مصدر قضائي لبناني يكشف لـ «الشرق الأوسط» عن أسباب موجبة تستدعي رد مذكرات التوقيف السورية

مزيد من المواقف السياسية تؤكد افتقادها للمنطق القانوني

TT

يبدو أن مسألة مذكرات التوقيف الصادرة عن القضاء السوري بحق 33 شخصا، معظمهم لبنانيون من الفريق السياسي والقضائي والأمني والإعلامي القريب جدا من رئيس الحكومة سعد الحريري، آخذة إلى مزيد من التعقيد بعد أن بعثت السلطات السورية نسخة عن هذه المذكرات إلى القضاء اللبناني أول من أمس للتعامل معها وتنفيذها.

وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «مذكرات التوقيف الصادرة بحق شخصيات لبنانية، سُلمت إلى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، وأن السلطات السورية تجنبت عمدا إرسالها إلى النيابة العامة التمييزية كما تقتضي أصول التخاطب بين القضاءين اللبناني والسوري، تجنبا لمخاطبة النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، باعتباره أحد الذين شملتهم مذكرات التوقيف»، ولفت المصدر إلى أن «الجانب السوري طلب تنفيذ مضمون هذه المذكرات وتوقيف الأشخاص المشمولين وتسليمهم إلى المرجع القضائي السوري الذي أصدر هذه المذكرات»، وأكد المصدر أن القضاء اللبناني «بدأ في إعداد إجابة قانونية على هذه المذكرات تستند إلى أصول المحاكمات الجزائية اللبناني، وإلى نصوص الاتفاقية القضائية اللبنانية السورية»، ولمح إلى أن «الإجابة ستكون مشابهة إلى حد كبير للإجابة التي رد فيها لبنان على مذكرات التبليغ أو ما عرف بالاستنابات السورية التي أرسلت إلى لبنان مطلع العام الحالي، واستدعي فيها الشخصيات اللبنانية للمثول أمام قاضي التحقيق في دمشق بناء على دعوى جميل السيد». وأشار المصدر القضائي إلى أن ثمة أسبابا موجبة تقتضي رد هذه المذكرات لعدم قانونيتها، ومنها:

أولا: عدم مراعاة صلاحية القضاء اللبناني الذاتية والمكانية، للنظر في دعوى جميل السيد، لكون المدعي والمدعى عليهم لبنانيين، كما أن الجرم المدعى به وقع على الأراضي اللبنانية بغض النظر عن صحة وقوعه أو عدمها.

ثانيا: عدم مراعاة الحصانات التي يتمتع بها الأشخاص المطلوب توقيفهم، وهي حصانات سياسية ونيابية وقضائية ووظيفية، فضلا عن حصانة الإعلاميين، وهذه إجراءات لا يمكن القفز فوقها أو تجاوزها بأي حال من الأحوال.

ثالثا: أن مذكرات التوقيف صدرت بناء على دعوى شخصية من اللواء جميل السيد، وليس بالاستناد إلى ملف قضائي معزز بوثائق وأدلة وإثباتات تسمح بتحريك الإدعاء ضد الأشخاص المعنيين بهذه المذكرات، مما يعني أن الإجراءات السورية منطلقة من خلفيات سياسية وليست قضائية أو قانونية».

إلى ذلك، تواصلت المواقف المنتقدة للمذكرات السورية، فلفت وزير العمل بطرس حرب إلى أن «القضاء اللبناني شامل الصلاحية على أي جريمة تحدث على الأراضي اللبنانية»، معتبرا أن «تحايلا على القانون حصل لإعطاء صلاحية لقاضي التحقيق في الشام للبحث في ملف شهود الزور وإصدار مذكرات توقيف بحق لبنانيين»، ورأى أنه «ليس مبررا عن من اعتبر أنه ظلم بالسجن 4 سنوات (جميل السيد) أن يبحث عن أي طريقة ليأخذ حقه، بل المبرر أن يبحث بالطريقة القانونية». وقال: «لا نقبل أن يلعب أحد بالعدالة»، مستغربا «ما نشهده لدى البعض من تنزيه القضاء إذا حكم لصالحه وتشويه صورته إذا حكم ضده»، معتبرا أن «أهم ضمانة في الحياة هي استمرار السلطة القضائية»، ورأى أن «لبنان كله يمر في امتحان صعب وليس العدالة فقط»، منبها إلى أن «القضاء لن يبقى قادرا على الحكم بعدالة بين الناس بالشكل الذي يتم الهجوم عليه فيه، فإما نعيد الاحترام للقضاء وإما العوض بسلامتنا».