المشنوق يطالب رئيس الحكومة بالاستقالة لأن البعض يدفعه للانتحار السياسي.. وليس للتسوية

عدوان لـ «الشرق الأوسط»: الاستقالة تدخل البلد في المجهول.. وندعو الحريري لعدم الخضوع للتهويل

TT

لا يزال ملف شهود الزور كابوسا يظلل يوميات اللبنانيين بعدما أعلنت قوى «8 آذار» وبصراحة أن الأولوية هي لحل هذا الملف قبل أي قضية اقتصادية أو اجتماعية أو معيشية أخرى. وهذه اتخذت موقفا تصعيديا في هذا الشأن يهدد بنسف حكومة الوحدة الوطنية أو ما يعرف بحكومة «أولويات المواطن» بعد تهديد رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بمقاطعة وزرائه لجلسات مجلس الوزراء في حال لم تتم مناقشة ملف شهود الزور وبالسرعة المطلوبة.

وفي وقت لاحظ فيه المراقبون تراجع مستوى التصعيد السياسي والإعلامي، خاصة لدى قوى المعارضة لانشغالها بالتحضيرات لاستقبال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، تلاقت المصادر والمعطيات على أن ما بعد زيارة نجاد لن يكون كما قبلها، فالهدنة المتفق عليها ستنهار فور مغادرة نجاد بيروت، من خلال العودة إلى البحث في المواضيع الشائكة، وهي قد تتحول وبحسب بعض التوقعات لانقلاب، انتهت قوى «8 آذار» من رسم ملامحه.

في هذا الوقت، دعا نائب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، النائب جورج عدوان، رئيس الحكومة سعد الحريري، إلى «ممارسة دوره كاملا وإلى عدم الخضوع لعملية الضغط والتهويل التي تمارس في حقه، خاصة أنه يحظى بإجماع الطائفة السنية، وهو رئيس الأكثرية النيابية، وبالتالي يمتلك عنصري قوة يخولانه ممارسة دوره بعيدا عن أي ابتزاز من أي نوع كان».

وعما يحكى عن إمكانية استقالة الحريري، قال عدوان لـ«الشرق الأوسط»: «البلاد لا تتحمل استقالة الحكومة، خاصة أننا حريصون كل الحرص على الاستقرار، وعلى دوام عمل المؤسسات الدستورية، كما أن الكل يعلم أنه وفي حال استقال الحريري فمن المتعذر الإتيان برئيس جديد بعيدا عن الإجماع السني حوله». ووضع تلويح بعض وزراء المعارضة بمقاطعة الجلسات الحكومية في خانة «التهويل الذي ليس بمكانه الصحيح»، معتبرا أنه «ليس لدى قوى (8 آذار) القدرة على إسقاط الحكومة، لأن لا قدرة لها على تشكيل حكومة جديدة».

وفي ملف شهود الزور، قال عدوان: «سندفع بسرعة وبجهد أكبر من جهد المعارضة للمضي قدما في ملف شهود الزور بعد أن بات يستخدم كغطاء لأمور أخرى. سنحاول وبقدر الإمكان وبأقصى سرعة التقدم في هذا الملف، بغض النظر عن أنه سيتبين ومن الناحية القانونية أن هناك أصولا كان يجب أن تتبع». ولمن يتحدث عن انقلاب بعد زيارة نجاد، ولفت إلى أن «الهيكل إذا وقع سيقع على رؤوس الجميع، وبالتالي لا عاقل قد يقدم على خطوة كهذه أو مغامرة يعرف أين تبدأ ولا يعرف لا أين أو كيف تنتهي».

