اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية تصدر بيانا في الدفاع عن السيدة عائشة رضي الله عنها

دعت إلى محبة الصحابة والترضي عنهم والإمساك عما شجر بينهم

TT

أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية أمس بيانا في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، وأكدت اللجنة بعد الاطلاع على ما تناقلته وسائل الإعلام من القذف والسب والطعن في عرض زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، مكذبا للكتاب والسنة المطهرة وإحقاقا للحق ودفعا عن عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، الذي هو عرض النبي صلى الله عليه وسلم، «أنه من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة وجوب محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم والترضي عنهم، فهم الذين صحبوا خاتم الأنبياء والمرسلين، وهم الذين عايشوا نزول الوحي، وهم الذين مدحهم الله في كتابه وأثنى عليهم المصطفى عليه الصلاة والسلام في سنته، وكفى بذلك منقبة وفضيلة، قال الله تعالى «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»، وقال تعالى «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا»، وقال تعالى «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ».

وأضاف البيان أنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري ومسلم، أنه قال «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم»، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» متفق عليه، والأحاديث في تزكيتهم وذكر فضائلهم، جماعة وأفرادا، كثيرة جدا.

وأشار إلى أنه من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة «وجوب محبة آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ومعرفة حقهم وتنزيلهم المنزلة اللائقة بهم، فهم وصية رسول الله كما ثبت بذلك الخبر من قوله عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم (أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا)، وقد روى البخاري ومسلم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال (والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي)، وقال رضي الله عنه كذلك كما في صحيح البخاري (ارقبوا محمدا في أهل بيته)، ولا شك أن أزواجه وذريته عليه الصلاة والسلام من أهل بيته، ويدل على ذلك قوله تعالى (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب: 32 و33».

وشدد بيان اللجنة على أن من معتقد أهل السنة والجماعة «أن المرء لا يبرأ من النفاق إلا بسلامة المعتقد في الصحابة وآل البيت، يقول الطحاوي (ومن أحسن القول في أصحاب النبي وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق)»، وعددت اللجنة في بيانها جملة من مناقب السيدة عائشة، ومنها: مجيء الملك بصورتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سرَقة من حرير قبل زواجها به صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أريتك في المنام ثلاث ليال جاءني بك الملك في سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك فإذا أنت هي، فأقول إن يكن هذا من عند الله يمضه»، وأنها كانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صرح بمحبتها لما سئل عن أحب الناس إليه، فقد روى البخاري عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال فقلت أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة، قلت فمن الرجال؟ قال أبوها، وأن نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها من نسائه عليه الصلاة والسلام، وأن جبريل عليه السلام أرسل إليها سلامه مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: «يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته»، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يحرص على أن يمرض في بيتها، فكانت وفاته صلى الله عليه وسلم بين سحرها ونحرها في يومها، وجمع الله بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعاته في الدنيا وأول ساعة من الآخرة ودفن في بيتها، وإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها من أصحاب الجنة، فقد روى الحاكم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت «قلت يا رسول الله من مِن أزواجك في الجنة؟ قال أما إنك منهن، قالت فخيل إلي أن ذاك لأنه لم يتزوج بكرا غيري»، وما رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»، ونزول آيات من كتاب الله بسببها، فمنها ما هو في شأنها خاصة، ومنها ما هو للأمة عامة، فأما الآيات الخاصة بها التي تدل على عظم شأنها ورفعة مكانتها، شهادة الباري جل وعلا لها بالبراءة مما رميت به من الإفك والبهتان، وهو قوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ» إلى قوله تعالى «الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ» (النور)، وشدد البيان على أن قذفها بما هي بريئة منه «تكذيب لصريح القرآن والسنة يخرج صاحبه من الملة كما أجمع على ذلك العلماء قاطبة ونقل هذا الإجماع عدد من أهل العلم».

ودعا البيان، الذي حمل توقيع الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ رئيس اللجنة، وعضوية أحمد بن علي سير المباركي، وصالح بن فوزان الفوزان، ومحمد بن حسن آل الشيخ، وعبد الله بن محمد الخنين، وعبد الله بن محمد المطلق، وعبد الكريم بن عبد الله الخضير، كل مسلم إلى محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والترضي عنهم أجمعين، وتوقيرهم ونشر محاسنهم، والذب عن أعراضهم، والإمساك عما شجر بينهم «فهم بشر غير معصومين، ولكن نحفظ فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتأدب معهم بأدب القرآن».