصين. وبالتالي تؤخذ بعين الاعتبار التعديلات المقترحة في مشروع البروتوكول، مع المحافظة على النص التأسيسي للجامعة العربية، الميثاق. أما في حالة التوافق حول البديل المتعلق باعتبار مشروع البروتوكول ملحقا مكملا لميثاق الجامعة ففي هذه الحالة يجب اعتماده من طرف الدول بأغلبية الثلثين والتصديق عليه من قبل هذه الدول.

أما مصر فترى أن الواقعية تقتضي الالتزام بما اتفق عليه القادة العرب في القمة الخماسية في سرت من أهمية اتباع مبدأ التطوير التدريجي والانطلاق من معطيات الواقع العربي، ومنها، مثلا، تباين الأوضاع المالية والنقدية في الدول العربية بما يتعذر معه إنشاء مصرف مركزي موحد قبل إتمام الاتحاد الجمركي أولا بين الدول العربية، وهكذا. وبناء عليه ترى مصر أهمية الالتزام بالإطار الزمني المتفق عليه في القمة الخماسية وهو 5 سنوات بالنسبة للإطار الزمني لتحقيق تطوير منظومة العمل العربي المشترك وتتطلع إلى استمرار التنسيق والتشاور مع الأمانة العامة والدول الأعضاء من أجل الوصول إلى تصور عملي وممكن للارتقاء التدريجي بمنظومة العمل العربي المشترك وبما يتناسب مع طموحات الحكومات والشعوب العربية ومع التحديات التي تواجه أمتنا العربية.

وأكد المغرب بعد ملاحظات أبداها على المشروع والنقاش الجاري حوله أن موقفه من مسألة إصلاح منظومة العمل العربي المشترك الذي عبر عنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية في أكثر من مناسبة يبقى ثابتا ويحظى بمصداقيته داخل النقاش الدائر حاليا بهذا الشأن ويؤكد انخراط المغرب القوي والفعال والمسؤول في الجهود الحثيثة الرامية إلى إصلاح منظومة العمل العربي المشترك وفق رؤية استراتيجية واقعية حكيمة وشمولية، وينطلق هذا الموقف من ضرورة بحث أسباب فشل آليات العمل العربي المشترك على مدار العقود السابقة والشروع في حل الخلافات العربية - العربية والعمل الجاد على توفير مناخ يسوده الحوار والوضوح والتصافي بدءا بتنقية الأجواء وتجاوز الخلافات الظرفية التي أضحت مزمنة والنزاعات المفتعلة؛ لأن الهدف النهائي هو بناء نظام إقليمي عربي قائم على التضامن والتكاتف والاندماج في احترام لوحدة الدول العربية ولخصوصياتها وثوابتها الوطنية. ودعا المغرب إلى تحقيق الاندماج التنموي وبناء فضاء اقتصادي عربي مشترك.