وفي موقف مفاجئ في الشكل والمضمون، طالب عضو كتلة المستقبل، النائب نهاد المشنوق، رئيس الحكومة سعد الحريري «بالاستقالة من منصبه لحفظ مكانة رئاسة الحكومة، ولعدم تشكيل حكومة أخرى إلا إذا كانت قادرة على الإنتاج». وقال «رئاسة الحكومة تتعرض كل يوم للهجوم، وأصبحت هذه الحكومة غير منتجة بسبب الصراع السياسي، وبالتالي فإنه بات مطلب البعض من الرئيس الحريري الانتحار سياسيا وليس التسوية، وهذا ليس مقبولا». وجزم المشنوق بأن «الحديث عن تشكيل حكومة جديدة من دون رضا سعد الحريري سيكون كلاما فارغا لا يؤدي إلى نتيجة، لأن الواقع على الأرض يقول إن الحريري هو أكبر رئيس كتلة وهو زعيم السنة الأوحد ولا يمكن لأي عاقل أن يفكر بتشكيل الحكومة من دونه». وبشأن ملف «شهود الزور»، قال المشنوق «هناك كذبة يتم تسويقها يوميا وهي كذبة شهود الزور، وهذه الكذبة هدفها تحويل أنظار الجميع باتجاه واحد وتغيير الموضوع الأساسي المتعلق بالجرائم التي حصلت في لبنان، بينما المشكلة الحقيقية هي في الاغتيالات التي حصلت وليس في موضوع شهود الزور». وأضاف «الرئيس الحريري تحدث عن شهود الزور اعتقادا منه أن هذه خطوة سياسية قد تفتح آفاقا إيجابية لكن تبين أن كلامه استجلب حملة وتعديا عليه في موقعه».

وبدا لافتا إجماع كل من حزب الله ووزير العمل بطرس حرب على أن «البلاد تقف اليوم على كف عفريت»، ففيما تمنى حرب أن «لا تكون الهدنة في لبنان غير مرتبطة بزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ولا بزيارات أخرى بل أن تكون دائمة»، وقال «إن البلد واقف اليوم على كف عفريت، ويجب استشعار خطورة الموقف وتحمل المسؤولين مسؤولياتهم». وأضاف «إننا نعيش أزمة لا يمكن إنكارها، في ظل وجود فريق من اللبنانيين متخوف من القرار الاتهامي، ونحن نتفهم هذا التخوف ونشعر بأن الموقف حرج». واعتبر حرب أنه «في حال رفضنا المحكمة الدولية وسقطت، نكون قد أعطينا ترخيصا للقتل لمن يشاء ولأي سبب يشاء وبالطريقة التي يريدها، وبالتالي حللنا القتل». وأكد حرب أنه «إذا تبين أن القرار الظني غير مستند على عناصر جدية وقرائن وأدلة جديرة للحكم عليها فسنرفضه، لا سيما إذا كان مستندا على شهود الزور، وإذا كان القرار الظني مستندا على أدلة غير سليمة ويتهم عناصر من حزب الله، فإن قوى (14 آذار) ستقف إلى جانب الحزب لمواجهة المحكمة الدولية، أما إذا صدر القرار وكان مبنيا على إثباتات، فهنا المشكلة».

في المقابل، شدد عضو المجلس السياسي في حزب الله الشيخ خضر نور الدين على أن «الحكومة معنية اليوم بحفظ لبنان عبر إبعاده عن أي لعبة أممية يحيكها له الأميركيون، فالحكومة التي كان عنوانها العام الاهتمام بقضايا الناس والقضايا المطلبية لم تعمل لها على الإطلاق بل ذهبت للتماهي مع بعض القرارات والرؤى الدولية التي فيها مصلحة الأميركيين». واعتبر نور الدين، أن «القضاء اليوم مغيب لصالح فئة مسيسة تعمل لمشروع دمر البلد ولا يزال مصرا على تدميره، وهذا القضاء يجب أن يستخدم لحفظ الدولة وهيبتها لا للدفاع عن عصابات ومزارع، وبالتالي فإنه يجب أن يعزل القضاء عن السياسة حتى يكون السياسي تحت سلطة القضاء لا العكس». ولفت نور الدين إلى أن «الهدف الأساسي من المطالبة بفتح ملف شهود الزور هو تحقيق العدالة وإيجاد قضاء مستقل ونظام قضائي يحفظ حقوق كل اللبنانيين، ولذلك فإن المزايدات في هذا المجال مستنكرة وغير مقبولة»، معتبرا أن «تشنج المشهد السياسي العام وتعقيده هو بفعل سياسات أناس معروفين يضعون لبنان اليوم على كف عفريت، هم باستطاعتهم أيضا أن يأخذوا البلد إلى التهدئة».

وتوجه رئيس حزب التوحيد، وئام وهاب لرئيس الحكومة بالقول: «لا يمكن أن تهددنا دائما بالفتنة وأن تخوفنا بها، فلنذهب مباشرة إلى الفتنة ولنرَ أين ستصبح أنت»، معتبرا أنه «لم يعد هناك من تسوية في لبنان بل سيكون هناك غالب ومغلوب، لأن من خلال ذلك سيكون الاستقرار»، وأردف «الحكومة ماتت، فهي في موت سريري ولكن لا أعرف متى الدفن».